كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

حول استخدام اسم الجمهورية العربية السورية.. نبذة تاريخية

نشوان أتاسي

نبذة تاريخية:
جرى استخدام اسم الجمهورية العربية السورية، للمرة الأولى، بعد انفصالها عن مصر في أيلول عام 1961، وقد اختاره حكام الانفصال تحاشياً لتفاقم غضبة الناصريين والقوميين ممن عارضوا الانفصال، ولتأكيد نزعتهم "العروبية"، رداً على هجوم عبد الناصر الكاسح عليهم كـ "انفصاليين ومعارضين للوحدة العربية".
حافظ عسكريو اللجنة الخماسية، إثر استيلائهم على السلطة في آذار 1963، على هذا الاسم لذات الأسباب، بينما كانوا يتآمرون في السر مع بعث العراق لإفشال مباحثات الوحدة الثلاثية التي كانت تجري في مصر، ويعملون على إجهاضها، وفي نفس الوقت يقومون داخلياً بتصفية سياسية، وجسدية، لكل الناصريين والوحدويين والقوميين العرب.
(راجع في هذا الشأن كلاً من مذكرات أكرم الحوراني، ومحاضر جلسات مباحثات الوحدة الثلاثية، وكتاب محمد حيدر "البعث والبينونة الكبرى").
بعد انقلاب 23 شباط 1966، أسقط الحكام الجدد مصطلحي "الجمهورية" و "العربية" من الاسم وأصبح اسم سوريا "دولة سوريا" وكان منصب رئيسها المرحوم الدكتور نور الدين الأتاسي هو "رئيس الدولة" وليس "رئيس الجمهورية".
استمر الأمر على هذه الشاكلة بعد انقلاب 16 تشرين الثاني 1970، حيث قام حافظ الأسد بتعيين المرحوم أحمد الخطيب "رئيساً لدولة سوريا".
لاحقاً، تمت العودة إلى اسم "الجهورية العربية السورية" لذات الأسباب السابق ذكرها، وظل مستخدماً إلى اليوم، لكن جرى خلال ذلك تدمير منهجي لكل ما يمت إلى عروبة سوريا بصلة، بحيث لم يبق منها إلا الاسم، تماماً مثلما تعاملوا مع شعارات "الوحدة والحرية والاشتراكية".
فهل هذا التاريخ المشرف يوجب الحفاظ على هذا الاسم، خاصة أنهم طمسوا كل ما له علاقة بـ "عروبة" سوريا، ولم يبقوا منها على شيء سواه؟
قناعتي أن المحافظة عليه لا تشبه في شيء سوى الإصرار على الاحتفاظ بجثة ... غير محنّطة.
على المقلب الآخر، فإن الإصرار العصابي على إلغاء الاسم يتعذر تفسيره إلا بوجود "كيدية" إثنية أفرزتها العقود السابقة، ورؤيا سياسية مبتسرة لم تستوعب بعد حجم المتغيرات البنيوية العميقة التي طرأت على المجتمع السوري، ديموغرافياً وسياسياً، وثقافياً وإيديولوجياً.
الأهم من ذلك كله، هو بقاء المسمى، ثم لنختلف بعدئذ على الاسم.