كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

التاريخ و أهمية الذاكرة

أحمد غانم:

ليس من الضروري أن تكون مؤرخاً ولكن من الضروري أن تتذكر التاريخ.
قد يكون ما أقوله بديهياً. ولكن الكثير من البديهيات تمر أمام أبصارنا وبصائرنا دون أن تأخذ حقها من الاهتمام وفي تجاوزنا لها هو احتقار لقدراتنا النفسية وعقولنا.
من منا لم ير انصار الولايات المتحدة من الأمريكيين في فيتنام وهم يتعلقون باجنحة الطائرة هرباً بعد خذلانهم من قبل امريكا؟
البعض لم يكن قد ولد هذا صحيح. ولكن بالأمس القريب رأينا مشهداً مشابهاً في أفغانستان. واليوم يتكرر في أوكرانيا. فالمهرج الاوكراني يصرخ لقد خذلتمونا ولم تفوا بوعودكم!
وقد لفت انتباهي معارض عنيد للنظام في سورية يتحدث بألم عن تلك العنصرية التي يشهدها اليوم من الغرب ضد روسيا ولم يشهدها ضد اسرائيل وضد (قتل النظام السوري لشعبه كما يقول وضد الحرب على اليمن!).
المهم لقد أدرك الكثيرون أن أمريكا تستخدمهم كأدوات وترميهم خرقاً بالية في القمامة كأي مادة مستهلكة لا قيمة لها. فلا هي أطعمتها ولم تتركها تأكل من حشاش الأرض كتلك القطة التي تحدثت عنها أحاديث الرسول العربي.
وحين أصدرت كتابي (العنصرية الغربية والتطرف الاسلامي) عام 2011م رأى بعض الليبراليين ومدعي العلمانية أني ظلمت الغرب المتحضر. والحقيقة أني أشرت بإيجابية إلى ما قدمته الحضارة البرجوازية الغربية للعالم كله و أشرت إلى أنها أيضا قدمت الاستعمار كعنوان للقومية. ولم تكن تؤمن بالديمقراطية والمساواة والحرية التي أطلقتها الثورة الفرنسية إلّا شعارات مرحلية ومحلية تستثنى منها الشعوب الأخرى التي لا ينظر إليها على أنهم بشر بل أدوات وبهائم على طريقة العهد القديم ككتاب مقدس!
اليوم تخلع الأحداث في أوكرانيا النقاب عن عنصرية بغيضة بدأت أصوات بعض الغربيين ترتفع ضدها. مثال ذلك البرلماني الايرلندي الذي استغرب هذا الحماس الغربي للعقوبات ضد روسيا في حين يدعم اسرائيل التي تغتصب فلسطين وتقمع الفلسطينيين منذ أكثر من سبعين عاماً ولم نشهد عقوبات للغرب أو.حتى احتجاجاً ضد اسرائيل بل دعماً لها بالمال والسلاح والدعاية. ولهذا أطلقت في كتابي المذكور على الكيان الاسرائيلي اسم (مملكة القدس الصليلية).
وهي نفسها الدول الغربية التي لم تفرض عقوبات على السعودية بل تقدم السلاح والدعم لها في حصارها لليمن وقتل المدنيين.
حقاً ليس من الضروري أن تكون عالماً، ولكن عليك أن تؤمن بالعلم تكون من أنصاره. وليس من الضروري أن تكون مؤرخاً، ولكن عليك أن تتذكر التاريخ.