كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

أبو سعيد ميمون بن القاسم الطبراني "قدس" (350-435هـ)

من كتاب (المغمورون القدامى في جبال اللاذقية) - علي عباس حرفوش، الكتاب مطبوع مرتين في سورية


وُلد قدّسه الله في طبريَّة، البلدة المشهورة في فلسطين الواقعة على شاطئ البُحيرة.
حفظ القُرآن وختمه وهو بعد لم يتجاوز 9 سنين. لقي الخصيبي والجُنبلاني، وعنهما أخذ معارفه في الدّين، وتفقّه عليهما. كان زاهدًا في الدُّنيا، دأبه العلم والمعرفة، وله جهاد كبير، وفضل عظيم على الطّائفة، فقد حارب البِدَع، والمعتقدات الفاسدة، فاشتهر بالجدال الذي دار بينه وبين إسماعيل بن خلاد (أبو ذُهيبة) وحاججه وهما في دُكّان خيّاط، فتناول أبو سعيد الكُرسي وضرَبَ به إسماعيل بن خلاد على أمّ رأسه.
ذكرهُ أبو الخير سلامة الحَدّا، وأبو صُبح الدّيْلَمي وأثنيا عليه، وتوسّع الدّيلمي في ترجمته، وأتى له بقطعة شعر موجودة في كتاب "هداية المُستَرشِد"، ومدحه عُلماء عصره كالخبّاز الصّوري (ت. 1025 م)، الذي قال فيه:
إن كنت من صور عزمت رحيلا - فلتتركن في القلب منك غليلا
إلى قوله:
عند السعيد أبي سعيد شيخنا - وفقيهنا و حسامنا المسلولا
و قال في أبي ذهيبة إسماعيل بن خلاد:
لولاك يا شيخ الديانة والحجا - من كان أردى الوغد إسماعيلا
من كان كذبه و بدد شمله - من كان صيَّر عرضَهُ مبذولا
إلى قوله في خاتمتها:
خُذها مِنَ الخبّاز و اقبل عُذْرَه - فالعُذر كان لمثله مقبولا
ورثاه عيسى الأديب البانياسي (ت. 1020 م) الذي كان تلميذه، فقال:
دَمعٌ تَحدَّرَ من صميم فؤادي - في دِمْنَتَيْن لزينب وسُعادِ
هطلاً وسَحًّا بالفِراقِ كلاهُما - والشّوق مطروحٌ على الآبادِ
يا دار هند إن راعتكِ النّوى - بحُلول بين أو ترنّم حادِ
فلقد أراعَت مسمعي ولواحظي - وحُشاشتي وخواطري وفُؤادي
ميمون أيمن ماجد مُتأدِّب - يَعلو على النُّظراء والأنداد
لولاه في طبريَّة هلَكَ الأُلى - فيها من الآباءِ والأجدادِ
ولكان توحيد الإلاه بجمعِه - بالشِّرك مقرونًا وبالإلحادِ
لكنّها اقتنعَت بِصائِبِ عِلْمِهِ - وبِرأيِه عن سائِرِ الأضدادِ
إنّي وليُّك في الدِّيانَةِ لم أزَل - أحبوك أهل محبّتي ووِدادي
عيسى الأديب البانواسي الّذي - يُسمّى بابن السيِّد البغدادي
شِعري مليحٌ بالسّعادَة مُشرِقًا - كنُضارة الأيّامِ بالأعيادِ
تُوفِّي أبو سعيد إثر مرض ألمّ به، فحزن عليه أهل التّوحيد جميعًا، ورثاهُ أبو علي الحسن بن سُرور، على وزن مرثيّة عيسى البانياسي.
ومؤلّفاته كثيرة، تبلغ نيف وعشرين كتابًا، نذكر منها: "البحث والدّلالة عن مُشكل الرِّسالة (المقصود رسالة الشيخ)"، وفيها يذكر تلاميذ الخصيبي، و"مجموع الأعياد" (منشور في مجلّة "دير إسلام" Der Islam) وله رسالة لطيفة أسماها "راحة الأرواح" نصّ فيها على يوم الغدير، و"الرِّسالة النّجميّة" في الرّد على الملعون أبي ذهيبة إسماعيل بن خلاد، وله "رسالة البُطون والظُّهور" في التّجليات الذاتيّة، و"النّعيمة"، "وروضة النّاظرة"، و"كتاب الحاوي بمعرفة الفتاوي"، و"الفذلكة المنجية من المَهلَكة"، و"الأسرار في معرفة الآثار"، والطّرق في الفِرَق"، و"الجامع في المُعتبر والقانع"، و"القدّاسات السّبعون"، و"كنز الحياة"، و"مسائل العطّار"، و"الجِسْرِيّة"، و"الألفاظ الدُّريَّة والغُرَر البَدرِيَّة"، و"الدّقائق في الفرق بين المخلوق والخالق"، كما ذكر له جلال الدين بن مِعمار الصّوفي نيِّفًا وعشرين كتابًا، وله مقطوعات شعريَّة جميلة، نورد منها هذه الأبيات:
أبرا إلى الرحمن من معشر - غلوا فلمّا أن غلوا قصّروا
لمّا تناها عقد توحيدهم - لله صدّوا عنه واستَكبَروا
وخالفوا نجل الخصيبي الّذي - رُتْبَته في العِلم لا تُنْكَرُ
قالوا بأنّ الأزل الفرد لا - يَظهَرُ للخَلْقِ ولا يُنْظَرُ
وله قدّسه الله قصائد أخرى بديعة في علم التّوحيد سأورد بعضها قريبًا.

من صفحة (Abu Ali Talluza)

مواد ذات صلة: علي حسن: اضاءة على تاريخ "أبو سعيد ميمون" http://www.fenks.co/%D8%A8%D9%84%D8%A7-%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%B3%D8%A9/%D8%AB%D9%82%D8%A7%D9%81%D8%A9/11453-%D8%B9%D9%84%D9%8A-%D8%AD%D8%B3%D9%86-%D8%A7%D8%B6%D8%A7%D8%A1%D8%A9-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE-%D8%A7%D8%A8%D9%88-%D8%B3%D8%B9%D9%8A%D8%AF-%D9%85%D9%8A%D9%85%D9%88%D9%86.html