كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

مروان حبش: نشأة وتكون حزب البعث العربي- ح1

إن حزب البعث لم يكن مفاجأة للعرب من حيث المبادئ و من حيث الفلسفة القومية و السلوك لأن هناك منظمات وأحزاب وجمعيات سبقته، فجاء هو يحاول استدراك ما فات تلك المنظمات والأحزاب والجمعيات، وهو ليس امتداداً لها، بل آمن بفكرة الانقلاب على الواقع المُعاش.
1ـ في العهد العثماني نظم العرب جمعيات تهدف إلى الدفاع عن حقوقهم أو استقلالهم الذاتي أو الكامل وكانت الموجة القومية قد هبت نسيمها على الدولة العثمانية التي كان أكبر وأهم شعب من شعوبها هو الشعب العربي وكان رد الفعل عند العرب شديداً من سلوك الأتراك، مما دفع ببعض المفكرين والسياسيين والنواب العرب في مجلس النواب التركي إلى تأسيس جمعيات سرية كان هدفها الدفاع عن الوجود العربي، ثم عن استقلال العرب وحقوقهم، وكانت جمعية الفتاة العربية أبرز المنظمات وأنشطها لهذا التحرك، وفي الحرب العالمية الأولى، تآمر الحلفاء على العرب وثورة الشريف حسين بعد أن وعدوا بدعم أهداف الثورة التي أعلنت استقلال العرب ووحدتهم وخاصة وحدة الحجاز ونجد وبلاد الشام وإعادة مجد الأمة العربية، الأساس الذي بنيت عليه الثورة التي انضم إليها وقادها العديد من الضباط العرب والمثقفين خريجي المدارس العليا وبعض شيوخ القبائل العربية، ولكن الحلفاء كانوا قد تآمروا وقسموا البلاد العربية حسب اتفاقية سايكس- بيكو ثم استعمروها.
كانت سورية من أبرز البلاد العربية من ناحية الفكر السياسي والعمل القومي، وقد قام بها أبّان فترة الاستعمار ائتلاف لمجموعة من المنظمات الكبيرة والصغيرة القديمة والحديثة تحت اسم الكتلة الوطنية وهذه الكتلة قادت النضال ضد الاحتلال الفرنسي في سبيل الاستقلال القطري ـ أي استقلال سورية ـ وما كانت تحركاتها بعيدة عن الفكرة القومية والوحدة العربية لكن لم يكن مجال لبحث المسألة مع الدولة المستعمرة (فرنسا) فارتدى نضال الكتلة رداء القطرية أو الإقليمية، ولم يكن للكتلة الوطنية برنامج اقتصادي أو اجتماعي أو عقائدي، وإنما كان لها برنامج غير مسطر حفظه الشعب كله هو الاستقلال التام ثم الوحدة السورية اللبنانية في أول الأمر وبعد ذلك حصل تنازل عن الوحدة مع لبنان واقتصر الشعار على الاستقلال للقطر السوري.
إن كفاح هذه الكتلة كان عنيفاً ضد الفرنسيين حتى أنها لم تعط فرصة للهدوء والراحة لهم ولكن حصل بعض الفتور في نضالها مما دفع بمجموعة من أعضائها، وخاصة الشباب منهم، إلى الانشقاق عنها، واجتمعوا عام 1933 في بلدة قرنايل في لبنان وأعلنوا تأسيس حركة سياسية أطلقوا عليها اسم عصبة العمل القومي.

عصبة العمل القومي

لمّا لم تحقق الكتلة الوطنية مرامي المد العربي الذي لم يكن يقبل الوقوف،كان لابد من حركة جديدة هي عصبة العمل القومي، و هذا هو الأساس في نشوء العصبة ولم يطلقوا على حركتهم اسم حزب، وكانوا بحسب بيانهم، قد ضاقوا ذرعا بعقلية التخلف والإقطاع وبالشعارات السياسية الغائمة والارتجال وبالمواقف الفردية والانتهازية التي كان يمارسها زعماء الكتلة الوطنية. لقد كان العنصر البشري في العصبة من فئات ذات مراكز اجتماعية وسياسية لها وجاهة وغنى ونفوذ، أي أن العصبة كانت حزباً أرستقراطياً إلى حد بعيد ومقتصراً على الوجهاء والمتنفذين والمثقفين، وكانت قيادتها، إجمالاً، من رجال الدرجة الثانية في منظمة الكتلة الوطنية ومنزلتهم كانت بسبب مرحلتهم الزمنية وصغر سنهم.
إن المنظمات تقوم على دعائم ثلاث: الهدف، والأسلوب، والعنصر البشري الذي ينفذ الأسلوب لتحقيق الهدف. واعتبرت العصبة أن القضية العربية كلاًّ لا يتجزأ وعملت على تحقيق الوحدة العربية، ثم كان ميثاقها واضحاً من تحديد الوطن العربي واعتبار العرب هم كل الذين يتكلمون اللغة العربية ثم دمج المغرب العربي في عداد الأمة العربية، ولقد دعت العصبة إلى النضال وتفجير طاقات الأمة العربية كاملة ومحاربة الاستعمار في كل الميادين.
تميّز أعضاء العصبة، من ناحية الأسلوب، بعمل سياسي قومي منطلق من مبادئ محددة ودستور للعمل ونظام داخلي يسلك وفقه الأعضاء.
أما من ناحية الفكر فقد اعتبروا القومية قضية مسلماً بها والعروبة هوية لكل عربي، واتخذوا من جملة (تحيا العروبة) شعاراً لتحيتهم.
لم تعط عصبة العمل القومي لمفهوم القومية أي مضمون موضوعي وعرضته بتزمت، واعتبرت الديمقراطية هي الهدف الثاني، أما مفهوم العدالة الاجتماعية فكان غامضاً عندها رغم أنها لامست إلى حد كبير حاجات الشعب العامة وضمنت للمواطن، في إعلانها، الحد الأدنى من العيش الكريم وتسهيل سبل التعليم والصحة والحياة الكريمة.
انفرط عقد العصبة بعد مصرع رئيسها عبد الرزاق الدندشي الذي كان ملتهب الحماسة وعامراً بالحيوية والإخلاص، وبدأ الانشقاق بين أعضائها وانصرف البعض عنها، كما أن البعض من قادتها كصبري العسلي وغيره لجأ إلى أسلوب المساومات مع الكتلة الوطنية وعاد إلى صفوفها بعد أن نال ما يمكن أن يسمى (الترفيع)، إذ حصل عدد منهم على مقاعد نيابية أو وزارية أو عضوية في مجلس الكتلة أو ما هو شبيه بذلك، وتحول من بقي منهم إلى تجمع سياسي بين أشخاص، وتهيأت الظروف لظهور حركات وتجمعات أكثر جذرية وجدية منها.
4- الحزب القومي العربي:
بعد انفراط عقد العصبة، قام حزب سياسي سري ضمّ عدداً كبيراً من رجالات العرب وخاصة الشباب منهم اسمه الحزب القومي العربي، ومن حيث أنه سري فإن جماهير الشعب لم تنضو تحت لوائه. لكن أعضاءه كانوا يدخلون في كل المنظمات ويلجون كل الميادين لتحقيق أهداف الحزب.
إن المحتوى الاشتراكي لهذا الحزب كان شبيهاً بمفهومه عند حزب العصبة وكذلك فهو حزب قد بدأ من فوق، أي أنه اعتمد على شخصيات كالعصبة، أيضاً، وكان له نشاط في الحركات السياسية المهمة.
تأسس الحزب القومي العربي (السري) في مؤتمر سري عقد في منزل محمد علي حمادة في بيروت عام 1934، للعمل دون ضجيج، على تحرير أقطار الوطن العربي وتوحيدها بدولة واحدة من المحيط إلى الخليج، وكانت خطة عمل الحزب أن ينتسب أعضاؤه إلى الأحزاب والهيئات العلنية، على أن يبقى ولاؤهم الأول للحزب القومي العربي, وأن يعملوا بكل جهدهم على توجيه نشاط هذه الأحزاب والهيئات لخدمة أهداف ومبادئ حزبهم.
إن تحديد الحزب لبلاد العرب وتعريفه للعربي ولأمة العرب متفق مع التعريف العام لعصبة العمل القومي وللبعث العربي فيما بعد.
كان أعضاء الحزب أكثر صلة بالعروبة العفوية العاطفية، كما أن انتشار أعضائه في كثير من المؤسسات القومية والحكومية كان سبباً في توضيح معاني العروبة والقومية في أوساط كثيرة من المجتمع العربي التي كانت ميداناً لنشاطهم.
انتشر الحزب القومي العربي (السري) في سورية ولبنان والعراق وفلسطين وشرقي الأردن والكويت- وفق أدبياته- ومن مؤسسيه (عبد الرحمن الجوخدار و فهمي المحايري، وكانا عضوين في اللجنة العليا لعصبة العمل القومي، ومسلم الحافظ ومنير الريس، من مكتب الشباب الوطني الذي كان تابعاً للكتلة الوطنية، و فخري البارودي، عثمان الحوراني، جلال السيد، سعيد فتاح الإمام، د. فريد زين الدين، د. عزة الطرابلسي، علي عبد الكريم الدندشي، أسعد محفل، فرحان الجندلي، أسعد هارون، عدنان الأزهري، ظافر الرفاعي،جمال علي أديب، هاني الصلح وغيرهم من سورية، و د. قسطنطين زريق، أكرم زعيتر، درويش المقدادي... من فلسطين، وصديق شنشل، صبحي العمري، سعيد الحاج ثابت، عبد الرزاق شبيب، العقيد عبد الرزاق الصباغ ، العقيد كامل شبيب، العقيد محمود سلمان، العقيد فهمي السعيد ( وهؤلاء العقداء عرفوا بالمربع الذهبي ) من العراق، و تقي الدين الصلح، عادل عسيران، سليمان المعصراني، ميشيل جحا، محمد علي حمادة... من لبنان.
وحسب أدبيات هذا الحزب، فإنه هو الذي أسس النادي العربي في دمشق، وأنشأ العديد من المخيمات الكشفية، وأسس في دمشق مكتب الإعلام العربي، كما أنه هو الذي خطط ونفّذ ثورة رشيد عالي الكيلاني في العراق في أيار 1941.
ولأسباب وُصفت في أدبياتهم بالانتهازية، انشق عن الحزب مجموعة من شباب حلب بقيادة ظافر الرفاعي ورمزي الألاجاتي، وأسست حزباً علنياً أطلقت عليه، أيضاً، اسم الحزب القومي العربي.
إن عام 1938 كان عاماً حاسماً بالنسبة للشخصيات التي ارتبط اسمها بتأسيس حركة البعث العربي ولقد شهدت تلك المرحلة سلسلة من الفشل (الفشل في عقد اتفاقية فرنسيةـ سورية، وفشل حكم الكتلة الوطنية، وانتهت بإلحاق لواء الاسكندرونة بتركيا نتيجة لمساومات الدولة المستعمرة "فرنسا" مع نظام أتاتورك التركي، وقد أدى ذلك بالطبع إلى إثارة أقوى مشاعر النقمة والسخط لدى الشعب العربي وخاصة في سورية وساد جو من الغليان الوطني خصوصاً في أوساط المثقفين واضطرم الشعور العربي إلى أقصى الحدود.
وقبل مؤامرة فصل لواء الاسكندرونة عن سورية بعام تقريباً وبعد أن أصاب التفكك عصبة العمل القومي، أسرع فرعها الذي كان أمين سره زكي الأرسوزي إلى الابتعاد عنها وتحول في إنطاكية عام 1937 إلى تجمع سياسي يحمل اسم "نادي العروبة " وأنشئت في هذا النادي مكتبة أطلق عليها اسم (البعث العربي) وحملت الصحيفة التي أصدرها النادي اسم (العروبة).
لقد كانت هذه المجموعة المنظمة إلى حد ما والتي كان على رأسها زكي الأرسوزي تعتبر من قبل السكان العرب، الناطق باسم الرأي العام العربي خصوصاً في منطقة أنطاكية وكانت تنظم المظاهرات الشعبية وتقف ضد الاحتلال الفرنسي والمطامع التركية في اللواء وتندد بالضعف المهين لحكومات الكتلة الوطنية، وبعد مؤامرة ضم اللواء إلى تركيا غادر الأرسوزي والعديد من العرب في نهاية عام 1938 مدينة أنطاكية متوجهين نحو دمشق، يحملون معاناة "الجرح " في كرامتهم الوطنية والشعور العميق بالمرارة والغضب.
في دمشق و قبل الحرب العالمية الثانية بقليل وفي أثناء هذه الحرب لعب الأرسوزي دوراً بالغ الأهمية في الحركة القومية وفي التيار الفكري، وخصوصاً، بين الشباب والجيل الجديد، هذا الجيل الذي قُدر له أن يدخل فيما بعد المسرح السياسي، والتفت حول الأرسوزي حلقة من الطلاب والمثقفين الذين أصبحوا فيما بعد من بين المؤسسين الأوائل في حركة البعث.
أما الأستاذان ميشيل عفلق وصلاح البيطار، وكلاهما كزكي الأرسوزي أنهيا دراستهما الجامعية في باريس، وهنالك نما بالفعل تكوينهما الفكري ووعيهما السياسي.
يقول الأستاذان عفلق والبيطار أنه في عام 1928 عندما كانا تلميذين في الصفوف الثانوية كانت لديهما فكرة بسيطة للغاية عن المشكلة السياسية السورية وكانت القضية الوطنية بالنسبة لهما تُطرح من خلال نضال الأمة ضد الاستعمار، فالذين كانوا يتعاونون مع سلطة الانتداب، أفراداً كانوا أم حكومات، تُطلق عليهم صفات الرجعية والخيانة، والذين كانوا يقودون حركة الاستقلال كانوا يعرفون بالوطنيين. وعندما سافرا إلى فرنسا لاحظا أن التعاطف مع قضية بلدهما كانت تأتي، أحياناً، من جانب الشيوعيين وبعض النواب الاشتراكيين في البرلمان الفرنسي.
دأب طالبا السوربون "عفلق والبيطار" على قراءة بعض كتب كبار الكتاب والمفكرين الذين عُرفوا بصدق ونبل أفكارهم، وباكتشافهما الاشتراكية وجدا نفسيهما أمام تفسير جديد، كامل وأخّاذ لجميع المشكلات السياسية والاجتماعية التي كان يعاني منها العالم بشكل عام والعرب بشكل خاص، وتوصل عفلق والبيطار من خلال قراءتهما إلى تحديد مشكلات بلدهما في مشكلتين اثنتين: مشكلة قومية ناتجة عن السيطرة الأجنبية، ومشكلة اجتماعية متأتية من خضوع المجتمع للاستغلال والجهل والمرض، ولقد عادا إلى الوطن يحملان فكرة الاشتراكية كتعبير عن الغايتين اللتين أوقفا نفسيهما على تحقيقهما: مكافحة الاستعمار الأجنبي، ومكافحة الرجعية الداخلية بكل أشكالها، وأن النضال ضد المستعمر لن يكون صادقاً وشاملاً ومجدياً إلا إذا كان نضالاً شعبياً وكذلك فإن النضال مرتبط، أيضاً، أوثق الارتباط بحالة الأمة الفكرية والأخلاقية، وأنه لنجوع النضال ضد المستعمر لابد من تهيئة انقلاب فكري يغيِّر المفاهيم القديمة العقيمة ويهز النفوس إلى الأعماق ويخلق لها نظرة أخلاقية جديدة وجدية.
وكان الأرسوزي قبلهما قد درس في السوريون ونال منها إجازة في الفلسفة، وكان يولي، أيضاً، عناية خاصة لدراسة التاريخ وفقه اللغة العربية، وقد قرأ أعمال الفيلسوف الفرنسي: برغسون، والفيلسوفين الألمانيين: نيتشه وفخته، وأشار إليهما في كتبه بعبارات تنطوي على شيء من المديح، ويبدو أنه تأثر بـ (فخته) واستقى منه مفهومه للأمة العربية الذي تحظى اللغة عنده بالأهمية الأولى، وتكمن أصالة الأرسوزي -رغم طوباويته- في كونه وضع نفسه فلسفياً على أرض الثقافة العربية، ولقد كان يضع الأمة العربية في المركز الأول في فكره: (وتبدو الأمة في الحدث العربي كوجدان قومي تصدر عنه المثل العليا وتقدر بالنسبة إليه قيم الأشياء)، ويصرح: (بأن العرب هم المجموعة البشرية الوحيدة الباقية أمينة على القيم الروحية التي أورَثنا إياها أبو البشر آدم)، ورسالة الأمة العربية عنده: (رسالة إشعاع الإنسانية بأنوار الروح).
في تلك المرحلة، أي في أواخر 1938، التي شهدت تحولاً ملحوظاً في الاختيارات والتوجهات السياسية لميشيل عفلق وصلاح البيطار (باكتشافهما) طريق العروبة وتعرفهما على القومي زكي الأرسوزي الذي كان يصفهما بالشيوعييَن، ولكن كان هنالك نوع من التقارب بين مفهومهم للأمة العربية.
في هذا الجو بدءا الدخول إلى أوساط المثقفين العرب وتتابعت بينهما وبين بعض المثقفين اللقاءات والمناقشات ولاسيما مع كامل عياد وشاكر العاص، وجرت، أيضاً، عدة محاولات لم تكلل بالنجاح، بغية إيجاد حركة سياسية موحدة، كان أهمها اجتماع عقده الأساتذة (ميشيل عفلق، صلاح البيطار, شاكر العاص، ميشيل قوزما، أليس قندلفت) استقر الرأي فيه على إنشاء منظمة ولكنها ما لبثت أن انتهت بعد الاجتماع الأول في عام 1939. و يمكن القول أن وجهات النظر المتباينة، كانت سبب إخفاق هذه اللقاءات بين هؤلاء القادة القوميين.
في العام 1939 أسس زكي الأرسوزي في دمشق - وقبل سفره إلى العراق للتدريس هناك -حزباً بزعامته أطلق عليه اسم الحزب القومي العربي، ولم تمتد حياة هذا الحزب إلا مدة قصيرة. وهذا الحزب لا يمت بأية صلة إلى الحزب (السري)، وكانت مبادئ هذا الحزب هي نفسها مبادئ حزب البعث العربي الذي أسسه الأرسوزي بعد عودته، في السنة التالية، من العراق الذي كان قد أطلق عليه اسم (بروسيا العرب)، وكان الطلاب الذين هاجروا من لواء الاسكندرونة -بعد مؤامرة إلحاقه بتركيا- بمثابة نواة حزبه الذي كان قيد التأسيس، وحُدِد الاجتماع التأسيسي في يوم الذكرى الثانية لسلخ اللواء أي في 29 تشرين الثاني 1940، وقال الأرسوزي في خطابه في هذا الاجتماع: (أرى أن نؤسس حزباً ونسميه البعث العربي وأَقترح أن يقسم التنظيم إلى قسمين: سياسي وثقافي).
ومن أبرز مبادئ هذا الحزب التي لم تكن أكثر من أسطر معدودات:
أ: العرب أمة واحدة.
ب: الوطن العربي واحد.
ج: العروبة وجداننا القومي مهد المقدسات، عنها تنبثق المثل العليا وبالنسبة إليها تقد ر قيم الأشياء.
د: العربي سيد القدر.
هـ: الزعامة العربية زعيمها عربي واحد.
كانت هذه( المبادئ ـالشعارات ) أشبه بصرخة عنيفة ترفض الواقع الذي كان الأرسوزي وتلاميذه يعيشونه،رفضاً مطلقاً لأن حياتهم الواقعية بعد الظلم الفادح الذي وقع عليهم لم يكن فيها إشراقة ضوء واحدة فلا غرو أن يصنعوا من خيالهم واقعاً أخر يكون بمثابة بارقة أمل في المستقبل، ولم يكن لدى الأرسوزي أية نظرة إلى الاشتراكية بصورتها الاقتصادية.
لم يستطع هذا الحزب، الذي لم يستمر أكثر من عامين، أن يستقطب إلا اثني عشر طالباً جامعياً، وأكبر من هذا العدد بقليل من طلاب التجهيز الأولى.
أما عفلق والبيطار فقد أنشآ ندوة صغيرة يغلب عليها الطابع الثقافي أطلق عليها اسم (شباب الإحياء العربي، كانت تستهدف هذه الندوة تكوين نخبة من المثقفين تستطيع ً أن تحدث النهضة العربية.
ولكن سرعان ما اندلعت الحرب العالمية الثانية وضُرب الحظر على جميع النشاطات السياسية والثقافية في سورية، وبقيام حركة رشيد عالي الكيلاني عام 1941 في العراق ضد الاحتلال الإنكليزي والأسرة الهاشمية وتردُدِ صداها العميق في سورية، أثارت على الفور حركة وطنية عامة، وخلال هذه الأحداث اندمجت مجموعة ندوة عفلق- البيطار وأغلب أعضاء مجموعة الأرسوزي- باستثناء الأرسوزي نفسه الذي لم يشترك في هذه الحركة- في حركة واحدة هي "حركة نصرة العراق"، وكان عمل هذا التجمع الجديد من المثقفين والطلاب هو تنظيم المظاهرات الطلابية لدعم الانتفاضة في العراق وعلى الرغم من أن هذه الانتفاضة لم تعمر طويلا فقد استمر عفلق والبيطار بعدها في ممارسة نشاطهما السياسي ضمن هذا التجمع العابر أو المؤقت.
في عام 1942، ومن باب المصادفة -حسبما يقول "جلال السيد"- إنه التقى مع الأستاذ ميشيل عفلق واستمرت اجتماعاتهما وبحثا كثيراً من المواضيع الفكرية والنظرية، ثم أصبح الأستاذ صلاح الدين البيطار ثالثهم في المنهج والتفكير وسائر النظرات. وفي وقت من هذا العام طرح الأستاذ عفلق على شريكيه فكرة تأسيس حزب جديد يكونون نواته والمشرفين على تنظيمه، وبعد اجتماعات لاحقة تم الاتفاق بينهم على أن يكون اسم الحزب ( البعث العربي).
بتبع
من كتاب مروان حبش (البعث وثورة آذار)
وجهة نظر عن سبب نجاح عدد غير مسبوق من حزب جبهة العمل الإسلامي في الانتخابات البرلمانية في الأردن
كأنّ الغرب الأوربي الأمريكي بصدد فرض طبعة جديدة مزيدة ومنقحة من مؤامرة "الربيع العربي"؟
محاولات لتدبير انقلاب في أنغولا.. هذه هي الرواية كاملة
حوار في الجيوبوليتيك.. مقاربات كمال خلف الطويل
حوار المناضل والكاتب السياسي عدنان بدر حلو مع مجلة الهدف
الفلسطينيون والخلل في نهج المقاومة وفي المفاوضات
لماذا حدثت انقلابات خمسينات القرن الماضي؟
دراسة لصلاح جديد حول مشروع الوحدة المقترحة بين العراق وسورية 1979
لمناسبة الذكرى المئوية لتأسيس الحزب الشيوعي السوري.. منظمة كفربو- كيف سقينا السنديانة الحمراء
قسد تسقي "اسرائيل".. والحكسة تموت عطشاً!
حول المسألة الكردية
التعبئة والفساد.. اوكرانيا تحكمها عصابات
حوار تحليلي معمق مع الدكتور حسن أحمد حسن.. إعداد محمد أبو الجدايل
حركة هواش بن اسماعيل خيربك ١٨٤٦-١٨٩٦ م
حوارات السوريين.. بين مؤيدين للدولة ومعارضين لها