بين صفوان وصفوان
2022.04.27
كتب صفوان زين- فينكس:
كان المرحوم جبرائيل سعادة قد اتخذ قراره الحاسم والنهائي بالتنحي عن رئاسة جمعية العاديات واكتفائه بدور "المرشد الروحي" لها ، وذلك تحت وطأة تقدمه في السن من جهة، ورغبةً منه في إفساح المجال أمام عنصر الشباب لتولي هذه المسؤولية من جهة أخرى.
لم يفصح عن قراره إلّا لعدد محدود من أعضاء مجلس الإدارة، كُنْتُ واحداً منهم، دون أن يفصح عن اسم خليفته أو عن موعد انتقال السلطة اللذَين أبقاهما طي الكتمان بانتظار اختيار التوقيت المناسب لإعلان مفاجأته، إذ كان رحمه الله مولعاً بالمفاجأة المثيرة على طريقة هيتشكوك.
اختار مناسبة سهرة التعارف السنوية التي درجت الجمعية على إقامتها كل عام في فندق الميريديان كي يفجر قنبلةً ويزرع لغماً، أما القنبلة فكانت إعلانه التنحي عن الرئاسة، و أما اللغم فكان إعلانه عن "صفوان" خليفةً له، هكذا "صفوان" مجرداً من أية كنية أو توصيف، علما بأن مجلس الادارة ضم في حينه صفوانَين هما الدكتور صفوان شريتح وصفوان زين، كلاهما كان مؤهلاً لشغل المركز (أقولها بكل تواضع) وكلاهما كان قريباً من رئيس الجمعية وموضع ثقته، وبالتالي فإن اختيار أي منهما كان سيعتبر من الجميع امراً طبيعياً.
تلفظ المرحوم كابي بكلمة "صفوان" وصمٓتٓ لثوانٍ معدودة تنقل الحضور خلالها بنظراتهم الخاطفة المستوضحة بين الصفوانين لمعرفة أي صفوان منهما هو صاحب الحظ السعيد، قبل أن يتبعها بكلمة "شريتح". خلال تلك الثواني الهيتشكوكية المثيرة الفاصلة بين التلفظ باسم صفوان والتلفظ بكنيته كان الصفوانان هما الوحيدان، ربما مع عدد محدود جداً، اللذان يعرفان مسبقاً أي صفوان هو المقصود.
كان الجميع سعيداً بهذا الاختيار الصائب، و قد أكدت الشهور والسنوات اللاحقة صوابَه من خلال الحماس والتفاني اللذَيْن اظهرهما الدكتور صفوان في إدارته لجمعية العاديات.
لم أعد أتذكّر على وجه الدقة تاريخ انتقال السلطة من المرحوم الاستاذ كابي إلى المرحوم الدكتور صفوان، ربما حدث ذلك في النصف الأوّل من التسعينيات، غير أني أذكر تماماً أن جمعية العاديات ظلت شغل المرحوم كابي الشاغل حتى مبارحته الحياة، و إنه ظل المرشد الروحي لها حتى النفَس الأخير، علماً بأن التفاهم كان دوماً كاملاً بين المرشد والرئيس.
في هذه الأثناء كان الأعضاء المؤسسون، و أنا واحد منهم، قد أصبحوا جميعهم خارج مجلس الإدارة ماعدا الصديق أنور مرقص الذي دخل موسوعة غينيس عن جدارة بعد أن أمضى حتى اليوم ٤٤ عاماً متواصلاً عضواً في مجلس إدارة جمعية العاديات ومن ثم رئيساً لها، هنيئاً لك صديقي انور.
و هنيئاً لجمعية العاديات بهذا الزواج الذي اخترتَه كاثوليكياً كي لا تنفصم عراه مهما حدث.