كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

السردية التوراتية هي الكذبة الأكبر في التاريخ.. الخروج من مصر بقيادة موسى

لطفي السومي- فينكس

يعتبر سفر الخروج احد أسفار التوراة الخمسة وهي: التكوين، الخروج، اللاويين، العدد، التثنية
يبدأ السفر بالحديث عن ذهاب يعقوب وذريته للالتحاق بيوسف الذي تمجد لدى فرعون مصر، حيث ورد (جميع نفوس بيت يعقوب التي جاءت الى مصر سبعون. تكوين ٤٦: ٢٧ ). وبعد ذلك يعدد سفر الخروج رؤساء بيوت ابائهم، اي الجيل الثاني على الشكل التالي: راؤبين ٤ - شمعون ٦ - لاوي ٣ - ابنا جرسون بن لاوي ٢ - قهات ٤ - مراري ٢ - يصهار عمرام ٢ - بصهار ٣ - عزئيل ٣ - هارون ٤ - قورح ٣ - العازر بن هارون ١ - خروج ٦ : ١٤ - ٢٥.
بقي هؤلاء وذريتهم في مصر لأربعة أجيال ولمدة ٢١٥ سنة حسب التوراة السبعونية ولمدة ٤٣٠ سنة حسب التوراة المازورية، اي ضعف المدة الاولى بسبب اختلافهم حول عمر كل جيل.
سنغض النظر عن القصص الاعجازية في مرحلة الخروج التوراتي سواء تلك المتعلقة بالضربات العشر التي وجهها يهوه لمصر والمصريين أو الاعمال الاعجازية لموسى حين شق البحر وحين اخرج الماء من الصخرة بعد ان ضربها بعصاه، وذلك لان هذه الاعمال عصية على الاثبات او النفي من خلال علم الاثار، ولذا فاننا سنركز على مشكلة اعداد الداخلين والخارجين من نسل يعقوب ، بصورة خاصة، حيث ان عدد الجيل الثاني قد أصبح ٣٧ فردا كما رأينا اعلاه، بينما لم تذكر التوراة شيئا عن الجيلين الثالث والرابع، ولذلك سنفترض ان كل ذكر قد انجب ٥ ذكور، اي ان عدد الذكور قد أصبح ٣٧ ضرب ٥ = ١٨٥ (الجيل الثالث). ثم ١٨٥ ضرب ٥ = ٩٢٥ (الجيل الرابع) وهو الجيل الذي قام بعملية الخروج، حيث تحدث المفارقة العصية على الافهام، حين نقرأ (فارتحل بنو اسرائيل من رعمسيس الى سكوت نحو ستمئة الف ماش من الرجال عدا الاولاد وصعد معهم لفيف كثير ايضا مع غنم وبقر ومواش وافرة جدا . خروج ١٢: ٢٧ ، ٢٨).
قد يصعب على الدارس حتى التعليق على هذه الكذبة المذهلة حيث تحول اقل من الف رجل الى ٦٠٠٠٠٠رجل ما عدا اللفيف من المرافقين والمواشي التي من المفروض ان لا يمتلكها مستعبدون. وهنا علينا ان نلاحظ ان ٦٠٠٠٠٠ رجل يشكلون مع نسائهم وابنائهم حوالي ٣ ملايين نسمة وهذا الرقم في الحقيقة يساوي عدد سكان مصر في العام ١٧٩٩ حينما غزاها نابليون اي بعد ٣ الاف سنة من الخروج، وكان حري بمثل هكذا هجرة ان تؤدي الى انهيار المجتمع والدولة التي أفرغت من سكانها لو كانت هذه السردية واقعية او حتى قريبة من الواقع.
والان ننتقل الى دور علم الاثار في اسقاط كذبة هذا الخروج الوهمي. كان سقوط سيناء بايدي الجيش الاسرائيلي في العام ١٩٦٧ فرصة لا تعوض لعلماء الاثار الاسرائيليين لتتبع خطى أجدادهم على ارض سيناء، فهرع علماء الاثار الاسرائيليون مع طلابهم وأعداد من المتطوعين للقيام بعملية مسح شامل للمنطقة وبصورة خاصة المواقع المذكورة في نصوص الاسفار التوراتية المتعلقة بالخروج من مثل قادش برنيع، وعصيون جابر، وتل عراد، ومدينة حشبون، ومملكة ادوم.
واما قادش برنيع والتي هي موقع ام قادس الان، فقد ورد في كتاب The Bible Unearthed المترجم لكل من فنكلشتاين رئيس قسم الاثار في جامعة بار ايلان في تل ابيب وسلبرمان استاذ الدراسات التوراتية في جامعة ماساشوستس الامريكية ص٩٨ (ولكن كل التنقيبات والاستطلاعات الاثرية المتكررة لحد الان في كافة انحاء المنطقة لم تفلح في تزويدنا حتى بدليل واحد على الاقل لنشاط حياتي في العصر البرونزي المتاخر (مرحلة الخروج) فلم يتم اكتشاف حتى مجرد شقفة فخارية وحيدة تركتها وراءها جماعة صغيرة جدا من اللاجئين الخائفين الهاربين).
واما عصيون جابر تل الخليفة) فان نفس المصدر ص٩٩ يقول (لا اثر مطلقا لوجود استيطان في هذه المنطقة خلال الفترة المتاخرة من العصر البرونزي) اي (مرحلة الخروج) والتي لم يتم استيطانها الا في الفترة من ١٠٠٠ - ٦٠٠ ق م.
واما عن ملك عراد الذي اشتبك مع الخارجين وسبى منهم سبيا حسب سفر العدد ٢١: ١- ٣ فان نفس المصدر يوضح ص٩٩ (ولكن لم يتم اكتشاف اي آثار او بقايا من العصر البرونزي المتاخر على الاطلاق فيما يبدو دليلا على ان المكان كان مهجورا تماما في تلك الحقبة الزمنية) اي (ان عراد لم يكن لها وجود في العصر البرونزي المتاخر) اي مرحلة الخروج.
اما عن تل حسبان (مدينة حشبون عاصمة الاموريين) والتي تدعي التوراة ان ملكها حاول منع الخارجين من المرور من ارضه، حسب سفر العدد ٢١: ٢١ - ٢٥ فقد اظهرت التنقيبات حسب نفس المصدر ص٩٩. (انه لم تكن هناك مدينة تعود للفترة المتاخرة من العصر البرونزي (مرحلة الخروج) بل ولا حتى قرية صغيرة هناك).
واما عن ملوك أدوم فقد تبين (ان علم الاثار يبين لنا انه لم يكن هناك ملوك لادوم يمكن للاسرائيليين ان يلتقوا بهم او يجتمعوا معهم) نفس المصدر ص١٠٠ في مرحلة الخروج.
ونختم بالخلاصة الحاسمة لاهم علماء الاثار الاسرائيليين ص١٠٠ (لسوء حظ اولئك الذين يبحثون عن حادثة خروج تاريخية، لم تكن تلك المواقع مسكونة بالتحديد في ذلك الوقت الذي يًروى (في التوراة) انها اي تلك المواقع لعبت فيه دورا في احداث تيه وتجوال بني اسرائيل في البرية). ومن الملاحظ ان جميع الاماكن التي ذكرت في سفر الخروج قد استوطنت في القرن السابع ق م، وهذا يؤشر بوضوح الى ان كتابة التوراة التي تذكر هذه الاماكن تعود الى ما بعد القرن السابع ق م وفي الغالب الاعم فيما بعد القرن السادس اي بعد السبي البابلي ٥٨٦ ق م الا ان هذه التوراة لم تكتمل قبل كتابة التوراة السبعونية في الاسكندرية بامر من بطليموس ٢٨٥ - ٢٤٧ ق م حين كلف ٧٢ كاهنا بجمعها وقد انجزوا العمل خلال ٧٢ يوما، ولم تعتمد نهائيا الا في مجمع يامينا بفلسطين عام ٩٠ م.
نختم بالقول: هل يستطيع عاقل امام كل هذا الحشد من الادلة الاثرية الواضحة الدلالة ان يحافظ على الايمان بوجود حادثة خروج تاريخية يؤدي اسقاطها الى سقوط السردية التوراتية.
معلومة اضافية: موسى والسلة وقصة سرجون الاكادي
كشفت الرقم الرافدية عن وجود قصة عن سرجون الاكادي الذي هيمن على ممالك سومر واقام حكم الاكاديين في العام ٢٢٧٩ ق م واليكم القصة المماثلة لقصة موسى والسلة:
“أنا سرجون الملك القوي ملك أكاد، كانت أمي من عذارى الهيكل ولم أعرف ابي، بينما لبث أخو ابي في الجبل وفي مدينة أزوريراني على ضفاف الفرات، حبلت امي بي ولدتني سرا، وضعتني في سلة من الاسل وسدت فتحاتها بالجلبان وتركتني للتيار حيث لم أغرق، وحملني التيار حتى اكي غراف الماء وانتشلني أكي غراف الماء الطيب القلب من المياه ورباني أكي غراف الماء وكأنني ابنه، وصرت بستاني أكي غراف الماء، وحين كنت بستانيا مال قلب عشتار (الالهة) الي فاصبحت ملكا وحكمت طوال خمس واربعين عاما“.
لا حاجة الى التنبيه الى التشابه بين قصة سرجون الاكادي وقصة موسى التي اتت كتابتها بعدها بحوالي ٢٢٠٠ سنة.
 ******
نقض الدخول الحربي بقيادة يشوع بن نون وجحافله الخرافية لأرض كنعان
بين آيات التوراة وما كشفه علم الاثار فروق هائلة وصدع لا يمكن رأبه حيث يقول النص التوراتي (اسمع يا اسرائيل أنت اليوم عابر الاردن لكي تدخل وتمتلك شعوبا أكبر وأعظم منك ومدنا عظيمة ومحصنة الى السماء قوما عظاما وطوالا بني عناق الذين عرفتهم وسمعت من يقف في وجه بني عناق فاعلم ان الرب إلهك هو العابر امامك نارا آكلة. هو يبيدهم ويذلهم امامك فتطردهم وتهلكهم سريعا كما كلمك الرب. تثنية ٩: ١ - ٣)
(فارتحلوا من جبل الرب مسيرة ثلاثة أيام وتابوت الرب راحل أمامهم. عدد ١٠: ٣٣).
كانت المدينة الاولى التى قبالة عبورهم هي اريحا فاحاطوها (فهتف الشعب وضربوا بالابواق وكان حين سمع الشعب صوت البوق أن الشعب هتف هتافا عظيما فسقط السور في مكانه وصعد الشعب الى المدينة كل رجل مع وجهه واخذوا المدينة وحرموا (ذبحوا) كل مافي المدينة من رجل وامرأة من طفل وشيخ حتى البقر والغنم والحمير بحد السيف. يشوع ٦: ٢٠، ٢١). كما هزم يشوع حلفا مكونا من ملوك ارض كنعان بلغوا ٣١ ملكا (وبينما هم هاربون من امام إسرائيل وهم في منحدر بيت حورون رماهم الرب بحجارة عظيمة من السماء الى عزيقة فماتوا. يشوع ١٠: ١١). ولم يكتف الرب بذلك بل ( فوقفت الشمس في كبد السماء ولم تعجل للغروب نحو يوم كامل. يشوع ١٠: ١٣). كل ذلك من اجل ان يفني يهوه ويشوع جموع الكنعانيين.
وبذلك يكون شعب الرب قد انهى احتلال فلسطين والاردن واجزاء من سورية ولبنان.
وأما ما كشف عنه علم الاثار فانه ينسف كل هذه الترهات التوراتية من اساسها.
١) نقبت عالمة الاثار البريطانية كاثلين كينيون في أريحا لتجد أن المدينة قد زالت قبل التاريخ المفترض لدخول يشوع وعصابته وفي ذلك يقول فنكلشتاين وسلبرمان في The Bible Unearthed المترجم ص١١٩ (لم يكن هناك اي علامة تدل على وجود عملية تدمير، لذا فان المشهد المشهور للقوات الاسرائيلية التي زحفت حول المدينة وأحاطت بها يتقدمها تابوت العهد ثم إحداث إنهيار الاسوار الهائلة بواسطة نفخ أبواق الاسرائيليين، لم يكن ببساطة سوى سراب رومانسي). ٢) قامت عالمة الاثار الاسرائيلية مارجريت جودث كروز بالتنقيب في عاي وهي المدينة الثانية التي دمرها يشوع بن نون وكانت النتيجة انه (لم يتم اكتشاف حتى شقفة فخارية واحدة او أي إشارة أخرى تدل على وجود استيطان هناك في العصر البرونزي المتاخر، وانتجت التنقيبات التي في الستينات نفس الصورة) ص ١٢٠.
ومن أجل ان لا نطيل البحث فان علم الاثار قد أسقط بالمطلق سقوط المواقع الاخرى، كما سبق ان بينا كيف اسقط علم الاثار اخبار ادوم وعراد وتل حسبان في شرق النهر.
نخلص من كل ذلك بأن مجموعة عبدة يهوه، وفي أثناء السبي البابلي وهي تعيش حالة الاذلال والقهر واستصغار الشأن بالمقارنة بالقوى الاخرى قد قامت بسرقة عدة سرقات هامة وهي: ١) كان مسبيو اسرائيل لا زالوا في بلادالسبي مما مكن مسبيو يهودا ان يتسموا باسمهم، حيث ان مملكة اسرائيل كانت قد إحتلت مملكة يهودا بدءا من العام ٧٩٠ ق م لذا فقد عاد مسبيو يهودا من السبي بعد ان أصبحوا بني اسرائيل ولا زالت هذه السرقة مكرسة حتى الان خاصة بعد ان أسمى بن غوريون كيانه المسروق المحدث اسرائيل. ٢) سرق عبدة يهوه التراث الرافدي المتمثل في قصص الخلق والطوفان وقصة قايين وهابيل وجنة عدن وقصة موسى والسلة وانتقام الرب والبكاء على تموز ونشيد الانشاد التي هي اناشيد الزواج المقدس لتموز وقصة ايوب وغيرها واكملوا السرقة من ميثولوجيا بلاد الشام ودمجوها بتأثيرات مصرية اثناء عملية اول تجميع للتوراة من خلال التوراة السبعونية التي كتبها حاخامات يهود بامر من بطليموس في القرن٣ ق م. ٣) من حسن حظ هذه الديانة ان بولان ملك الخزر قد اعتنقها مع معظم شعبه في العام ٧٤٠ م مما أمد هذه الديانة ب بال٩٠مئة من معتنقيها على مستوى العالم و ٧١ بالمئة من سكان اسرائيل الحالية. ٤) قام اول مجمع مسيحي وهو مجمع نيقية عام ٣٢٥ م باعتبار الكتاب المقدس اليهودي جزءا لا يتجزأ من الديانة المسيحية والتي هي الديانة الاكبر في العالم، ومن جهة أخرى إ عتبرها الاسلام ديانة سماوية وتبنى عددا مهما من قصصها، مما جعلها الركن المؤسس لما سمي بالديانات الابراهيمية والتي تعمل الان القوى الامبريالية والصهيونية على توحيدها لتكون هذه الوحدة بوابة الهيمنة الصهيونية على وطننا العربي الكبير بالتعاون مع عدد من الحكام مستغلين ضعف وهوان شعوبهم. 
 
وجهة نظر عن سبب نجاح عدد غير مسبوق من حزب جبهة العمل الإسلامي في الانتخابات البرلمانية في الأردن
كأنّ الغرب الأوربي الأمريكي بصدد فرض طبعة جديدة مزيدة ومنقحة من مؤامرة "الربيع العربي"؟
محاولات لتدبير انقلاب في أنغولا.. هذه هي الرواية كاملة
حوار في الجيوبوليتيك.. مقاربات كمال خلف الطويل
حوار المناضل والكاتب السياسي عدنان بدر حلو مع مجلة الهدف
الفلسطينيون والخلل في نهج المقاومة وفي المفاوضات
لماذا حدثت انقلابات خمسينات القرن الماضي؟
دراسة لصلاح جديد حول مشروع الوحدة المقترحة بين العراق وسورية 1979
لمناسبة الذكرى المئوية لتأسيس الحزب الشيوعي السوري.. منظمة كفربو- كيف سقينا السنديانة الحمراء
قسد تسقي "اسرائيل".. والحكسة تموت عطشاً!
حول المسألة الكردية
التعبئة والفساد.. اوكرانيا تحكمها عصابات
حوار تحليلي معمق مع الدكتور حسن أحمد حسن.. إعداد محمد أبو الجدايل
حركة هواش بن اسماعيل خيربك ١٨٤٦-١٨٩٦ م
حوارات السوريين.. بين مؤيدين للدولة ومعارضين لها