كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

شهداء 6 أيار هل هم وطنيون أم متأمرون وخونة؟

فيصل أبو علان

 مع انطلاق العام الدراسي الجديد، عاد الجدل في الأوساط التعليمية والثقافية حول التعديلات التي طالت المناهج الدراسية السورية بعد سقوط حكومة الأسد وتشكيل الحكومتين المؤقتة والانتقالية. إذ يواصل الطلاب للعام الثاني على التوالي دراسة المناهج المُعدّلة التي تعكس توجهات الحكومة الجديدة، والتي أعادت النظر في عدد من المسلّمات التاريخية التي نشأ عليها السوريون لعقود، ومنها قضية شهداء السادس من أيار الذين أعدمهم الوالي العثماني جمال باشا السفاح عام 1916.
ففي مادة التاريخ للصف الثالث الإعدادي (الصفحة 70)، لا تزال الفقرة الخاصة بشهداء السادس من أيار كما كانت، إذ تصفهم بأنهم “متآمرون مع الإنكليز والفرنسيين ضد الدولة العثمانية”، ما أثار استياء شريحة واسعة من السوريين الذين يرون في هؤلاء رموزًا للنضال الوطني ضد الاحتلال.
وكانت وزارة التربية السورية قد أجرت مطلع عام 2025 تعديلات شاملة على المناهج من الصف الأول حتى الثالث الثانوي، شملت حذف مادة “التربية الوطنية”، وإزالة الرموز والشعارات المرتبطة بالنظام السابق، إلى جانب تعديلات في مواد التاريخ والجغرافيا والدراسات الاجتماعية واللغة العربية وغيرها. كما تم تعديل آلية تقييم الشهادات لتصبح شهادة الصف التاسع والبكالوريا المهنية والشرعية تراكمية.
وفي سياق متصل، أصدر رئيس المرحلة الانتقالية أحمد الشرع، في 5 تشرين الأول الجاري، مرسومًا حدد فيه العطلات الرسمية، متضمنًا إلغاء عطلة “عيد الشهداء” التي كانت تُصادف السادس من أيار من كل عام.
من جانبه، أوضح وزير التربية السابق نذير القادري أن لجانًا مختصة تولّت مهمة تعديل المناهج، مؤكدًا أن “العمل انحصر في حذف ما يمجّد نظام الأسد البائد”، مضيفًا: “استبدلنا علم النظام السابق بعلم الثورة السورية في جميع الكتب، وصححنا بعض المفاهيم المغلوطة في مادة التربية الإسلامية التي كانت تُفسَّر بشكل غير دقيق، واعتمدنا ما ورد في كتب التفسير المعتبرة”.
إلا أن قطاعًا واسعًا من السوريين يرى أن هذه التعديلات تتجاوز صلاحيات حكومة انتقالية أو حكومة تسيير أعمال، معتبرين أن بعضها يمسّ حقائق تاريخية راسخة ويخالف الوجدان الجمعي للسوريين.
ويؤكد تربويون وخبراء أن تطوير التعليم لا يتحقق بتغيير أو حذف بعض الحقائق التاريخية، بل بوضع استراتيجية تعليمية متكاملة قائمة على قيم العدالة والمواطنة وحقوق الإنسان، وباعتماد أساليب تدريس حديثة ومناهج علمية متطورة تواكب التطور العالمي وتستجيب لاحتياجات إعادة الإعمار وسوق العمل في سوريا المستقبل.