حول سلفنة المناهج المدرسية
2025.01.02
نبيل صالح
قبل الحديث عن سلفنة المناهج المدرسية نذكّر بأن أسوأ مامر به العرب والمسلمين هو تسييس العروبة والإسلام، ومنذ سقوط بغداد حذرنا من تشكل حزب البعث العربي الإسلامي باستبداد مضاعف على الشعب السوري.. وأغلبكم واكبنا ودعمنا منذ العام 2018 في مشروع تحديث مناهج التربية الدينية الإسلامية والمسيحية بالتعاون بين مجلس الشعب ومركز مداد للأبحاث، وأنجزنا دراسة من 400 صفحة حول نقاط القوة والضعف في مناهج التربية الدينية الإسلامية والمسيحية واعتبرها وزير التربية في حينه أفضل ماقدم للوزارة، غير أن مشايخ البعث عطلوا المشروع بعد العمل على تعديل مناهج بعض الصفوف الإبتدائية..
ومانشهده اليوم من سلفنة المناهج هو بداية عملية لتأسيس الدولة الدينية قبل كتابة الدستور نظريا، وقد تكون مقدمة لتغيير بعض المناهج العلمية وإلغاء كلية الفنون والمعهد المسرحي وتقييد المصنفات الفنية والفكرية التي ناضلنا معا لشطبها من قانون الأوقاف عام 2018 بعد حذف وتعديل 26 مادة وضعت بهدف أسلمة الدولة التي كانت إيران تقف خلفها لإقامة الجمهورية الإسلامية السورية عبر علاء الدين بروجردي رئيس لجنة الأمن القومي الإيراني الذي كان ينسق مع وزارة الأوقاف والفريق الديني الشبابي المتحالف مع الإتحاد الوطني لطلبة سورية، حسب التسريبات التي وصلتنا آنذاك..
وبالعودة إلى قرار شطب مادة التربية الوطنية وإضافة علامتها إلى مادة التربية الدينية واعتبارها مادة مرسبة، فقد كان الأجدر الإبقاء على التربية الوطنية واستبدال دروس الديماغوجيا الأسدية بثقافة وقوانين المواطنة التي قامت عليها ثورات العالم منذ انتصار الثورة الفرنسية عام 1789، لتكون مادة المواطنة جامعة لكل الطيف السوري الذي نشهد اليوم استقبال وفودهم بحسب طوائفهم وليس منزلتهم ومواطنتهم، وهذا تكريس للتجزئة بدلا من الوحدة الوطنية، الأمر الذي قد يأخذنا نحو مفهوم اللبننة التي أنتجت حربا أهلية وحكومات فاشلة..
نأمل من القيمين على وزارة التربية التريث في تطبيق قراراتهم واستفتاء الشعب الذي يرسل أبناءه إلى مدارسهم للتعلم وليس لأدلجتهم قوميا أو دينيا، فالأفراد يتلقون أديانهم وقومياتهم عبر أسرهم "فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر" حسب التنزيل العزيز ، والله هو من يحاسب الناس على إيمانهم المضمر في قلوبهم وليس أنتم، حسب تعبير الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه في خطابه للقائد خالد بن الوليد، فقد تعبنا من الصراعات الدينية طوال 1400 عام أوصلتنا إلى مانحن فيه من خضوع لكل قوى العالم، ولنا عظة بتجربة الإخوان الفاشلة في مصر وتونس والسودان وفلسطين لئلا نعيد حروبهم السياسية، ولتكن سورية بلدا حرا وسوقا مفتوحة على العالم من دون تحالفات ومحاور لازالت تستجلب علينا جحافل الغزاة، فآخر الدول الدينية (إيران وأفغانستان) باتت محاصرة ومعزولة دوليا ولا أمل لها بالإستمرار..
منذ ساعة نشر قرار تعديل منهاج التربية الدينية الإسلامية بالأمس بدأت الدعوات إلى التظاهر، وقد يكون من الحكمة طي القرار اليوم قبل خروج الأهالي في الغد استمرارا لتظاهرات أيام الجمع في سنوات الحرب الأولى، لأن السلطات الإنتقالية ستكون محرجة في منعهم بعد تصريح السيد أحمد الشرع بحق التظاهر والتعبير.. فإزالة الأسباب أفضل من معالجة المرض..
سورية المبتدى والمبتغى والمنتهى