بزّاقة عربية تبحث عن أمّة صلبة تحميها من السياسة الرخوية أمام ملح أميركا وإسرائيل
2025.08.11
ياسين الرزوق زيوس
بينما أنا في رحلة طويلة من حماة إلى طرابلس إلى بيروت إلى القاهرة إلى موسكو إلى سانت بطرس بورغ من سماء ملبّدة بغيوم الخوف والموت والتقسيم رغم كلّ الصفاء الظاهريّ الخادع إلى سماء فيها من الغيوم ما هو غير واضحٍ في دوائر القرارات المصيريّة التي يتنطّح القاصي والداني من محلّلي الفراغ والبلاهة لادّعاء معرفتها وما هم بعارفين.
حتّى وصلتُ إلى سماء موسكو متسائلاً كيف تدور الأقطاب في رأس عرّاب الأقطاب بوتين داخل وخارج الكرملين وكيف فجأة صار ميزان سورية مائلاً باتجاه كفّةٍ أخرى بمباركة روسية بوتينية بعد تعنّت أسدي لا مثيل له في عالم السياسة التي تتطلّب المرونة والخطابات المتغيرة غير الصلبة باتجاه فولاذي واحد بينما كل جدرانه المحيطة تنك من الدرجة المليون؟
وهنا لا نضع كفّة سورية في ميزان شرعي أو أسدي وإنّما نضعها في ميزان مزاج شعبي بكلّ فسيفساء سورية لا أحد إلى حدّ الآن يستطيع قراءته بشكل واضح وسط هذا الغموض الدولي حول مصير سورية والمنطقة برمتها.
تمّ سابقاً إنجاز فيلم وثائقيّ بعنوان (قائد من ورق ) يدور حول الصراع على الأفكار بين القائد المقصود في الفيلم وبين جماعات الإسلام السياسي في مصر، وجماعات الإسلام السياسي في كلّ العالم لديها التهمة جاهزة باتجاه من ينتقدها ألا وهي تشويه الإسلام ومحاولة ضرب مفاصل الدين الحنيف، وكأنّ الدين هو الذي من من ورق و ليس من يحاولون سرقته باتجاه واحد ألا وهو التشدّد والانغلاق وتضييع معالم هذا الدين الحنيف الذي يدّعون حمايته ووصايتهم عليه…
مع أنّ الله خلقنا لنعقل ونتدبّر ونتفكّر لا لنمضي دون تفكير كقطعان بلا رؤوس بشرية جهّزها الله بالعقل ومقتضيات التحليل واتخاذ القرار الصائب بعيداً عن البقاء في معاقل التبعية القاتلة.
ما يدور في سورية والمنطقة المحيطة بإسرائيل يشبه كثيرا وضع البزّاقة المجرّدة من القوقعة (كائن من الرخويات ) والتي تذوب في الملح بعد سحب السوائل والرطوبة من جسمها، وهذا ما يحصل بالضبط في المنطقة المحيطة بإسرائيل فالدول المحيطة بإسرائيل مجرّدة من قوقعة التفكير وحتّى من قوقعة القوة وإسرائيل تريد إذابتها الواحدة تلو الأخرى بمشاريع توسعيّة واضحة مقابل خطابات إذعان واستسلام واضح من كلّ البزّاقات العربية الحاكمة بأمر مالك الملح ترامب.
في مؤسسة القيامة السورية الفينيقية ما زال وضع التاريخ غير ثابت على لوحة الزمن متسائلاً هل سيكون عابراً أم غابراً أم ثابتاً راسخاً بعيداً عن مشاريع التفتيت والتقسيم والذوبان؟! وما زال وجه سورية غير واضح المعالم وسط محاولات تشويهه بطرائق التشدّد والانغلاق، وعلى هذا رفع عبّاس بن فرناس خارطة إيجاد الذيول على أعين الرأس المأمول فهل يرقد رقدته الأخيرة المرعبة على خرائط الفلّ والفلول أم يعيد وصل الذيول بالرأس ليرفع راية التطوّر المعسول والتقدّم المأمول، وعلى هذا نقسم إن لم تقطع أيادينا تحت سواطير العبور المشلول.
و كما قال الشاعر ياسين الرزوق زيوس شو منهياً جولة المقال المنصور بإذن مالك الملح!:
كان في شعر الهوى يستعصمُ!
مات في إنقاذ حبٍّ يُعدمُ!
هل لإسلام الذين استسلموا
باع في هذا الردى من أسلموا؟!
كاتب سوري/ روسيا سانت بطرس بورغ
رأي اليوم