كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

في حوارية زياد الرحباني وبسام كوسا..

علي مصطفى بدور:

 الخطوط الحمراء تقتل الابداع
بالأمس وقع بين يدي حوار يعود الى عام 2008 بين زياد الرحباني وبسام كوسا على الفضائية السورية.
ساعة ونصف تحدث فيها زياد بعفويته المعهودة مقدما عصارة تجربة اليسار اللبناني في كلمات رشيقة، انتقل فيها بين الفن والسياسة ورغيف الخبز.
يسأل بسام كوسا ضيفه عن سبب تأخره في التواجد على الساحة الفنية السورية..
فيرد زياد.. أجلّك كنت عم أتعاطى سياسة.
أبن المدرسة الرحبانية الذي خرج من رحم فيروز يعرف جيداً أن فساد السياسيين أضاع شادي وصنع من حياة اللبنانين "فيلم أمريكي طويل" جعلهم مجانين في "نزل السرور".
ساعة ونصف حلق فيها زيادة عالياً في مواقفه الفنية والسياسية وهو ابن اليسار اللبناني الذي اختزن في ذاكرته كل يوميات بيروت والحرب الأهلية.. يعرف كل زقاق في هذه المدينة.. تماما كما يعرف بسام كوسا كل حارة من حارات دمشق، لكن تابوهات السياسة منعت الأخير من مجاراة ضيفه..
حاول بسام كوسا مراراً الهرب من السياسة الى الفن دون جدوى.. يسأل زياداً عن نزل السرور وجوزيف صقر، فيرد الأخير بأن بيروت في زمن السلم كاذبة مخادعة لا تشبه ناسها الذين يظهرون على حقيقتهم أيام الحرب.
بيروت تشبه دمشق وأبناءها كذلك، لكن بيروت تصرخ، بينما دمشق تأن بصمت.
يسارية زياد الرحباني تمكنه من التنقل بخفة بين قضية وأخرى.. يتحدث دون قيود، ويطلق مواقف تعبر عن معظمنا.. مستعرضاَ بصراحته المعهود موقفه السابق من سوريا وانتمائه الى ما سمى آنذاك الجيش العربي.
ينتقد الحركة الوطنية واليمين اللبناني ويدعو الى تحليل التربة في لبنان.. هذا اللبنان الذي يرفض في دستوره أن يقر بعروبته، منتقدا ما ذكره المشرع بأن لبنان "ذو وجه عربي".. وليس عربياً صرفاً.
يقول زياد في مقاربة جديدة عن العلاقات السورية اللبنانية بأن عنصرية بعض اللبنانيين تجاه السوريين ليست نابعة من كره هؤلاء للسوري كونه سورياً، وإنما نابعة من رفض هؤلاء وعنصريتهم تجاه العروبة، فيقول سوريا جارتنا الأقرب ونحن نراها وجه العروبة الأكبر لذلك عندما يتخذ البعض موقفاً عنصرياً تجاه السوري فهو في قرارة نفسه يتخذ موقفاً عنصرياً ضد العروبة التي تعتبر سوريا وجهها الأبرز.
تحدث زياد أيضاَ عن كذبة السلم الأهلي في لبنان عموماً وبيروت خصوصاً.. يقول كلما توتر الوضع الأمني والسياسي في بيروت "أنتعش".. يعتبر أن بيروت تكذب على نفسها الا في حالات الحرب.. يكون أبناؤها على حقيقتهم.
قيمة الفنان تكبر عندما يمتلك هامشاً أكبر من الحرية يطرح من خلاله ما يجول في خاطره.. قد يعبر بالموسيقى أو المسرح أو الكتابة كما يفعل زياد، بينما وقف بسام كوسا حائراَ في مواقع كثيرة من الحوار محاولاَ الهرب من السياسة إلى الفن وهو الذي يعرف أن جوهر الفن سياسة ومجتمع وهموم مواطنين ومواطنات.