بلفور ووعده المشؤوم في العام الخامس بعد المئة
2022.11.03
الدكتور محمد رقية- فينكس
منذ أن وعد آرثر بلفور وزير خارجية بريطانيا اللورد الصهيوني ليونيل روتشيلد قبل مئة وخمسة أعوام في مثل هذا اليوم (٢تشرين ثاني من عام ١٩١٧)، برسالة من ٧٢ حرفاً "تتضمن وعداً من الحكومة البريطانية بإقامة كيان صهيوني في أرض فلسطين العربية"، والشعب الفلسطيني والعربي يعاني ويعيش مأساة هذا الوعد المشؤوم من دولة لا تملك الحق إلى منظمة لا تستحق ضاربين بعرض الحائط بكل قوانين العالم وحقوق الشعوب في تقرير مصيرها.
وهذا نصها:
"عزيزي اللورد روتشيلد يسرني جداً أن أبلغكم بالنيابة عن حكومة جلالته، التصريح التالي الذي ينطوي على العطف على أماني اليهود والصهيونية، وقد عرض على الوزارة وأقرته: (إن حكومة صاحب الجلالة تنظر بعين العطف إلى إقامة وطن قومي في فلسطين للشعب اليهودي، وستبذل غاية جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية، على أن يفهم جلياً أنه لن يؤتى بعمل من شأنه أن ينتقص من الحقوق المدنية والدينية التي تتمتع بها الطوائف غير اليهودية المقيمة في فلسطين، ولا الحقوق أو الوضع السياسي الذي يتمتع به اليهود في أي بلد آخر”. وسأكون ممتناً إذا ما أحطتم الاتحاد الصهيوني علماً بهذا التصريح.)
المخلص آرثر جيمس بلفور"
رسالة قصيرة ووعد مشؤوم، كان له تأثير مصيري في تاريخ فلسطين والمنطقة العربية أدت إلى تغييرات هائلة في الجغرافيا السياسية، وأنتجت واحدة من أعظم مآسي القرن العشرين، ساهمت ليس فقط في تشريد ملايين الفلسطينيين من وطنهم وألقت بهم إلى الجحيم وهم يعانون البؤس والحرمان، ومواجهة الموت في مخيمات اللجوء بل عانت شعوبنا ودولنا العربية من الاحتلال ومصائب العدوان. و لا زلنا نعيش تداعيات ونتائج هذا الوعد المشؤوم حتى الآن في منطقتنا العربية كلها.
فهم يتقدمون ويحققون مآربهم التي رسموها، والعرب يتعاملون بردود الأفعال رغم نضالات قوى التحرر العربية, حتى جاء عام 2000 عندما انهزم الصهاينة من جنوب لبنان بفعل ضربات المقاومة الوطنية اللبنانية العظيمة ودعامتها الرئيسية في سورية، لأول مرة منذ انشاء هذا الكيان الغاصب عام 1948، وهذه بداية نهايتهم التي تأكدت خلال العشرين سنة اللاحقة.
لقد أعطى هذا الوعد وعداً بأرض ليست أرضه، عليها شعب لشعب ليس شعبه، فهو وعد من لا يملك لمن لا يستحق.
لقد عملت بريطانيا الاستعمارية على تغليف هذا الوعد بالقيمة القانونية خلال مؤتمر باريس عام 1919 بعد إقرار صك الانتداب على فلسطين الذي نص على تنفيذه، وأقرته عصبة الأمم. وتابعت تعزيز قيمته القانونية خاصة في معاهدتي سيفر وسان ريمو.
هذه هي بريطانيا الاستعمارية التي أسست لكل المصائب والكوارث في كل الأماكن والبلدان التي حلت بها أو احتلتها.
لقد أعطت هذا الدور الآن للإمبريالية الأمريكية، التي تتابعه بشكل أشرس وأشنع وأحقر فهي الحامي الأساسي الآن لهذا الكيان الغاصب وتمده بكل أنواع القوة، وكل الحروب التي افتعلوها ببلداننا العربية هي لتمكين هذا العدو من السيطرة علينا لنبقى مستعبدين الى ما شاء الله.
إنه الغرب المتصهين، الذي يجري في عروقه وشرايينه ومتأصل في جيناته قهر الشعوب واستعمارها.
ولكن رغم كل ذلك فإنهم وأعوانهم سينهزمون وستعود فلسطين حرة عربية أصيلة بفضل المناضلين فيها وفي بلدان محور المقاومة بقيادة سورية العربية ، التي ستتعافى من هذه النكسة التي أصابتها بفعل ربيعهم العبري المعوج لتعود من جديد الى قيادة حرب تحرير أراضينا المغتصبة من اسكندرون في الشمال الى الجولان و فلسطين في الجنوب، و إن ذلك اليوم سوف لن يكون بعيداً رغم نذالة الخونة والمتآمرين. وحينها سنطالب هذا الابليس اللعين بدفع التعويضات لشعبنا على كل الخسائر والمصائب التي أحدثها في مواطنينا و أوطاننا.
لقد أثبتت المقاومة بالدليل القاطع بدءاً من الشهيد عزالدين القسام وانتهاءً بالشهيد عدي تميمي مروراً بالشهيد عماد مغنية وبكل الشهداء و المقاومات الوطنية في بلداننا أنها هي الوسيلة الوحيدة لتحرير الأرض واسترجاع الحقوق وما عداها فلا، ويجب أن ندعمها بكل قوانا. ويجب أن يكون ذلك واضحاً لأمتنا العربية وللعالم أجمع.
ولن يموت حق وراءه مطالب