كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

صيني فقط بالإسم!

ثامر الحجامي- فينكس:

   استبشر العراقيون كثيراً بإعلان مجلس الوزراء، عن توقيع عقد مع الشركات الصينية لبناء 1000 مدرسة كمرحلة أولى، يتبعها بناء 3000 آلاف مدرسة في المرحلة الثانية، مما يشكل قفزة نوعية في العملية التربوية التي تحتاج إلى 8000 آلاف مدرسة على مستوى العراق، لاستيعاب الطلاب الذين يتزاحمون في الصفوف، كأنهم في أقفاص دجاج!

  كان الجميع ينتظر متلهفاً، وهو بين مصدق وغير مصدق، أن شركات أجنبية ستنفّذ مشاريع في العراق، متجاوزة الروتين وكل المعرقلات التي تقف بوجه تنفيذ المشاريع وفق المواصفات المطلوبة وضمن المدد المحددة، فأغلب المدارس التي بنيت قبل عشر سنوات أوشكت على الإنهيار، وهي بحاجة إلى ترميم وتأهيل بمبالغ تعادل بناءها، وربما يكون هذا المشروع هو المبادرة التي ستضع القطار على السكة الصحيحة، من أجل تنفيذ مشاريع أخرى في العراق.

  وقعت الشركات الصينية العقد مع العراق بمبلغ 2 مليار دولار، أي إن كل مدرسة ستكون كلفتها 2 مليون دولار، وهو مبلغ خيالي لبناء مدرسة ربما هو الأعلى في العالم! واستلمت التصاميم من المركز الوطني للإستشارات الهندسية، أي إن التصاميم كانت عراقية أبهرت الصينين بروعتها، ولا ندري هل إن كلفة التصميم من ضمن العقد، أم تدفعها الحكومة العراقية؟

  وبعد انتظار أشهر استلمت الشركات الصينية الأراضي المخصصة للبناء، رغم أن مواقعها لم تراع الكثافة السكانية ولا أعداد الطلبة، فمحافظة بابل التي يتجاوز عددها مليوني نسمة خصص لها 45 مدرسة، ومحافظة الديوانية الأقل كثافة سكانية أعطيت 63 مدرسة، وتوزيع الأراضي من قبل مديريات التربية كان خاضعاً للاجتهادات والعلاقات الشخصية، فتم تخصيص المدارس للمناطق الريفية، وتركت المناطق الشعبية المكتظة بالطلبة.

  كان من الطبيعي أن تأتي الشركات الصينية لتفيذ العمل، إستنادا على عنوان المشروع وتوقيع العقد، لكن تفاجأ الجميع ( ربما ليس كلهم ) بأن شركات ومقاولين عراقيين، هم من ستنفذون بناء المدارس، بعقود ثانوية مع الشركات الصينية، وبموافقة الحكومة العراقيةّ! وأن المشروع هو صيني بالاسم فقط، فالتصميم والتنفيذ عراقي، لكن الأموال في جيوب الصينيين !

وفق التصاميم لهذه المدارس فإنها مزودة بأحدث الأنظمة التربوية، من سبورات ذكية وشاشات تفاعلية، ومسابح وقاعات للعلوم والحاسبوب ومختبرات للصوت، وحدائق وأجهزة تبريد مركزي، لكن على ما يبدو أن ذلك لن يحصل من أجل تقليل الكلف والحصول على أكبر الأرباح، بل ربما سيكون حالها حال مشروع مشروع مدارس البناء الجاهز الذي لم يكتمل منذ عشر سنين.