كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

جميع الدول تبحث عن مصالحها فعلاً.. ولكنها ليست سواء

ابراهيم معروف

كثيراً ما يتكرر القول أن جميع الدول تبحث عن مصالحها، وهذا صحيح إلى حد بعيد. ولكن كثيرين يرمون من ترديد هذا القول وضع جميع الدول في موقع واحد، هو في الغالب موقع المعتدي، أو الطامع، أو المستعمر. ويكون التصرف الصحيح معها هو المعاداة دون تمييز. فهل يصح ذلك؟ وما هي الفائدة التي تجنيها الشعوب إن هي تصرفت وفق هذه النظرة؟
لتوضيح الموضوع أكثر أقدم هذا المثال:
الدول الصناعية تحتاج مصادر الطاقة من نفط وغاز. وهي تتسابق للحصول عليه في أماكن تواجده.
الشقيقة ليبيا من الدول الغنية بالنفط والغاز.
قبل الحرب العدوانية على ليبيا، كانت الإدارة الوطنية للقائد الشهيد معمر القذافي تعمل جهدها لوضع ثروات البلد في خدمة شعبها. وفي هذا الإطار أدارت الشركة الوطنية للنفط، وكان على رأسها المهندس شكري غانم، أحد أكفاء القيادات في مجال تسيير قطاع النفط والغاز. إدارة غانم وضعت ضمن استدراج عقود التنقيب والاستثمار، الموجهة للشركات العالمية، بنداً يفيد بأن أي شركة تخفض حصتها من الانتاج بنسبة معينة تربح نقاطاً مقابلة في سلم الترتيب، ويكبر حظها في الفوز بعقد التنقيب والاستثمار.
كانت الشركات الغربية تطلب عادة نسبة 49 %من الانتاج. جاءت الصين ونزّلت هذه النسبة بشكل كبير، وتمكنت من الفوز بعقود قبلت فيها نسبة 11 %. أكيد أن هذه النسبة تجعل الشركة رابحة، وتضمن تزويد الصين بما تحتاجه من نفط. بالمقابل فإن ليبيا تحقق فوائد أكثر بكثير من خلال هذا النوع من العقود. ولا يصح وضع الشركات الصينية والغربية في نفس الموقع. شركات أخرى كانت مضطرة لتقليد مافعلته الشركات الصينية الشركة الوطنية للنفط سوناطراك (الجزائر) أخذت عقداً في ليبيا بنسبة 18 %. بقيّ أن نشير إلى أن الإدارة الوطنية لقطاع النفط كانت من أسباب العدوان الأطلسي على ليبيا، لأن لوبي شركات النفط في البلدان الاستعمارية رأى في هذه الادارة تهديداً حقيقياً لمصالحها.
جميع الدول تبحث عن مصالحها فعلاً، ولكنها ليست سواء!