كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

مقدمات ظهور جمهورية ألمانيا الديمقراطية

د. عبد الله حنا- فينكس:

مقدمات ظهور جمهورية ألمانيا الديمقراطية
وريثة النضال الأصيل للحركة العمالية الألمانية
الحديث عن جمهورية ألمانيا الديمقراطية (1949 – 1990)، التي عاجلها الزمن والتطورات العالمية مع أفول نجم الاشتراكية، ولنقل آملين لمدة وجيزة، يرمي إلى توضيح الأمور التالية:
- كان قيام ج أ د حصيلة المسيرة التاريخية الزاخرة للحركة العمالية الألمانية، وليس فقط نتيجة للوجود السوفيتي، الذي حطّم الهتلرية بالتعاون مع الخلفاء وفتح الطريق للتطور السلمي في ألمانيا..
- كان البناء الاشتراكي في ج أ د أفضل من جميع البلدان المعروفة بالمنظومة الاشتراكية..
- تربية الأجيال الناشئة تربية انسانية معادية للحروب ومُحبَة للشعوب..
- كان العامل الخارجي والوضع، الذي آلت إليه بلدان ما عرف بالمنظومة الاشتراكية السبب الأساس في هزيمة ج أ د..
- سور برلين يشبه المتاريس، التي أقامها ثوار العالم في الشوارع لردّ هجمات جيوش الطبقات الحاكمة المستغِلة.. وانهيار السور هو إحدى مشاهد الصراع الدائر تاريخيا بين المضطهِدين والمضطهَدين. ويجري حاليا استغلال ديماغوجي لسقوط سور برلين واعتبار ذلك نهاية التاريخ المزعومة.
- الحرب الباردة مصطلح هدفه صرف الأنظار عن الصراع الطبقي التاريخي القائم منذ ظهور المجتمعات الطبقية بين المستثمِرين والمستثمَرين. والحرب الباردة بين المنظومتين الاشتراكية والرأسمالية كانت صراعا اقتصاديا، اجتماعيا فكريا هُزمت فيه التجربة الاشتراكية وانتصرت الرأسمالية، التي انكشف وجهها البربري. وهذه الرأسمالية المعولمة أفرزت الأصوليات الدينية المتطرفة من واشنطن إلى أفغانستان، وتراجع في عهدها الفكر الديني المستنير..
****
 المانيا من الاقطاعية إلى الوحدة البورجوازية 1870بخلفية إقطاعية
والحربين العالميتين
عاشت أوروبا في الفترة الممتدة بين عامي 1789 – 1871 عهد الثورات البورجوازية وولادة الدول القومية البورجوازية. ومع أن إرهاصات الثورات البورجوازية بدأت في هولندا في القرن السادس عشر وانتقلت إلى انكلترا في القرن السابع عشر، إلا أن الثورة الفرنسية عام 1789 كانت منعطفا تاريخيا عالميا هاما، وثورة بورجوازية عميقة الجذور.
كانت فرنسا متقدمة اجتماعيا على ألمانيا، ولهذا فإن تأثير الثورة الفرنسية كان عميقا في ألمانيا، التي شهدت بداية التحولات البورجوازية في النصف الأول من القرن التاسع عشر. ويلاحظ أن السمات الرئيسية لهذه المرحلة اتصفت بالأمور التالية: تسارع عجلة التطور الرأسمالي.. نهوض الحركة المناهضة للإقطاعية.. تكوّن الحركة العمالية، ومن ثمّ تأسيس الاشتراكية العلمية على يدي ماركس وانجلس.
الحرب الفرنسية - الألمانية عام 1970 أدت إلى توحيد ألمانيا المجزّأة، وظهر لهذه الوحدة طابعان:
- طابع تقدمي أدى إلى توحيد الأمة الألمانية، وخلق سوق وطنية واحدة.
- طابع رجعي تمثّل في أمرين: سيطرة الأقلية من الإقطاعيين والبورجوازيين، حيث غدا الصراع الطبقي بين الرأسماليين والعمال ظاهرة جوهرية من ظواهر أسلوب الإنتاج الرأسمالي المنتصر في ألمانيا أواخر القرن التاسع عشر. والأمر الثاني هيمنة القوة العسكرية للدولة الألمانية ذات المشارب التوسعية، التي دخلت حلبة الصراع الاستعماري لتقاسم مناطق النفوذ في العالم، وزجت العالم في أتون حربيين عالميتين.
والحرب العالمية الأولى (1914 – 1918) المعروفة عندنا بحرب السفر برلك، كانت حربا استعمارية لإعادة تقسيم العالم بين الدول الرأسمالية. ومع هزيمة الامبريالية الألمانية وانتصار المستعمرين الفرنسيين والانكليز عام 1918، دخلت ألمانيا مرحلة جديدة أدت إلى القضاء على النظام الإمبراطوري وتأسيس نظام جمهوري برلماني بورجوازي. ومع وصول هتلر إلى الحكم عام 1933 دُفنت الجمهورية، المعروفة باسم جمهورية فايمار، وبدأت مرحلة حالكة السواد سيطرت فيها الدكتاتورية الفاشية للامبريالية الألمانية، التي قادت العالم إلى الحرب العالمية الثانية (1939 – 1945).
بدأت هذه الحرب نزاعا عسكريا داخل النظام الرأسمالي بين ألمانيا وإيطاليا واليابان من جهة وبريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة الأميركية من جهة أخرى. وعندما اجتاحت الجيوش الهتلرية الاتحاد السوفيتي في حزيران 1941 اتخذت الحرب طابعا جديدا وتحولت إلى حرب عادلة خاضها الجيش الأحمر والشعوب المناهضة للفاشية.
وبعد حرب ضروس طرق الجيش الأحمر أبواب برلين وتمكن على أثر معارك طاحنة في الشوارع من القضاء على المقاومة الهتلرية، وهذه النتيجة دفعت هتلر وعشيقته إيفا براون إلى الانتحار في 30 نيسان 1945 .
أدت نتائج الحرب إلى تقسيم ألمانيا إلى غربية خاضعة للإدارة الأميركية والبريطانية والفرنسية وتحكمها الاحتكارات الرأسمالية، وشرقية خاضعة للإدارة السوفيتية يحكمها تحالف للعمال والفلاحين والقوى المناهضة للفاشية. وفي خريف 1945 طُبّق الإصلاح الزراعي في منطقة الاحتلال السوفيتي وصُفيت طبقة ملاك الأرض البروسية المعروفة بميولها العسكرية، كما صُودرت معامل مجرمي الحرب وغدت ملكا للشعب، وامتدت يد الإصلاح إلى نظام التعليم من أجل إشاعة روح الديمقراطية فيه. وهكذا وُضعت اللبنات الأولى لقيام جمهورية ألمانيا الديمقراطية، في حين أن إقامة نظام رأسمالي في ألمانيا الغربية عام 1948 وتأسيس جمهورية ألمانيا الاتحادية في أيلول 1949 أدى إلى تباعد شطري المانيا وتكريس الانفصال بين غرب البلاد وشرقها.
*****
المانيا ومراحل تطورها بعد توحُّدها 1870
مرت ألمانيا منذ توحيدها في عام 1871 بالمراحل الخمس التالية:
1 – المرحلة الإمبراطورية (1871 – 1918)
2 – طريق النظام البرلماني البورجوازي لجمهورية فايمار (1920 –
1933).
3 – مرحلة الدكتاتورية الهتلرية الفاشية (1933 – 1945).
4 – مرحلة انقسام ألمانيا إلى دولتين:
أ – دولة البورجوازية الألمانية واحتكاراتها المدعومة من الرأسمالية الأميركية، وساد فيها شكل النظام البرلماني البورجوازي.
ب – دولة العمال والفلاحين، التي شرعت ببناء مجتمع جديد يسير بخطى وئيدة نحو الاشتراكية.
5 – مرحلة توحيد ألمانيا1990 على أسس النظام البرلماني البورجوازي السائد في الغرب وتصفية المنجزات، التي تمّت في جمهورية ألمانيا الديمقراطية وإزالة جميع مظاهر الدولة (الاشتراكية) بعجرها وبجرها.
*****
المانيا بعد الحرب العالمية الثانية أي بعد 1945
مع انتهاء الحرب تطلعت القوى الديمقراطية في شطري ألمانيا إلى بناء مستقبل جديد انساني يعيد التألق إلى الحياة، التي هدمتها الإيديولوجية النازية وشوهتها العنجهية الفاشية. وكانت هذه القوى تأمل في بناء ألمانيا الديمقراطية الموحدة المعادية للحرب والساعية لإقامة علاقات سليمة مع الجوار والعالم. ولكن الرأسمالية الألمانية المدعومة أميركيا قامت منفصلة بتأسيس جمهورية ألمانيا الاتحادية في أيلول 1949. وردا على تأسيس دولة الرأسمالية الاحتكارية في ألمانيا الغربية قامت الطبقة العاملة الألمانية في القسم الشرقي من ألمانيا في 7 تشرين الثاني 1949، وبدعم سوفيتي، بتأسيس جمهورية ألمانيا الديمقراطية أول دولة للعمال والفلاحين في ألمانيا. ونشير هنا إلى أنّ قيام أول دولة للعمال والفلاحين في ألمانيا كان حصيلة النضال البطولي الذي خاضته الحركة العمالية الألمانية منذ أيام ماركس وانجلز، ذلك النضال، الذي رفع راياته أبطال الاشتراكية الأفذاذ أمثال كارل ليبخنت، روزا لوكسمبرغ، ارنست تيلمان، فيلهم بيك، أوتو غروتول و فالتر اولبرشت والمئات من قادة النضال العمالي وشهداء الطبقة العاملة.
فتأسيس جمهورية ألمانيا الديمقراطية في خريف 1949 ما كان ليتم لولا تحطيم جحافل النازية الهتلرية على يد الجيش الأحمر والقوى المناهضة للفاشية. ومعنى ذلك أن عوامل داخلية (التراث الثوري الأصيل للحركة العمالية الألمانية) ودولية (هزيمة النازية على يد التحالف الغربي السوفيتي) أسهمت مجتمعة في انتصار القوى العمالية الاشتراكية في شرقي المانيا.
****
وفي المرحلة الأولى بعد الحرب الثانية (1945 – 1949) تمّ في المانيا الشرقية انجاز الثورة البورجوازية – الديمقراطية المتمثلة في تصفية المظاهر الفاشستية والعسكرية وتحويل الاقتصاد الحربي إلى اقتصاد يخدم السلام وتأميم معامل مجرمي الحرب وإجراء الإصلاح الزراعي وتصفية كبار ملاك الأرض وبناء الأجهزة الإدارية الديمقراطية وإصلاح العملة وإجراء إصلاح تربوي والسعي لاقتلاع الإيديولوجية العنصرية من أذهان القطاعات المضللة من الجماهير.
ودراسة أسباب أفول نجم ج أ د، وسائر ما عُرف ببلدان المنظومة الاشتراكية، أمر بحاجة إلى دراسة مستفيضة ربما تناولناها في قادم الزمن.
 
 
وجهة نظر عن سبب نجاح عدد غير مسبوق من حزب جبهة العمل الإسلامي في الانتخابات البرلمانية في الأردن
كأنّ الغرب الأوربي الأمريكي بصدد فرض طبعة جديدة مزيدة ومنقحة من مؤامرة "الربيع العربي"؟
محاولات لتدبير انقلاب في أنغولا.. هذه هي الرواية كاملة
حوار في الجيوبوليتيك.. مقاربات كمال خلف الطويل
حوار المناضل والكاتب السياسي عدنان بدر حلو مع مجلة الهدف
الفلسطينيون والخلل في نهج المقاومة وفي المفاوضات
لماذا حدثت انقلابات خمسينات القرن الماضي؟
دراسة لصلاح جديد حول مشروع الوحدة المقترحة بين العراق وسورية 1979
لمناسبة الذكرى المئوية لتأسيس الحزب الشيوعي السوري.. منظمة كفربو- كيف سقينا السنديانة الحمراء
قسد تسقي "اسرائيل".. والحكسة تموت عطشاً!
حول المسألة الكردية
التعبئة والفساد.. اوكرانيا تحكمها عصابات
حوار تحليلي معمق مع الدكتور حسن أحمد حسن.. إعداد محمد أبو الجدايل
حركة هواش بن اسماعيل خيربك ١٨٤٦-١٨٩٦ م
حوارات السوريين.. بين مؤيدين للدولة ومعارضين لها