كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

كتب الدكتور عبد الله حنا: تاريخ سلاطين بني عثمان المخضب بالدماء

لعل هذا العنوان يصدم محبّي الدولة العثمانية هذه الأيام، والذين يرون فيها جنة الله في ارضه. ولنترك العواطف جانبا وما زرعه فقهاء السلاطين في أذهان الناس حول اسلامية الدولة، ولنتلمس عالم الوقائع التاريخية وهي اكثر من ان تحصى. وسنختار منها ما كتبه الأمير شكيب ارسلان المتعاطف مع الدولة العثمانية في كتابه "تاريخ الدولة العثمانية"، جاء فيه:

"...بعد وفاة السلطان محمد الفاتح بويع بالسلطنة لولده السلطان بايزيد سنة 1481. وكان الوزير محمد باشا القرماني يميل إلى أخيه جم، فارسل إلى جمّ يعجّل عليه بالحضور، فعلم الانكشارية بذلك فثاروا بالوزير فقتلوه. وكان بايزيد في ماسية، فجاء ومعه جيش، فاقتتل الأخوان في صحراء بني شهر... فتغلب بايزيد على جم، وفرّ هذا إلى مصر. أنصاره دعوه ثانية فجمع جموعه وتلاقى مع عساكر أخيه فانهزم هذه المرة أيضا... وبعد أحداث كثيرة هرب جم إلى أوروبا ومات مسموما في نابولي 1495 بعد ان تلقى من دسّ له السم مبلغا كبيرا من بايزيد (1481 – 1512).
وخلفه السلطان سليم الأول (1512 – 1520) الذي شنّ الحرب على الصفويين والمماليك. وخلفه السلطان سليمان القانوني (1521 – 1566) وفي عهده تمّ القضاء على والي دمشق الثائر جان برد الغزالي.
وكان السلطان سليمان في آخر حياته قد اختلف مع أولاده، لأن الوزير الأعظم رستم باشا وشى للسلطان على ولده مصطفى، وكان العسكر يحب مصطفى لكرمه وشجاعته، وكان العلماء والأدباء يحبونه أيضا. وزيّن رستم للسلطان أن ابنه يريد ان يخلعه، ويجلس مكانه, ووقع ذلك في نفس السلطان، فأمر بقتل ولده مصطفى في مخيمه وهو بالأناضول في ايلول 1553... وكان مرجع هذه الدسائس السلطانة خورشم، التي كانت تهئ العرش للأولاد الذين منها، وكان رستم باشا صهرها، وهي التي في الحقيقة قتلت الصدر الأعظم إبراهيم باشا ، ثمّ قتلت الصدر الأعظم أحمد باشا، وهي التي قتلت الأمير مصطفى ابن السلطان... وكان تدخل الحريم في السياسة العثمانية امرأ مألوفا...
الأمير بايزيد ابن السلطان سليمان القانوني ثار على أبيه. فجمع ما بايزيد عشرين ألف جندي وقاتل بهم عسكر أبيه. فتغلب أبوه عليه وفرّ بايزيد مع ولده أورخان والتجأ إلى شاه العجم طماسب، الذي قبض من السلطان أربعمئة ألف قطعة ذهب وقتل بيازيد مع أولاده الأربعة، وكان لبايزيد طفل في بروسة وسنّه ثلاث سنوات فقتلوه أيضا.
بعد موت سليمان القانوني بقي خبره مكتوما خمسين يوما. ولما جاء ابنه السلطان سليم الثاني (1566 – 1574) بجنازة أبيه إلى القسطنطينية لم يوزّع على الانكشارية العطايا التي اعتاد السلاطين توزيعها عند جلوسهم على عرش السلطنة. فحصلت ثورة صارت تتفاقم وخاف السلطان على نفسه فاضطر إلى إجابة طلب العساكر وانفق جميع ما في الخزانة حتى اسكتهم...
وكان السلطان سليم الثاني محباً للدعة والراحة ملازما للحريم مدمنا لشرب الخمر مسترسلا في الشهوات ، وفي أيامه ارتفع التحريج على الخمور...
السلطان مراد الثالث (1574 – 1595)... استهوت السلطان شهوتان إحداهما حب المال، والثانية حب الجمال، وأفرط في معاشرة النساء إلى الحد الذي أضرّ بعقله، ولكنه أصدر أمراً قاطعا بمنع الخمر، فثار به الانكشارية والسباهية حتى اضطروه إلى إلغاء هذا الأمر، فانعكس المثل وصار: اليوم أمر وغدأ خمر.
السلطان محمد الثالث (1595 – 1603)... نزوع السلطان نحو الاصلاح ولكن العوائق أكبر. وكانت أمه بافّه من البندقية، وكان قد سباها قراصنة البحر وبيعت في السراي السلطانية، وسُميت صفية، وتدخلت كثيرا في سياسة الدولة الخارجية.
ولما تولى محمد الثالث السلطنة كان له تسعة عشر أخأ، فقتلهم جميعا... وبرغم هذه الفعلة الغريبة كان حسَنَ العقيدة، صارما في إحقاق الحقوق، مهتما بتنفيذ الشريعة الغراء..
السلطان أحمد الأول (1603 – 1617). عندما اعتلى العرش لم يتجاوز الرابعة عشر من العمر... وفي زمانه ظهر التبغ بواسطة الهولنديين. فافتى شيخ الاسلام بمنعه بحجة أنه من الخبائث فثار الشعب فاضطر المفتي إلى إلغاء فتواه. ولم يكن للسلطان أحمد علّة إلا أن رئيس الخصيان في القصر السلطاني كان في زمانه صاحب الأمر والنهي.
السلطان مراد الرابع (1623 – 1640) كان مراد عندما اعتلى العرش مراهقا لم يتجاوز اثنتي عشرة سنة من العمر لذلك بقي السباهية والانكشارية يسرحون ويمرحون كما يشاؤون، ويعسفون بالأهالي باسم السلطان... استرسل السلطان في الشهوات البدنية، وأدمن شرب الخمر... ولم يكن يُعاب على السلطان إلا في ظمئه لسفك الدماء وشدة غرامه بالمال...
ولم يكن لمراد الرابع أولاد فتولى السلطنة بعده أخوه السلطان إبراهيم وكان مسترسلا في شهواته البدنية، منقادأ لجواريه الحسان، يفعل لهنّ ما يشأنَ، فاستنزفن َ خزانة السلطنة.. الانكشارية والسباهية تجمعوا وانضمّ إليهم العلماء وقرروا خلع السلطان ومبايعة ابنه محمد الرابع وهو طفل ووقع ذلك في 8 آب 1646، ثمّ قتلوا السلطان إبراهيم.
السلطان محمد الرابع ( 1648 – 1687 ) جلس على العرش وهو ابن سبع سنوات... وفي سنة 1665 ثار الانكشارية طالبين عزل شيخ الاسلام بهائي لأنه افتى بجواز الدخان والقهوة... وتولى زمام الصدارة العظمى محمد باشا الكوبرلي.. وعندما ثار عليه العسكر انزل بهم العقاب ورمى في البحر أربعة آلاف جثة. وبعد توالي المصائب خلعوا السلطان1687 وبايعوا أخاه سليمان.
وكان سليمان محبوسا مدة ست واربعين سنة في أحد القصور لا يخالط احدا ولا يخالطه أحدُ، فلما عرضوا عليه السلطنة حاول الاستعفاء منها فأجبروه على القبول. ومات موتة طبيعية 1691 فخلفه أخوه احمد الثاني... وتوالى الخلع والتنصيب وثورة الانكشارية...
***
كان رجال الدولة يضعون إمارة الفلاخ (مولدافيا) بالمزاد. وكان الوالي يجمع ما يقدر عليه من الأموال بالطرق الدنيئة وغير المشروعة ويرشو بها رجال الديوان لأجل إطالة إمارته (ولايته) حتى إذا جاء من زاد عليه صرفوه من الإمارة.
السلطان مصطفى الثالث (1757- 1774) بدأ بالإصلاح واتباع سياسة التوفير ولا سيما في القصر السلطاني. وأخذ السلطان إدارة الأوقاف من يد آغا القصر وسلّمها إلى الصدر الأعظم.
السلطان سليم الثالث (1789 – 1807) وكان مقتنعا بوجوب اصلاح السلطنة بعد ظهور عوامل الانحطاط في الدولة وتوالي الثورات وتحفز البلقانيين للانتفاض عليها... الحملة الفرنسية على مصر... التشكيلات العسكرية التي قام بها السلطان سليم واطلق عليها اسم النظام الجديد مقتديا فيها بالجيوش الأوروبية. وقع القتال بين الانكشارية والنظام الجديد وكانت الغلبة للانكشارية... وازداد تمرد الجند حتى طلبوا بخلع السلطان سليم نفسه، فاستفتوا شيخ الاسلام قائلين له: "إذا كان السلطان مخالفا لأحكام القرآن فهل يجوز بقاؤه على عرش السلطنة؟.. فأجاب شيخ الاسلام: كلا, والله اعلم بما يجب . فاستندوا على هذه الفتوى وخلعوا السلطان. ودخل شيخ الاسلام وابلغ السلطان فتوى الخلع... وخلفه مصطفى الرابع 1807 – 1808 الذي سرعان ما خُلع وحُبس. وقتلوا سليم الثالث وأرادوا قتل محمود الثاني ولكن الجواري أخذنَ محمود الثاني وخبأنه في مدخنة...
السلطان محمود الثاني ( 1808 - 1839 ) يولي البيرقدار الصدارة، الذي قتل جميع أعوان السلطان مصطفى وزعماء عسكر اليمك... ثارت الانكشارية لإعادة السلطان مصطفى فقتل البيرقدار السلطان مصطفى ورمى بجثته إلى الانكشارية فازدادوا هياجا. وبعد انتحار البيرقدار تصدى ناظر البحرية للانكشارية وهزمهم... (وفي هذه الأثناء كان) الجيش المصري يواصل تقدمه في الأناضول... وفاة السلطان محمود...
السلطان عبد المجيد 1839 – 1861 وهو الابن الكبير لمحمود الثاني وكان كريم الأخلاق عادلا حليما متواضعا".
***
هذه مقتبسات من كتاب الأمير شكيب أرسلان تعمّدنا النقل عنه حرفيا وهو من أنصار الدولة العثمانية وليس معاديا لها، كي يرى القارئ بأم عينه جوهر هؤلاء السلاطين، الذين حكموا أو حكمت بطانتهم باسمهم، بلادا شاسعة لمدة طويلة.
وفي هذه السنين العجاف نرى كثيرا من الناس يحنّون إلى عهد السلاطين العثمانيين، ويغذّي هذه المشاعر رجا الطيب أردوغان بتلميحاته وتصريحاته المشيدة بعهود بني عثمان، جامعا بين النزعات القومية والعواطف الدينية لبلورة عثمانية جديدة، على القارئ متابعة مسيرتها الأردوغانية.
وجهة نظر عن سبب نجاح عدد غير مسبوق من حزب جبهة العمل الإسلامي في الانتخابات البرلمانية في الأردن
كأنّ الغرب الأوربي الأمريكي بصدد فرض طبعة جديدة مزيدة ومنقحة من مؤامرة "الربيع العربي"؟
محاولات لتدبير انقلاب في أنغولا.. هذه هي الرواية كاملة
حوار في الجيوبوليتيك.. مقاربات كمال خلف الطويل
حوار المناضل والكاتب السياسي عدنان بدر حلو مع مجلة الهدف
الفلسطينيون والخلل في نهج المقاومة وفي المفاوضات
لماذا حدثت انقلابات خمسينات القرن الماضي؟
دراسة لصلاح جديد حول مشروع الوحدة المقترحة بين العراق وسورية 1979
لمناسبة الذكرى المئوية لتأسيس الحزب الشيوعي السوري.. منظمة كفربو- كيف سقينا السنديانة الحمراء
قسد تسقي "اسرائيل".. والحكسة تموت عطشاً!
حول المسألة الكردية
التعبئة والفساد.. اوكرانيا تحكمها عصابات
حوار تحليلي معمق مع الدكتور حسن أحمد حسن.. إعداد محمد أبو الجدايل
حركة هواش بن اسماعيل خيربك ١٨٤٦-١٨٩٦ م
حوارات السوريين.. بين مؤيدين للدولة ومعارضين لها