كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

هنري زغيب يروي عن الأخوين رحباني

عاصي: بتعرف يا منصور... حابب أعمل بهالـ "قصيدة حب"، بدي أعمل "لوحة موشحات".
منصور: إي منعمل... سماع هالشعر.
حَـامِـلُ الْـهَـوَى تَعِبُ ... يَـسْـتَـخِـفُّـهُ الـطَّرَبُ
إِنْ بَــكَـى فَـحُـقَّ لَـهُ ... لَــيْـسَ مَـا بِـهِ لَـعِـبُ
عاصي: حلوة... لمين هاي؟
منصور: لأبو النواس.
عاصي: منيحة... حطها ع جنب. شو في كمان غيرها؟
منصور:
إذا جِئت فَاِمنَح طَرفَ عَينَيكَ غَيرَنا ..... لِكَي يَحسِبوا أَنَّ الهَوى حَيثُ تَنظُرُ
عاصي: حلوة... لمين هاي؟
منصور: عمر بن ابي ربيعة
عاصي: مناخدها كمان... شو في بعد؟
و هكذا واصل منصور إلقاء أبيات الشعر على عاصي، أبيات شعر من مختلف العصور ولمختلف الشعراء... و في النهاية، و كان منصور قد كتب قصيدة لإحدى السيدات الفاضلات، انتزع آخر بيتين من هذه القصيدة و تلاهم على عاصي. فسأله عاصي: و لمين هالبيتين؟ فأجابه منصور: بتعرف يا عاصي... اكتشفتلك شاعر جاهلي اسمو "الراعي النُميري"... هو اللي كتب هالبيتين. أما البيتان فكانا:
اذا كان ذنبي ان حبك سيدي... فكل ليالي العاشقين ذنوب
أتوب الى ربي وإني لمرةٕ ... يسامحني ربي إليك أتوب
أنتهى الرحابنة من تلحين "لوحة الموشحات" البديعة هذه، وأخذوها مع "قصيدة حب"، وذهبوا بها إلى بعلبك و قدموها هناك.
كان حاضر في تلك الأمسية رئيس الحكومة السابق "تقي الدين الصلح" وهو قبل أن يكون رئيس حكومة، كان صحفياً وكاتباً ومثقفاً.
بعد الإنتهاء صعد تقي الدين الصلح إلى خيمة عاصي ومنصور الرحباني وأبدى إعجابه بهذه الأمسية وبارك لهم بهذا النجاح وأطرى كثيراً على لوحة الموشحات وقال لهم:
بتعرفوا.. حبيت كتير لوحة الموشحات... بس بتعرفوا... وبيني وبينكم... هالبيتين الشعر اللي انقالوا بالأخير، حبيتهون أكتر بكتير من هدوليك الشُعرا. دخلكون... مين الشاعر إللي قال هالأبيات... ما عرفتو أنا؟
حينها تبسم عاصي و نظر إلى أخيه، وأدرك بأن أخاه منصور، قد لعب لعبته ولم يُخبره بالحقيقة آنذاك.

المصدر: الشاعر هنري زغيب