حول حوار الكاتب نبيل صالح مع وزير التربية بخصوص التعديلات على المناهج
2025.01.06
نبيل صالح
التقيت يوم أمس مع مجلس قيادة إيزيدي سورية بطلب منهم وفي مقدمتهم المناضلة مزكين يوسف رئيسة المجلس و سرحان عيسى الناطق الرسمي باسم المجلس، حيث عادوا بالأمس من المهجر بعد خمسة عشر عاما مُنعوا فيها من دخول البلاد، وذلك بقصد التشاور والتعرف على المكونات السياسية السورية الناشطة على الساحة وإمكانية التشبيك معهم من أجل الحصول على حقوق الإيزيدين، الشعب السوري الأكثر مظلومية عبر تاريخ البلاد، فقد ظلموا وتمت شيطنتهم في ظل السلطات العثمانية ومن ثم العربية فالكردية، وسأفرد مقالة لاحقة حول ذلك.. وقد خرجت من الاجتماع في فندق البلو تاور للمشاركة في اعتصام مجموعة من المدرسين والأهالي دعت إليه الأستاذة والمربية روعة الكنج الدندشي في تمام الساعة الواحدة أمام وزارة التربية..
قبل وصولي تخيلت وجود قوات أمنية وهتافات لكني وجدت جمعا منظما يحملون لافتات بمطالبهم والكثير من كاميرات المحطات العربية تصورهم وتنقل تصريحات بعضهم كحدث مختلف في بلاد كان المنع فيها هو السمة الغالبة على نشاط الأفراد ..
دخلت إلى الوزارة ورأيت حشدا من موظفي الوزارة العالقين في مشاكلهم، بعضهم محق والآخر ليس كذلك.. انضممت إلى الصديقة روعة التي كانت تنتظر عند مدير مكتب الوزير المنشغل بحوار مع محطة الجزيرة حول التعديلات على المناهج والتي أثارت اعتراضات وتخوف السوريين.. وقد حولنا مدير مكتب الوزير إلى أحد معاوني الوزير الذي أخبرنا أنه التحق بالوزارة للتو قادما من إدلب.. بعد ربع ساعة دخل مدير مكتب الوزير وقال أن الوزير بانتظارنا وطلب من روعة فض الإعتصام، وقد حصل..
استقبلنا الوزير نذير القادري وجلس معنا وليس خلف مكتبه: شاب أنيق ولطيف، يرتدي لباسا أسود من دون ربطة عنق بلحية معتدلة مع حف الشاربين مثل كل المعاونين الجدد الذين شاهدناهم في مكاتب الوزارة أومديرياتها في المحافظات.. وكنت اتفقت مع روعة أن أتكلم في الخطوط العامة وتتحدث في التفاصيل، حيث ذكرت للسيد القادري أن اهتمامنا بموضوع تطوير المناهج ليس وليد اليوم وإنما يعود إلى العام 2018 حيث تعاونت مع مركز دمشق للأبحاث لإنجاز دراسة عن "مناهج التربية الدينية الإسلامية والمسيحية، نقاط القوة والضعف" شارك فيها أربعة باحثين وأنجزوا دراسة من 400 صفحة خلال ستة أشهر، ويفترض أن الملف موجود في أرشيف الوزارة، إذ تم اعتمادها في تعديل مناهج صفين مدرسيين ثم توقف العمل بها بتدخل حاسم من سلطات البعث الحاكم.. كما شرحت له أهمية أن تكون مادة الديانة أقرب إلى إسلام ماقبل المذاهب لتوافق كل الطوائف الإسلامية بحيث ترسل أبناءها إلى مدارس الدولة وهي مطمئنة، وأن التعديلات ستثير حساسيتهم فتكون عامل تفريق لااجتماع.. كما وجدت استجابة منه لطرحي فكرة استبدال التربية الوطنية بمادة المواطنة لتعريف التلاميذ بثقافتها بعيدا عن الآيديولوجيات الحاكمة، حيث يشكل الفرد القيمة العليا في دولة العدالة والمساواة..
في الحديث عن التعديلات كان السيد الوزير مرناً بعض الشيء واقترب خطوة منا و سجل بعض الإعتراضات ولم يستجب لبعضها الآخر كموضوع تعريف الشهيد بأنه من مات في سبيل الله وليس الوطن وكذا في موضوعة "المغضوب عليهم" حيث أوّل المعنى إلى أنهم اليهود والنصارى الذين خالفوا موسى والمسيح وليس عموم المسيحيين وأنه سيوجه المدرسين لإلزامهم بهذا الشرح.. كما سجل بعض الإعتراضات حول تعديل المعلومات التاريخية والفلسفية والفنية والعلمية بعد جدل، وبدا أنه متفهم لمخاوفنا ولكنا لانعلم مدى قدرته على إقناع الإكليروس الحاكم الذي يقف خلف هذه التعديلات التي أثارت تعجب الناس من أن حكومة الثورة بدأت أعمالها في تغيير المناهج بما يناسب آيديولوجيتها الإسلامية، بينما لاتزال رواتب الناس متوقفة وأبناءهم العسكريين عالقين في السجون من دون محاكمات أو محامين في الوقت الذي يسرح فيه المجرمون ويمرحون بيننا، إذا علمنا أن أكثر من 90% من السجناء الذين تم إطلاقهم من السجون هم لصوص ومغتصبون وقتلة وأنهم يشكلون الجزء الأكبر من الفوضى وانعدام الأمن في البلاد بحيث تبدو قضية تغيير المناهج ثانوية أمامها، والأولوية يجب أن تكون لحقن الدماء وحماية الممتلكات وصرف المعاشات وإطلاق سراح الموقوفين من دون محاكمات الأمر الذي قد يذكر الناس بسياسات الحكم البائد، وأن سياسة سادتنا في الإسلام مثل سادتنا في الجاهلية.. ولكم أن تتابعوا تفاصيل اللقاء في عدة حلقات على صفحة الصديقة روعة الكنج: