كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

عبد الفتاح طوقان: من جبل الثورة الي عبدون

من الإهمال الي التدمير ثمانية واربعين عاما مرت علي حرب أيلول ١٩٧٠، والجرح الماضي دندنها مليء بأكثر مما يحتمله الزير، وبعض من الفلسطينيين السيئين في السبعينيات ممن أرادوا الاحتفال بسقوط جبل الحسين، والاستيلاء على بعض من ثغور الأردن، بعد ان أطلقوا عليه اسم جبل الثورة، الى بيع أراض في القدس وفلسطين في الثمانينات والى اليوم لشراء أراض عبدون.

 اهمال في احترام نظام دولة في السبعينيات احتضنتهم ادي الي ذبول دور العنصر الفلسطيني في معركة الجهاد ضد إسرائيل وانكماش دورهم في استعادة ارضهم الي حرب ضد الأردن آنذاك، والله اعلم ماذا سيكون الوضع لو انتصر الباطل علي الحق، فكيف يكون الانتقام، بينما لطف الله ادي الي انتصار الحق علي الباطل وهنا جاءت النخوة والشهامة عند العشائر الأردنية التي رفعت شعار "عفي الله عما مضي" لإيمانهم بوجود الفلسطينيين الجيدين و الشرفاء من منطلق لا تزر وازرة وزر اخري.

 جرح نازف يستلزم ايقاظ ضميرا لامة غابت عن وعيها في بوتقة "أوسلو", في وقت بعض من عشائر اردنية تمسكت بالأرض ولولا "اتفاقية اوسلو" لما كان "لوادي عربة " أن يري النور.

في "اوسلو" الاختزال في الحقيقة هو أسوأ ما تم، فقد تم محاولة محو تاريخ فلسطين القديم وإحلال تاريخ, فسكن بعض الفلسطينيين السيئين القصور في عمان، وفلسطينيون اخرون انتخابات حملتهم الي النواب بريح فتحت جرح الماضي، وحكومات اردنية حملتهم فارتفعت حصيلة الأورام السياسية في صمت فرض عنوة على العشائر التي تحملت بصبر ايوب.

ورغم قانون تحريم بيع الاراض بعقوبة الإعدام في الأردن في نهاية التسعينات بعد اتفاقيات اوسلو ووادي عربة، يبقي التساؤل هل تسريب الأراضي للعدو الصهيوني جنحة بسيطة أم جناية عظمى؟ و البيع الذي تم على خطى الوكالة اليهودية التي تملكت مساحات واسعة من أراضي الفلسطينيين عن طريق التضليل والخداع في تجارة سوداء الا يثير تساؤلات العشائر الأردنية امام من يطالبون بحقوق منقوصة وأرقام وطنية وجوازات سفر يداس عليها في بيروت تارة فتلد نائبا لرئيس الوزراء، و اعلام اردنية تحرق في الجامعات و المخيمات فيتولد منها وزراء و سفراء و كتاب يشتمون الأردن و عشائرها و يصفونهم بالديدان و بنات الليل، واخرون يرمون الجوازات في القمامة فور الحصول علي جنسيات اخري فترفع لهم القبعات.

اي وطن هذا الذي يلفظ أبناءه ممن يفتدونه بدمائهم، مما اثار ويثير العشائر الأردنية، أن يداس على وطنهم وعليهم وعلى الوطن وهم من انتشلوا غريقا من بحر متلاطم ولملموا جثث وبقايا الفلسطينيين وشعثهم.

وطن اردني رمي بأبنائه الي العوز الذي هو اشد من الفقر، وجعلهم حزينين شلت حركتهم وهو أصعب ما يمكن ان يتعرض له انسان وفي لتراب وطنه من عذاب وألم, فيتحول غصبا عنه الي قنبلة موقوتة تنفجر مع اول احتكاك.

والأدهى أن كل من أحب وطنه الأردني وتحدث عنه أعتبر ويعتبر الان "إقليميا" " و "جهويا" و "عنصريا" واتهم ويتهم الان انه ضد ما يسمي بالوحدة الوطنية، قد تكبل يداه كما كبل فمه، مما ادي ويؤدي الي اليأس وعدم احسان الظن بالنظام، بل يضع النظام نفسه في مرمي طرف النزاع الفلسطيني، وهذا ما يذكر بما حدث مع فلسطيني العراق.

و أقصد، استغل بعض الفلسطينيين السيئين المبادئ القومية للنظام السياسي العراقي السابق بطريقة استفزت العراقيين لأن ولاءهم كان للنظام و ليس للعراق العظيم الذي منحهم الامن و الأمان و رغد العيش، و بعد انهيار النظام في العراق لم يجتمع تاريخيا كل من العرب و الاكراد و التركمان و الشيعة و السنة و المسيحيين و اليزيدية و غيرهم  في العراق علي امر ما  باستثناء امر واحد  وهو افراغ العراق من الفلسطينيين السيئين و الجيدين معا بعد عام  ٢٠٠٣، حيث تم نقلهم من ارقي احياء البصرة و بغداد و الموصل و باقي المدن العراقية الي الحدود العراقية الأردنية و السورية، في مخيمات مع التراب و العقارب، ولم يقبلهم احد داخل العراق الجديد, ومن ثم نقلوا الي مخيمات في البرازيل و بعض دول اخري بترتيبات من المجتمع الدولي، و هو ما قد يطغي مجددا في الساحة الأردنية حال استمر حال التعدي علي العشائر الأردنية والأردنيين وحقوقهم في المواقع السيادية و المطالبة المتكررة بالحقوق المنقوصة و التوطين وخلافه.

 تلك مهمة يجب أن تشارك فيها القوي السياسية الوطنية الأردنية لإيجاد حل مناسب غير التوطين و مفهوم الحقوق المنقوصة، حفاظا على التلاحم بين شعبين لحين عودة الفلسطينيين مرفوعي الرأس الي وطنهم الأصلي، الي شجر الزيتون وسواحلها وبحر يافا وحيفا وجبال الخليل ونابلس والقدس والكرمل و بئر السبع و النقب و مرج بني عامر و بقيه المدن الفلسطينية، تجنبا لأي خلاف او صدام، لا سمح الله، مثلما حدث في العراق و الذي لا يتمناه أحد علي ارض عبدون و ما اطلق عليه السيئون في السبعينيات جبل الثورة و لا أي بقعة من الأرض الأردنية الطيبة التي آوتهم و احتضنتهم و كرمتهم.

اللهم اشهد اني بلغت.