كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

محاورة دينية جرت بين الخليفة العباسي "المهدي" وبين مسيحي عام ٧٨١م

إلياس بولاد- فينكس

《المحاورة الدينية، التي جرت بين الخليفة العباسي "المهدي"، وتيموثاوس، الجاثليق المسيحي النسطوري في عام ٧٨١م
جرت، في القرون الثلاثة الأولى من تاريخ الاسلام، العديد من المحاورات والندوات الاسلامية- المسيحية، برعاية الخلفاء والولاة المسلمين وتشجيعهم وحمايتهم، ولكن هذه المبادرات الايجابية، تراجعت قليلا، ثم ما لبثت ان منعت الى يومنا هذا..
لا ننكر انه في الستينيات من القرن العشرين شكلت هيئة اسلامية مسيحية بلبنان دعت الى الحوار الاسلامي المسيحي، ولكنها بقيت هيئة أهلية بدون رعاية سياسية وكذلك بمصر برعاية جامعة الأزهر..
لقد اخترت من هذه المحاورة التي تعود الى القرن الثامن الميلادي بعض المسائل التي طرحها الخليفة المهدي على الجاثليق (البطريرك) طيموثاوس النسطوري.
-بسم الله الخالق الحي الناطق:
مختصر مسائل، وأجوبة، تكلم بها طيموثاوس الجاثليق، في مجلس أمير المؤمنين المهدي، مرات متفرقة.
قال المهدي: إنه لا ينبغي لمثلك، مع ما أراه من فهمك أن تقول: إن الله اتخذ صاحبة أو ولد منها ولدا!؟
فقلت (تيموثاوس):
ومن يجترئ أن يفتري على الله بمثل هذه الفرية!؟
قال: فكيف اقرارك بالمسيح؟
قلت: انه كلمة الله الطاهرة، في بشر منا لخلاصنا.
قال: أفما تقول إنه ابن الله؟!
قلت: بهذا شهد الانجيل والتوراة والأنبياء، ولكنها ليست بنوة جسدانية، بل ولادة إلهية، أزلية عجيبة لا تعقل كيفيتها لأن الله لا تدرك ذاته ولا كيفية اتصافه بصفاته وإنما تؤمن به، على ما في كتبه، الثابت صدقها. وأما المثال فكولادة الكلمة من النفس وتولد الضوء من الشمس.
-قال: ألستم تزعمون أنه ولد من مريم؟
قلت: أما من حيث هو الكلمة فمولود من مريم العذراء في زمن محدود معروف بغير جماع ولا انفكاك عذريتها.
قال: أما حبلها من غير جماع فمكتوب معروف، وأما ولادتها مع بقاء عذريتها فكيف يمكن!؟
قلنا: أما بالنسبة الى عادة طباعنا فلا تحبل امرأة بغير جماع، ولا تلد مع بقاء عذريتها، وأما بالنسبة الى قدرة الله، فالأمران متيسران، وكما أمكن أن تحبل بغير جماع أمكن أن تلد مع بقاء العذرية، والمثال من الكتاب: خروج حواء من جنب آدم ولم ينشق، ومن الطباع تولد الشعاع من عين الشمس ولا تنشق..
- قال: وكيف ولد الأزلي ولادة زمنية؟
قلت: ولد من مريم بجوهره البشري، لا بجوهره الأزلي.
قال: إذن هو اثنان.
قلت: مع اقرارنا بأنه واحد لا اثنان لسنا ننظر أن الجوهرين اثنان، لكنهما مسيح واحد ابن واحد (كما ان الانسان واحد) بتركيبه وصورته ووجهه وهو اثنان لأن نفسه روحانية خفية وبدنه جسداني ظاهر، وكذلك كلمة الله ظع ناسوتها وجه واحد بلا انفصال ولا امتزاج بين الجوهرين.
- قال: تقر بالاب والابن والروح القدس؟
قلت: نعم.
قال: ثلاثة الهة؟
قلت: هذه الاسماء عندنا تدل على أقانيم لإله واحد. كما أن أمير المؤمنين وكلمته وروحه واحد لا ثلاثة، مختلفة من غير انفصال كلمتك وروحك منك. كذلك الله مع كلمته وروحه إله واحد لا ثلاثة آلهة، لأنه لا انفصال لكلمته وروحه منه، وكذلك الشمس مع شعاعها وحرارتها شمس واحدة لا ثلاثة شموس!
- قال: إذا كان المسيح هو رئيسك وهاديك قد اختتن فلم لا تختتن!؟
قلت: إنه ختن وهو ابن ثمانية أيام على سنة موسى والختانة بداية سنة موسى. ثم اعتمد وهو ابن ثلاثين سنة، والمعمودية هي بداية سنته، وأبطل بالمعمودية الختان.
قال: إن كان أبطل سنة موسى فهو ضد لها.
قلت: كما أن نور الشمس إذا ظهر يبطل نور الكواكب وإن لم يكن بينهما تضاد، وأكل الطعام يبطل أكل الرضاع ولبس الأكل الراضع متقدماً مضاضاً لنفسه، كذلك أبطل المسيح التوراة بالإنجيل ولا تضاد بينهما.
-قال: فمن هو الفارقليط؟
قلت: هو الروح القدس، كما شهد الإنجيل، إنه روح الحق الذي ينبعث من الأب وقال المسيح إنه يرسله الى تلاميذه إذا مضى الى الأب، فالفارقليط ينبعث من الاب، ويأتي من السماء والمسيح يرسله.
ومحمد من آدم وما أتى من السماء ولا أرسله المسيح، والفارقليط هو مع تلاميذ المسيح وفيهم كما قال في الانجيل.
ومحمد ليس كذلك، وهو علم التلاميذ الشريعة المسيحية التي علموها للناس. ومحمد علم خلافها. والفارقليط هو روح الله ومحمد ليس هو روح الله.