كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

الدور المصري في غزة ضروري لاستمرار عمليات الاعمار

فاضل المناصفة- فلسطين المحتلة- فينكس:

وصلت مشاريع مصر في غزة الى مرحلة متقدمة، حيث باشرت شركة أبناء سيناء للتشييد والبناء في الأيام القليلة الماضية انشاء دار مصر في "الزهراء" و"جباليا" و"بيت لاهيا" كما تشمل هذه المرحلة تطوير التقاطعات الهامة لمدينة غزة وانشاء كبري في منطقتي الشجاعية والسرايا، وبالرغم من كل هذه الجهود التي تسابق بها الدولة المصرية الزمن لإصلاح ما دُمّر في المواجهة الأخيرة، إلّا أن نسبة ما جرى إعماره من المنازل المدمرة كلياً في عدوان العام الماضي 2021 بلغ 12% فقط. وتواجه المشاريع القطرية تأخراً خلافاً عن نظيرتها المصرية التي تسير وفق المخطط والحيز الزمني المحدد، بالمقابل تشهد مشاريع الأونروا تعثراً كبيراً وهو ما دفع المئات من الغزيين الى الاحتجاج أمام مقرها مطالبين بالإسراع في ملف الاعمار الذي يشمل 700 وحدة سكنية.

على مدى سنة حاولت القيادة المصرية الحفاظ على مكتسبات الهدنة التي ساهمت فيها بشكل مباشر بعد جولة المواجهة العسكرية الأخيرة بين حماس واسرائيل، كما مدت يدها لحماس للخروج من مخلفات الحرب الأخيرة التي دمرت جزءاً كبيراً من البنية التحتية وزادت من معاناة الغزيين، ولكن هذه الأخيرة حاولت أن تعكر صفو التقارب في شهر كانون الأول، حيث خرجت تصريحات متطابقة في وسائل إعلام عربية مختلفة منسوبة إلى قادة حماس، مفادها أن الحركة تتهم مصر بالمماطلة في تنفيذ تعهداتها، وتتعمد تأخير عملية الإعمار، واللافت أن هذه التصريحات كانت قبل يومين من تقديم وزير خارجية العدو الإسرائيلي لرؤية الاحتلال في خطة "الاقتصاد مقابل الأمن". لتضع العلاقات بين غزة والقاهرة.

تستمر مصر في دعم جهود الاعمار بالرغم من كل محاولات التشويش التي تقودها القوى الإقليمية الأخرى الفاعلة في غزة، والتي ترغب في تحجيم دورها في غزة وذلك من خلال الحملات الإعلامية المغرضة التي تسعى الى تقزيم الدور الكبير لمصر في ملف الإعمار، والغريب أيضاً أن حماس اتهمت مصر بالمماطلة في عمليات الاعمار، في حين أنها لا تفعل شيئاً من أجل التوصل إلى مسار سياسي واستقرار أمني، يمكن من تسريع نسق عمليات الإعمار، ولهذا فإن مصر غير مسؤولة على بقاء الوضع على حاله في ظل جاهزية الفصائل الفلسطينية إلى الانتقال للتصعيد ونسف الهدنة التي سعت لها مصر وقدمت لها غلافاً مالياً في ظل ظروف اقتصادية صعبة.

الحقيقة هي أن بعض قادة حماس يبدون تخوفاً من الدور المصري في غزة، ويخشون من أن أعمال إعادة الإعمار هي جزء من خطة لتمهيد الطريق لوجود أمني مصري دائم في قطاع غزة، لذلك تحاول حماس أن تبقى على مسافة أمان مع النظام في مصر، ولا تريد حماس أن تكون العلاقة أكثر من وساطة مع الاحتلال حينما يقتضي الأمر، بالمقابل تقدم تنسيقاً أمنياً لضمان استمرار فتح معبر رفح أمام الحركة السلع والأشخاص، مع أن مصر لها رؤية أخرى وتصور مغاير لتصور حماس: ان ما تقدمه مصر لغزة يصب في المصلحة المشتركة للطرفين، فمصر يهمها استقرار حدودها الشرقية، كما أنه حفاظ على التزاماتها بنصرة القضية الفلسطينية، و بهذا فإن دعمها للهدنة هو تأكيد على دور مصر كقوة راعية للسلام في المنطقة، ولا ننسى أن الدور المصري في غزة يحظى برضى الإدارة الامريكية وهذا ما جاء تأكيده مؤخراً عبر مستشار الأمن القومي الأمريكي الذي زار مصر، حيث أعرب سوليفان عن التقدير البالغ للإدارة الأمريكية تجاه الجهود المصرية الممتدة لإرساء السلام في المنطقة وجهود إعادة الاعمار في غزة.

إن تسريع عملية إعادة الاعمار مسألة مرتبطة بمدى قدرة حماس على الحفاظ على مكتسبات الهدنة بل هي لا تعني شيئاً إذا تجددت المواجهات مع الاحتلال الذي سيزيد من فاتورتها من خلال استهداف البنية التحتية، حماس اليوم أمام اختبار حقيقي يكشف ما إذا كانت قادرة على تحقيق وعودها للغزيين التي أطلقها "هنية" مباشرة بعد انتهاء معركة "سيف القدس" حيث وعد بإعادة إعمار ما دمره الاحتلال، فهل ستدعم حماس جهود الاعمار أم انها ستغامر بالملف بفتح مواجهة جديدة مع الاحتلال؟