كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

لهذا قتلوا القذافي!

محمد وزيري- فينكس

و لأنه لا بد لكل مسيرة تحررية في التاريخ من عقبات، فإن ليبيا لم تكن بضعا من تلك السلسلة الوهاجة ببريق الجماهير و تطلعاتها و مواجهتها للاستكبار في كل تجلياته و صوره الواضحة و الباهتة، المباشرة و الوظيفية..
إن الإمبريالية لم تعد قادرة على خوض المعارك المباشرة بعتادها و أساليبها التقليدية، لأنها جوبهت بصد الجماهير رغم ضعف وعيها. لذلك ابتكرت فكرة "الحرب بالوكالة"، و هي الحرب التي تتقاطع فيها مصالح الجماعات الوظيفية و الكيانات الملكية المبتدئة في بحر السياسة الهائج.
لذلك فإن فكرة إسقاط القذافي قد ابتُدئت فعلاً ليس في عام 2011، و إنما عام 1969، أي بعد سنتين من حرب النكسة 1967، و بعد أن صارت ليبيا جزء من الخريطة العربية الناصرية فكرا و ممارسة. و قد لا يعرف معظمنا معنى هذا الكلام، و لكن الإمبريالية تعرف جيداً و أكثر من غيرها معنى سقوط ملكية تابعة لها قلباً و هيكلاً، و فقدان موقع كبير في منطقة المغرب العربي و انضمامه إلى الخط الناصري.محمد الوزيري
لا بد أن تعلموا بأن النظام الملكي الليبي بزعامة الملك "إدريس" كان داعماً للكيان المؤقت "إسرائيل" آنذاك و من الذين ساهموا بشكل فظيع في تراجيديا نكسة ستة أيام من عام 1967. و من هنا نفهم سر عدوانية "إسرائيل" بادئا ببدء لليبيا الثورة. لأنها تعرف ما فقدت. و من هنا نبدأ الحكاية، حكاية الجواب عن السؤال: (لماذا قتلوا القذافي؟).  
بعد ثورة الفاتح، عمل القذافي على تأهيل آليات التنقيب عن البترول في ليبيا و بكميات كبيرة خاصة بعد عام 1977 أي بعد استقالته من رئاسة مجلس قيادة الثورة، و صادفت هذه الفترة ارتفاع أسعار النفط في العالم، مما فتح مجالا كبيرا أمام ليبيا لاستغلال موارده لخدمة الفكرة الاشتراكية الشعبية. 
فماذا كانت النتيجة ؟! .
في مدة وجيزة زاد الناتج الداخلي، و ارتفع الدخل القومي، كما ارتفع الدخل الفردي إلى مستوى لم تعرفه ليبيا من قبل. و تمت تسوية مشاكل العقار و السكن فلم يعد متكتلاً في يد طبقة مالكة واحدة، إذ نهج الزعيم أسلوب التوزيع الجديد، فأصبح كل من سكن بيتا لمدة تساوي ثمنه بالأجر فهو ملك له. و تم القضاء شمولاً على الاحتكار.
هنا لا بد من التأكيد على المبدأ الذي أطلقه العقيد معمر القذافي حينها (البيت لساكنه)، فقضى به على مشكلتين نخرتا هيكل المجتمع الليبي هما القروض الربوية من جهة، و السمسرة في دم الطبقة الفقيرة من جهة أخرى. حتى أن ليبيا أصبحت البلد العربي الوحيد الذي ليست فيه مشكلة السكن بعد الثورة، لأن الدولة تدعمه بنسبة 50٪ و تصل  أحيانا إلى 70٪، و هذا لا يوجد في أي بلد عربي آخر.
أما في ميدان التعليم فقد أوصل القذافي ميزانيته 27٪ حتى عام 2007 من أصل إجمالي الناتج المحلي، و تشمل هذه الميزانية الطلبة العرب و القادمين من دول أفريقية الجنوبية. و هي نسبة دعم تفوق حتى سياسة مشروع (مارشال) المالية!
و لا بد أن نذكر بأن الظروف التي مرت بها ليبيا من حصار و تضييق على التجارة و سبل الصناعة و التطوير كانت فظيعة منذ محاولة القذافي اكتساب أسلحة كيماوية باعتبار ليبيا دولة مواجهة مفتوحة منذ الإطاحة بالنظام السنوسي و تأسيس الجمهورية العربية الاشتراكية. لذلك فإنه لو قدر لثلاثين في المئة فقط من نسبة المشاريع التي طرحها القذافي التحقق و التنزيل على أرضية العمل، لكانت ليبيا في مصاف الدول المتقدمة.
بعد توالي النكسات العربية، قام القذافي بتعديل النظام إلى جماهيري و فتح آفاقه على إفريقية، و كان ممن  أسسوا الاتحاد الأفريقي و كان أول من دعا إلى الوحدة الأفريقية عام 1997. و قام بزيارة نيلسون مانديلا عام  1999 مؤكدا على ذلك، في يونيو 2002 أعلن القذافي أن الدول الأفريقية يجب أن ترفض كل المساعدات الأجنبية التي تتبعها شروط تحكمية غربية، و دعم الثورة في جنوب أفرقيا ضد التمييز العنصري، فشهد "مانديلا" و أقتبس:" إن القذافي لم يدعمنا سياسيا و معنويا فقط، بل جاء بكل الإمكانات المادية و وضعها بين أيدينا و قال: تصرفوا فيها كيفما شئتم حتى تنتصر قضيتكم، قضية التمييز العنصري".
في قمة الإتحاد الإفريقي عام 2005، دعا القذافي إلى أن يتم تنزيل مخطط التعاون الأفريقي، و توحيد جواز السفر لدول الاتحاد الأفريقي، و أن يكون لهذه الدول نظام دفاع مشترك واحد، وعملة واحدة، وذلك باستخدام شعار: "الولايات المتحدة الأفريقية". و في السنة نفسها انضمت ليبيا للسوق المشتركة ل شرق وجنوب أفريقيا المسماة ( كوميسا).
[ القذافي ملك ملوك أفريقيا]!
هنا اقتربت فصول المؤامرة الكبرى من نهاية تسطيرها!
في غشت عام 2008 أعلن القذافي عن حمله للقب "ملك الملوك" و تم منحه إياه من قبل لجنة جمعت القادة الأفارقة التقليديين. وفي الأول من فبراير عام  2009 عقد له حفل تتويج رسمي في أديس أبابا وإثيوبيا.. و فيه رسالة قوية و ملموسة و فعلية بأن القذافي حقا هو زعيم أفريقية الجديد خلفا لجمال عبد الناصر.
الفرق بين عبد الناصر و القذافي حينذاك، هو أن ناصر تعامل مع الحكام العرب بطبيعتهم و على علاتهم السياسية، بينما القذافي انكب على الجانب الاقتصادي و أعلن القطيعة القومية مع الحكام العرب باتجاه أفريقية، فأكمل قطع الطريق على نفوذ "إسرائيل" و فرنسا و بريطانيا التي كانت لها الهيمنة الكاملة على المنطقة (اقتصاديا) بعد أن كان قد قطعه جمال عبد الناصر على الجهة ذاتها (سياسيا)! 
فههنا تلقت فرنسا و الكيان المؤقت "إسرائيل" و بريطانيا الرسالة بأن فقدان هيمنتهم الكاملة على المنطقة خاصة بعد أن اكتشفوا مفاجأة (العملة الذهبية) التي أراد القذافي طرحها قد بات وشيكاً. فكان ذلك أعظم سبب جعلهم ينظمون عقيق المؤامرة..
اكتشفت المخابرات المركزية الفرنسية و البريطانية أن القذافي يمتلك أكثر من 150 طناً من الذهب و مثلها أو أكثر من الفضة، و كان مشروعه تصنيع و طرح عملة أفريقية، لتقطع الصلة و الاحتكار على العملة الأوروبية السائدة عامة، و الفرنسية خاصة. و بذلك تكون أقوى ضربة مفاجئة لهم من باب العملة.معمر القذافي قتيلا
لا بد أن نعلم بأن هذا الأمر كان يقينيا لولا تقلب الظروف السياسية في المنطقة فيما بعد، لأن المشؤات الدالة على ذلك كشفت خلال آخر معركة خاضتها القوات الوطنية ضد عملاء الناتو. فالقذافي لو كتب له إصدار تلك العملة كما خطط لها، لكانت ليبيا معجزة عربية لم يسبق لها مثيل. و لكن الخطر في ذلك هو أن العملات الأجنبية المتصدرة، على رأسها الدولار الأمريكي و الأورو سيسقطون تباعا، و سيسقط الفرنك الفرنسي، و ستسقط العملة المتداولة في أفريقيا، لأن التداول حينها سينتقل من الأوراق النقدية إلى المعدنين النفيسين (الذهب و الفضة).
و كما تعلمون أن أمريكا لم تحكم قبضتها على العالم إلا بعد أن تحكمت و نهبت ذهب الدول الكبرى خاصة في أوروبا مستغلة ظرفية الحرب العالمية الثانية آنذاك، فأنشأت البنك الدولي لتقايض به الدول بذهبها التي هي مالكته!
و مشروع القذافي هذا كان ثورة حقيقية، ليس لأنه اقتصادي و حسب، بل لأنه كشف أحد أكبر خفايا الوسائل التي يمكن للجماعات النورانية الكبرى أن تسيطر بها على العالم.!
لذلك لا عجب أن جندت تلك الدول بالتعاون مع الرجعية العربية و الجماعات الوظيفية كل قواتها لقتل القذافي و إنهاء النظام الوطني في ليبيا، و ذلك لأمور أساسية كبرى تمثلت في السيطرة على النفط، و إنهاء أحد أعتى جيوب المعارضة للغرب في المنطقة، و الاستيلاء على الذهب، و استرجاع مناطق الصراع التي تدر دخلا لشركات السلاح، و قطع طريق الوصل بين القوى الوطنية في الجزائر و سوريا و تونس و مصر، ثم إعادة طمس الأوراق السياسية و خلق مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي فشل عام 2006...
كان هذا باختصار شديد.
وجهة نظر عن سبب نجاح عدد غير مسبوق من حزب جبهة العمل الإسلامي في الانتخابات البرلمانية في الأردن
كأنّ الغرب الأوربي الأمريكي بصدد فرض طبعة جديدة مزيدة ومنقحة من مؤامرة "الربيع العربي"؟
محاولات لتدبير انقلاب في أنغولا.. هذه هي الرواية كاملة
حوار في الجيوبوليتيك.. مقاربات كمال خلف الطويل
حوار المناضل والكاتب السياسي عدنان بدر حلو مع مجلة الهدف
الفلسطينيون والخلل في نهج المقاومة وفي المفاوضات
لماذا حدثت انقلابات خمسينات القرن الماضي؟
دراسة لصلاح جديد حول مشروع الوحدة المقترحة بين العراق وسورية 1979
لمناسبة الذكرى المئوية لتأسيس الحزب الشيوعي السوري.. منظمة كفربو- كيف سقينا السنديانة الحمراء
قسد تسقي "اسرائيل".. والحكسة تموت عطشاً!
حول المسألة الكردية
التعبئة والفساد.. اوكرانيا تحكمها عصابات
حوار تحليلي معمق مع الدكتور حسن أحمد حسن.. إعداد محمد أبو الجدايل
حركة هواش بن اسماعيل خيربك ١٨٤٦-١٨٩٦ م
حوارات السوريين.. بين مؤيدين للدولة ومعارضين لها