كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

عن "المركز الإحصائي السوري"!

زياد غصن- فينكس:

منذ عدة أيام، والسوريون يتناقلون عبر شبكات التواصل الاجتماعي أرقاماً، تتعلق بعدد المغادرين للبلاد خلال الفترة الأخيرة تبعاً للمحافظة ووجهة السفر.

الأرقام اللافتة تنسب إلى "المركز السوري للإحصاء"... فمن هو هذا المركز؟

هل المقصود به المكتب المركزي للإحصاء، لكن التسمية الدقيقة للمؤسسة الحكومية خانت أو غفل عنها من صاغ المعلومة الأولى قبل انتشارها على صفحات التواصل الاجتماعي؟

أم أن هناك جهة خاصة (مستقلة، معارضة، أهلية...) تحمل هذه التسمية فعلاً، وتعمل في مجال الإحصاء؟

منذ البداية اتجه اهتمامي نحو البحث عن الموقع الالكتروني أو الصفحة الخاصة بهذا المركز على شبكة التواصل الاجتماعي رغبة مني في الحصول على تفاصيل أكثر عن الأرقام الإحصائية المنقولة عنه من جهة، ولقناعتي أن المكتب المركزي للإحصاء يعتبر نفسه غير معني بوضعه الحالي بالقضايا الراهنة، التي تثير جدلاَ بين السوريين من جهة ثانية.

بعد بحث واسع على شبكة الانترنت، لم أجد ما يشير إلى وجود مثل هذه الجهة، الأمر الذي يعني أن هناك من أراد التأثير في توجهات النقاش المحلي الدائر حول زيادة معدل الهجرة، فلم يجد أفضل من طرح مجموعة أرقام غير صحيحة، ونسبها إلى جهة تختلط تسميتها في أذهان السوريين مع تسمية المكتب المركزي للإحصاء، فيظنون أن تلك الأرقام صادرة عن المؤسسة المخولة رسمياً بالأرقام والبيانات الإحصائية في بلادهم.

وهذا ما حدث بالفعل، بدليل أن اقتصاديين ومهتمين بالشأن العام تداولوا هذه الأرقام منسوبة إلى "المركز السوري للإحصاء"، هذا في وقت لم يكلف المكتب المركزي للإحصاء نفسه بتوضيح مدى دقة تلك الأرقام... أو نفي صدور أي أرقام عنه بهذا الخصوص!

وكي أكون موضوعياً في تحليل ما حدث، فإن المشكلة أبعد من مجرد أن هناك من يحاول استغلال ظرف ما لتحقيق مصالح ومآرب معينة، إذ أن غياب الشفافية والمعلومة المتعلقة بالشأن العام يمثل دوماً عاملاً مساعداً لانتشار المعلومات غير الصحيحة والشائعات...

فمثلاً، ما الذي يمنع المكتب المركزي للإحصاء من فرض حضوره الدائم وطرح بيانات وأرقام إحصائية تتعلق بالقضايا الراهنة المثارة داخلياً؟ وهل يعقل أن بلداً خسر الكثير من كفاءاته وخبراته ليس لديه إلى الآن تقديرات إحصائية عن ظاهرة الهجرة وتركيبها؟ ثم أين هي وسائل الإعلام الرسمية المفترض بها التقصي عن حقائق ما ينشر ويشاع محلياً؟

كما قلت سابقا، في مقالاتي وفي مذكرات رسمية أيضاً، إن هذه السطوة المخيفة لشبكات التواصل الاجتماعي وتأثيرها على حياتنا ومصادر معلوماتنا ما كان لها أن تحدث لولا إضعافنا، المقصود وغير المقصود، طيلة السنوات السابقة لوسائل الإعلام التقليدية، وتالياً فإن التحكم بهذه الوسائل الجديدة والحد من سطوتها، يبدأ من إعادة الاهتمام بوسائل الإعلام التقليدية ودعمها بالكفاءات والخبرات القادرة على تحقيق المطلوب.

هامش: أرجو ممن لديه أي معلومة ترشدني إلى حقيقة "المركز الإحصائي السوري" تزويدي بها.