المربعانية وسقوط الجمرات موروث شعبي وحقائق علمية

مها حامد محفوض – خاص - فينكس

في تاريخ "سورية" القديم، ونتيجة الخبرات المتوارثة عبر الأجيال، ارتبط الكثير من المعارف لديهم بالتقويم الزراعي المعتمد على تقلبات الطقس.

فصل الشتاء الذي يمتد لفترة /90/ يوماً يقسم إلى قسمين، أولهما "أربعينية الشتاء" أو ما يسمى باللهجة المحلية "المربعانية" والتي تمتد لـ /40/ يوماً، وهي أيامٌ يهتم بها الفلاحون لما تبشر به من موسم زراعي جيّد، وتبدأ "أربعينية" الشتاء في /21/ كانون الأول، وتمتد حتى نهاية كانون الثاني، وهي من أكثر أيام السنة برودةً وتساقطاً للأمطار والثلوج، بحسب المدرس والجغرافي أ. "سامي حسن" في حديثه لمنصة فينكس 20/ 2/ 2022والذي يشير إلى أن ليلة بداية "المربعانية" هي أطول ليالي السنة بالنسبة للنصف الشمالي من الكرة الأرضية، وبالمقابل هو كذلك أقصر نهار في السنة كلها.

ويضيف أ. "حسن" أن القسم الثاني فيسمى "خمسينية الشتاء"، وتمتدّ لـ /50/ يوماً، حيث تبدأ من تاريخ /31/ كانون الثاني حتى /21/ آذار، مبيّناً أن "الخمسينية" تقسم إلى /4/ أقسام متساوية، كل منها يمتدّ لـ /12/ يوماً ونصف اليوم، وسميت الأقسام الـ /4/ بـ "السعود الأربعة" وهي "سعد الدابح" و"سعد بلع" و"سعد السعود" و"سعد الخبايا"، لافتاً إلى أن هناك ما يعرف أيضاً بالأيام المستقرضات، وهي /7/ أيام، وأيام الحسوم التي تبدأ في /11/ آذار وتنتهي في /16/ منه.

ولبداية شعور الناس بالدفء، وبدء خروج الحياة من باطن الأرض وبرعمة بعض أنواع الأشجار حكاياته التي ارتبطت بالموروث الشعبي، وهذه الفترة تسمى بفترة سقوط الجمرات الثلاث.

ومن أشهر القصص التي وردت عن سقوط الجمرات، أن الناس اتخذوا قديماً أخبيةً ثلاث في فصل الشتاء، فالمخبأ الأول خُصص للإبل، والثاني للغنم، أما الثالث فاتخذوا منه مسكناً لهم، وفي كل مخبأ تشعل الجمرات للتدفئة، فإن كان السابع من شباط، تُطفأ جمرة مخبأ الإبل ويُخرج بهم إلى الصحراء، وبعد أسبوع تطفأ جمرة مخبأ الغنم وتُخرج الأغنام إلى الصحراء أيضاً، وما إن يمضي أسبوع ثالث تطفأ الجمرة الثالثة ويخرج أهل البيت إلى الصحراء أيضاً، وهنا تسقط الجمرات الثلاث.

إذاً سقوط الجمرات هو مؤشر لبداية الدفء وانكسار برد الشتاء، فالجمرة الأولى تسمى "الصغرى" وتسقط في تاريخ /20/ شباط، أما الثانية "الوسطى" فتسقط في الـ /27/ منه، والجمرة الثالثة "الكبرى" تسقط في /6/ من آذار.

وعن التفسير العلمي لسقوط الجمرات يقول د. "رياض قره فلاح" أستاذ علم المناخ لمنصة "فينكس" 20/ 2/ 2022: «يحدث في هذا اليوم تعادل بين ما تكتسبه الأرض من الإشعاع الشمسي، وما تفقده من الإشعاع الأرضي، وبعد تاريخ /20/ شباط تبدأ الأرض باكتساب حرارة أكثر من التي تفقدها، لذلك اعتبر هذا اليوم موعداً لسقوط الجمرة الأولى».

وقد ارتبط سقوط الجمرة الأولى بظهور وبداية دورة حياة جديدة لدودة "الربيع"، التي يدل ظهورها على ارتفاع درجة حرارة الأرض، كذلك وبحسب د. "قره فلاح" فإنه خلال النصف الثاني من شباط والنصف الأول من آذار يزداد التبخر بشكل كبير من الأرض المحروثة جيداً، حيث يتصاعد البخار كأعمدة الدخان عندما تكون الأرض رطبة بعد هطول أمطار غزيرة، وهذا ما اعتبره القدماء مؤشراً على ارتفاع حرارة الأرض وتراجع حدّة البرد على مراحل ثلاث سُميت بـ "الجمرات".