كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

الآراميون - الحلقة الاولى

لطفي السومي- فينكس:

 مقدمة: لقد درجت شعوب منطقة شرق المتوسط على تكرار عملية تبدأ من صحراء بادية الشام، ثم تتمدد عبر مئات السنين الى أطراف المناطق الحضرية المأهولة لينتهي بها المطاف الى الاستقرار والتحضر الذي يقود الى مزيد من القوة، بحيث يستغل القادمون الجدد التراجع والشيخوخة التي تنتاب الممالك الاقدم لكي تنقض على بقاياها المتهالكة وتقيم كياناتها وممالكها الخاصة بها.
هكذا بدأ الاكاديون في الالف الثالث ق. م في بلاد سومر، وهكذا تكررت العملية مع البابليين (العموريين) والاشوريين والكلدانيين في بلاد الرافدين، وهكذا سنجد العملية تتكرر في غرب بادية الشام مع الاراميين ومن قبلهم، الكنعانيين والعموريين اذ انتقل الاراميون من حالة البداوة الى حالة الممالك المستقرة خلال ما يزيد عن الف سنة.
البدايات: ظهرت الصورة الاولى لاسم آرام من خلال نقش مسماري للملك الاكادي نارام - سين في القرن ٢٣ ق م وتكرر هذا الظهور باشكال مختلفة في الاعوام ٢٠٠٠و ١٧٠٠ ق م واخذ هذا الظهور يتزايد في النصف الثاني من الالف الثاني ق. م، واقترن اسمهم باسم الاخلامو او الاحلامو، ويذكر سبتينو موسكاني في كتابه، الحضارات السامية القديمة ص٧٧ “وتتفق النقوش الاشورية التي ذكرناها في الصورة التي تعطيها عن الاراميين، فهم كغيرهم من الشعوب السامية يظهرون في التاريخ اولا بدوا تتفق حركاتهم وانتقال البدو الان في مواسم معينة من اطراف الصحراء الى المناطق المستقرة“.
انتقل هؤلاء البدو بصورة تدريجية الى حالة الاستقرار وقيام كيانات حضرية خاصة بهم مستوعبين من سبقوهم، وقد ترافق ذلك مع تراجع قوة الامبراطورية الاشورية في القرنين ١١ و ١٠ ق. م وانشأوا عددامن الممالك منها: بيت عديني (تل برسيب) وبيت بحياني (تل حلف) ومركزها جوزانا وبيت يكيني في الجنوب وسمأل في كليكيا، كما اسسوا في الشمال ايضا بيت أجوشي (أرفاد وحلب) وانشأوا في الجنوب ممالك حماه وصوبا ودمشق وعدد آخر من الممالك الاخرى، ومن الملاحظ ان كل هذه الممالك ترتبط بشخص او عائلة، اي ان الآراميين لم يفلحوا في إنشاء مملكة موحدة تضم كل هذا الشتات على هذا المدى الواسع .
مع نهاية القرن العاشر وبداية التاسع ق. م نهضت آشور من جديد، وكما ارتبط صعود الاراميين بتراجع الاشوريين فان تراجع الاراميين بل وانهيارهم قد ترافق مع صعود الاشوريين مجددا حين قام كل من أدد نيريري وآشور ناصر بال الثاني في النصف الاول من القرن التاسع ق. م بالقضاء على الممالك الارامية في بلاد الرافدين، ثم توجه شلمنصر الثالث الى بلاد الشام وواجه حلفا مكونا من عدد من الممالك بقيادة دمشق وحماه واسرائيل الكنعانية وذلك في معركة قرقر في سهل العمق في العام ٨٥٣ ق. م، ورغم ان شلمنصر قدسجل على المسلة السوداء انتصاره الحاسم على هذا التحالف الارامي - الكنعاني، إلا ان عودته دون ان يدخل هذه الممالك التي واجهته يدل على ان النصر لم يكن حاسما لاي من الطرفين.
عاود الاشوريون الهجوم على الممالك الشامية ثانية فاسقطوا أرفاد وسمأل، كما اسقطوا دمشق عام ٧٣٢ ق. م وحولوها الى ولاية اشورية، كما اسقطوا شكيم عاصمة مملكة اسرائيل الكنعانية عام ٧٢١ - ٧٢٢ق. م.
انتهى الوجود السياسي للاراميين، ولكن هذا الانهيار لم ينعكس على لغتهم التي بقيت لغة التخاطب بين الناس من جهة ولغة للتجارة والخطاب الديبلوماسي من جهة اخرى، وساهم الاحتلال الفارسي في انتشارها كلغة للتجارة والديبلوماسية على مدى الامبراطورية الفارسية التي امتدت بين الهند شرقا ومصر الى الجنوب الغربي، حيث ان الفرس لم يكن لهم لغة مكتوبة في تلك الحقبة، واستمر ذلك حتى الحقبة اليونانية عندما أحل المحتل اليوناني لغته محل الارامية في الدوائر الرسمية والتجارية، دون ان تفقد الارامية وجودها كلغة تخاطب بين السكان في المناطق الارامية والكنعانية والعربية والعبرية (شفة كنعان)، ولقد ساهم كون الارامية لغة السيد المسيح وكونها اللغة الطقسية للمسيحية في ديمومتها، خاصة وانها قد اختصرت الابجدية الكنعانية وجعلت حروف الارامية ٢٢ حرفا بدلا من ٣٠ حرفا في الكنعانية (الفينيقية).
واما ديانة الاراميين فقد كانت شبيهة بغيرها من ديانات شعوب المنطقة اذ كان الاله حدد هو الاله الرئيسي وكان يصور على ظهر ثور ويمسك بكل من البرق والفأس.
وأما تسمية السريان فقد ظهرت لتمييز السكان الذين اعتنقوا الديانة المسيحية عن بقية السكان الذين استمروا على الديانات القديمة، وذلك بعد كل من مرسوم ميلانو الذي اعترف بالديانة المسيحية عام ٣١٣ م ومجمع نيقيةالذي اعتبرها الديانة الرسمية للدولة عام ٣٢٥ م، وبالتالي فإن تسمية السريان قد شملت المسيحيين من الاثنيات الارامية والكنعانية والعمورية والعربية دون أي تمييز، أي مجمل سكان بلاد الشام المسيحيين.
ساقدم في الحلقة الثانية كيف تثار عوامل انهاء الانتماء القومي للامة من خلال إثارة عصبيات تاريخية على المستوى القومي ،الى غير ذلك من العوامل.
وجهة نظر عن سبب نجاح عدد غير مسبوق من حزب جبهة العمل الإسلامي في الانتخابات البرلمانية في الأردن
كأنّ الغرب الأوربي الأمريكي بصدد فرض طبعة جديدة مزيدة ومنقحة من مؤامرة "الربيع العربي"؟
محاولات لتدبير انقلاب في أنغولا.. هذه هي الرواية كاملة
حوار في الجيوبوليتيك.. مقاربات كمال خلف الطويل
حوار المناضل والكاتب السياسي عدنان بدر حلو مع مجلة الهدف
الفلسطينيون والخلل في نهج المقاومة وفي المفاوضات
لماذا حدثت انقلابات خمسينات القرن الماضي؟
دراسة لصلاح جديد حول مشروع الوحدة المقترحة بين العراق وسورية 1979
لمناسبة الذكرى المئوية لتأسيس الحزب الشيوعي السوري.. منظمة كفربو- كيف سقينا السنديانة الحمراء
قسد تسقي "اسرائيل".. والحكسة تموت عطشاً!
حول المسألة الكردية
التعبئة والفساد.. اوكرانيا تحكمها عصابات
حوار تحليلي معمق مع الدكتور حسن أحمد حسن.. إعداد محمد أبو الجدايل
حركة هواش بن اسماعيل خيربك ١٨٤٦-١٨٩٦ م
حوارات السوريين.. بين مؤيدين للدولة ومعارضين لها