كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

د. عبد الله حنا: مفخرتا الدولة العربية السورية الحديثة العلمانية

المفخرة الأولى: بيان الاستقلال الذي أعلنه المؤتمر السوري
والمفخرة الثانية: مشروع الدستور الذي الذي وضعه المؤتمر السوري
***

إعلان وثيقة الاستقلال في 8 آذار 1920
عكست وثيقة الاستقلال، التي أقرها المؤتمر السوري في 8 آذار سنة 1920 مدى ازدياد قوة الحركة الوطنية، ودلّت على انتقال هذه الحركة من مرحلة تجميع القوى إلى مرحلة البدء بالهجوم الذي سرعان ما أُجهض.
طالبت وثيقة اعلان الاستقلال بحل الإدارة العسكرية الفرنسية والانكليزية وبجلاء الجيوش الانكليزية والفرنسية وتأسيس حكومة دستورية. وجاء في وثيقة إعلان الاستقلال:

" إن الأمة العربية ذات المجد القديم والمدنية الزاهرة، لم تقم جمعياتها وأحزابها السياسية في زمن الترك بمواصلة الجهاد السياسي ولم تُرِق دم شهدائها الأحرار وتثر على حكومة الأتراك إلا طلباً للاستقلال التام والحياة الحرة... أعلنّا بإجماع الرأي استقلال بلادنا السورية بحدودها الطبيعية، ومن ضمنها فلسطين، استقلالاً تاماً لا شائبة فيه على الأساس المدني النيابي، وحفظ حقوق الأقلية، ورفض مزاعم الصهيونيين في جعل فلسطين وطناً قومياً لليهود أو محل هجرة لهم.
وقد اخترنا سمو الأمير فيصل بن الملك حسين، الذي واصل جهاده في سبيل تحرير البلاد وجعل الأمة ترى فيه رجلها العظيم، ملكاً دستورياً على سوريا بلقب صاحب الجلالة الملك فيصل الأول، وأعلنّا انتهاء الحكومات الاحتلالية العسكرية الحاضرة في المناطق الثلاث، على أن يقوم مقامها حكومة ملكية نيابية مسؤولة تجاه هذا المجلس في كل ما يتعلق بأساس استقلال البلاد التام إلى أن تتمكن الحكومة من جمع مجلسها النيابي".
***
رُفعت وثيقة الاستقلال إلى الأمير فيصل في مقره، حيث قرأها عليه رئيس المؤتمر هاشم الأتاسي. وفي صباح يوم 8 آذار تلا محمد عزة دروزة وثيقة الاستقلال على الجماهير المحتشدة في ساحة المرجة. واستمرت سورية تحتفل رسميا بعيد الاستقلال في 8 آذار حتى 1959 مع قيام الوحدة المصرية السورية.
***
ومن المؤسف أن دار البلدية وشُرفتها، التي أُعلن الاستقلال من شرفتها والواقعة إلى الغرب من ساحة المرجة هدمتها يدُ الجهل وجشع الرأسمال العقاري، وقامت مقامها بناية عالية. وكان من الواجب الوطني أن تحتفظ البلدية بالبناء القديم وتُحوّله الى متحف يخلّد تلك الفترة القصيرة للدولة الوطنية الحديثة السورية، إضافة إلى الحفاظ على النسيج العمراني لساحة المرجة.
***
مشروع الدستور، الذي وضعه المؤتمر باسم:

القانون الأساسي للمملكة السورية العربية 1920

لا بد من الإشارة إلى أن أول دستور عرفته بلاد الشام هو دستور عام 1876، الذي وضعته جمعية تركيا الفتاة وصدر باسم "القانون الأساسي للدولة العثمانية"، وعُرف باسم "المشروطية" وقد رمى هذا الدستور إلى القضاء على الحكم المطلق والسير بالاصلاح قدماً إلى الأمام. ولكن السلطان الجديد عبد الحميد الثاني عطّل الدستور وحلّ "مجلس المبعوثان" أي البرلمان وأعاد 1888 الحكم الاوتوقراطي المطلق. وعندما قامت جمعية الاتحاد والترقي بانقلاب على عبد الحميد 1908 أعادت الحياة إلى الدستور المعطّل، ودعت إلى انتخابات لمجلس المبعوثان. وبقي هذا الدستور ساري المفعول على بلاد الشام، بصفتها جزءاً من الدولة العثمانية، حتى انهيار هذه الأخيرة في خريف 1918.
***
قام "المؤتمر السوري" للدولة الوطنية العربية (1918-1920) بوضع دستور 1920، باسم "القانون الأساسي للمملكة السورية العربية"، لم يرَ النور بسبب اجتياح قوات الاستعمار الفرنسي لدمشق في تموز 1920. الروح العلمانية واضحة المعالم في هذا الدستور. كما أن التأكيد على الدولة المدنية والحريات الديموقراطية تحتل مركزاً مرموقاً فيه. وهو في رأينا أفضل دستور في العوالم العربية من الخليج الفارسي أو العربي إلى بحر الظلمات (التسمية العربية للأطلسي.

جاء في مادته الأولى: "إن حكومة المملكة السورية العربية حكومة ملكية مدنية نيابية عاصمتها دمشق الشام ودين ملكها الإسلام".
ونقتطف من الفصل الثالث "في حقوق الأفراد والجماعات المواد التالية:
- السوريون متساوون أمام القانون في الحقوق والواجبات.
- الحرية الشخصية مصونة من كل تعد ولا يجوز توقيف أحد إلا بالأسباب والأوجه التي يعينها القانون.
- لا يجوز التعذيب وإيقاع الأذى على أحد بسبب ما.
-لا يجوز التعرض لحرية المعتقدات والديانات ولا منع الحفلات الدينية لطائفة من الطوائف على أن لا تخل بالأمن العام أو تمس بشعائر الأديان والمذاهب الأخرى.
- تأليف الجمعيات وعقد الاجتماعات وتأسيس الشركات حر في ضمن قوانينها الخاصة التي يسنها المؤتمر.
- جميع المساكن مصونة من التعدي ولا يجوز دخولها إلا في الأحوال التي تعينها القوانين.
-المطبوعات حرة في ضمن دائرة القانون، ولا يجوز تفتيشها ومعاينتها قبل الطبع.
***

الثورة السورية الكبرى (1925-1927)، التي لم تنتصر عسكريا ، ولكنها حققت نصراً للحركة الوطنية في ميادين شتى ومنها المساومة والمصالحة، التي جرت بين سلطات الانتداب الفرنسي والبورجوازية السورية ممثلة في الكتلة الوطنية، تمّت على أثرها انتخابات جمعية تأسيسية وضعت دستور 1928، الذي نشره المفوض السامي الفرنسي في 2 2 أيار 1930 بعد أن قيّده بالمادة 116المادة, التي أجازت للمفوض السامي تعطيل أي قانون لا يوافق عليه.
وجاء نص المادة الثالثة على النحو التالي : سورية جمهورية نيابية دين رئيسها الإسلام وعاصمتها دمشق.
وهذا الدستور عطله لأسباب سياسة المندوب السامي بين عامي 1933 و 1939 ثم عاد إلى الحياة عام 1943 وبموجبه جرت انتخابات صيف 1943 التي فازت فيها الكتلة الوطنية وجرى انتخاب شكري القوتلي رئيسا للجمهورية.... وفي عام 1949 جرى انتخاب جمعية تأسيسية أقرت دستورا نُشر 1950. هذا الدستور يرى كاتب هذه الاسطر أن مواده الاساسية تصلح لدستور يجري الحديث عنه هذه الأيام.

***
الحلقة القادمة الأيام الأخيرة للدولة الفيصلية أو الدولة العربية الحديثة

وجهة نظر عن سبب نجاح عدد غير مسبوق من حزب جبهة العمل الإسلامي في الانتخابات البرلمانية في الأردن
كأنّ الغرب الأوربي الأمريكي بصدد فرض طبعة جديدة مزيدة ومنقحة من مؤامرة "الربيع العربي"؟
محاولات لتدبير انقلاب في أنغولا.. هذه هي الرواية كاملة
حوار في الجيوبوليتيك.. مقاربات كمال خلف الطويل
حوار المناضل والكاتب السياسي عدنان بدر حلو مع مجلة الهدف
الفلسطينيون والخلل في نهج المقاومة وفي المفاوضات
لماذا حدثت انقلابات خمسينات القرن الماضي؟
دراسة لصلاح جديد حول مشروع الوحدة المقترحة بين العراق وسورية 1979
لمناسبة الذكرى المئوية لتأسيس الحزب الشيوعي السوري.. منظمة كفربو- كيف سقينا السنديانة الحمراء
قسد تسقي "اسرائيل".. والحكسة تموت عطشاً!
حول المسألة الكردية
التعبئة والفساد.. اوكرانيا تحكمها عصابات
حوار تحليلي معمق مع الدكتور حسن أحمد حسن.. إعداد محمد أبو الجدايل
حركة هواش بن اسماعيل خيربك ١٨٤٦-١٨٩٦ م
حوارات السوريين.. بين مؤيدين للدولة ومعارضين لها