كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

البتراء وقصة الخروج الخرافي لبني اسرائيل من مصر

لطفي السومي- فينكس:

 مهداة إلى أبناء وبنات شعبنا العربي الأردني و إلى الدكتورة رلى الحروب والدكتورة مها الخطيب بصورة خاصة.
أودّ في هذه الدراسة أن أبيّن أن الباطل الذي يحاول الصهاينة ترويجه حول البتراء و أم صهيون (أم صيحون) ومقام هارون و انتماء عشيرة البدول إلى أصل يهودي هي مجرد أباطيل قامت على كذبة توراتية، سأقوم بتفنيدها، خاصة و أنها قد سقطت في العالم الأكاديمي والآثاري حتى بين جل علماء الآثار الاسرائيليين.
أبدأ أولاً بقصة هجرة يعقوب و أولاده (الأسباط ) الاثني عشر إلى مصر إذ تنص التوراة (جميع نفوس بيت يعقوب التي جاءت إلى مصر سبعون) تكوين ٤٦ : ٢٧. من هنا تبدأ المشكلة، إذ تنص التوراة على أن هؤلاء السبعين قد تحولوا إلى ٦٠٠٠٠٠ رجل خلال أربعة أجيال (فارتحل بنو اسرائيل من رعمسيس سكوت نحو ستمائة ألف ماش من الرجال عدا الأولاد) خروج ١٢ : ٢٧ ، ٢٨)، فإذا كنا قد بدأنا بكذبة كبيرة فلا بد أن ننتهي بمحيط من الأكاذيب.
تدفق علماء الآثار الاسرائيليون على سيناء بعد هزيمة العام ١٩٦٧ من أجل البحث عن خطى أجدادهم على أرضها، وقاموا بمسح لم يسبق له مثيل لكل المناطق الواردة في قصة الخروج مثل قادش برنيع و عصيون جابر ومواقع أخرى سيجري ذكرها فماذا كانت النتيجة؟
يقول اسرائيل فنكلشتاين رئيس قسم الآثار في جامعة بار ايلان في تل أبيب و الآثاري الأهم في اسرائيل عن ١) تنقيبات قادش برنيع (ولكن التنقيبات والاستطلاعات الأثرية المتكررة لحد الآن في كافة أنحاء المنطقة لم تفلح في تزويدنا حتى بدليل واحد على الأقل لنشاط حياتي في العصر البرونزي المتأخر (مرحلة الخروج)، فلم يتم اكتشاف حتى مجرد شقفة فخار وحيدة تركتها وراءها جماعة صغيرة جداً من اللاجئين الخائفين الهاربين (كتاب التوراة مكشوفة ص٩٨) مع أن الهاربين قد مكثوا ٣٨ سنة في قادش برنيع، كما نجده يقول عن نتائج عصيون جابر (لا أثر مطلقاً لوجود استيطان في هذه المنطقة خلال الفترة المتأخرة من العصر البرونزي).
٢) كما تروي قصة الخروج عن الاشتباك مع الملك الكنعاني عراد الساكن في الجنوب، إلّا أن التنقيبات في تل عراد قد بينت أن المدينة لم تكن قد وجدت بعد في مرحلة الخروج.
٣) كما دلت التنقيبات في تل حسبان (حشبون عاصمة سيحون ملك العموريين) والذي منع الاسرائيليين من المرور حسب سفر العدد ٢١: ٢١ - ٢٥) بأن مدينة حشبون لم يكن لها وجود في مرحلة الخروج المزعومة، وكذلك الأمر بالنسبة لملوك أدوم (نفس المصدر ص ١٠٠).
ويختم فنكلشتاين بالقول (لسوء حظ أولئك الذين يبحثون عن حادثة خروج تاريخية، لم تكن المواقع مسكونة - بالتحديد - في ذلك الوقت الذي يروى أنها لعبت فيه دوراً في أحداث تيه وتجوال بني اسرائيل في البرية (نفس المصدر ص١٠٠)، فهل بقي مجال للحديث عن هرون ومقامه أو عن رحلة الخروج المختلقة. فلا موسى ولا هارون ولا ما يسمى بنو اسرائيل قد مروا عبر الأردن الى فلسطين التي ثبت أيضاً كذب قصة يشوع بن نون والدخول الحربي إلى كنعان.
و أخيراً أقول مخاطباً أبناء شعبنا الأردني الأصيل: إذا كان بينكم من يصر على صحة قصة الخروج التوراتي فما رأيه فيما تقرره التوراة إن المؤابيين والعمونيين أجدادكم هم أبناء زنى المحارم، حيث أنجب لوط ابنه مؤاب من ابنته الكبرى، و أنجب بن عمي (جد العموميين) من ابنته الصغرى (تكوين١٩: ٣٠)، فهل يقبل أحدكم أنه ابن زنى المحارم.
إن كل هذا الهراء، مضافاً إلى اختلاق المشترك الابراهيمي، وكل هذه الهجمة التطبيعية المدانة هي حلقات في محاولة فرض شرق أوسط اسرائيلي على وطننا.