كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

دار الأسد للثقافة والفنون.. تسعة عشر عاماً من التألق في صنوف الإبداع

على مدى أعوامها التسعة عشر لم تكتفِ هيئة دار الأسد للثقافة والفنون بأن تكون صرحاً عريقاً ومنارة للثقافة السورية الأصيلة بل غدت وجهاً حضارياً تستقطب ألمع نجوم العالم ليحلوا ضيوفاً على خشبات مسارحها، وتقدم لجمهورها أجمل الفعاليات الثقافية المحلية والعربية والعالمية وتحجز لنفسها مكاناً مرموقاً بين دور الثقافة حول العالم.
وعلى طريقتها الإبداعية احتفت دار الأسد بذكرى مرور تسعة عشر عاماً من العمل الدؤوب على تأسيسها، وشرع الحفل الذي أحيته أنغام الفرقة الوطنية للموسيقا العربية بقيادة المايسترو عدنان فتح الله بافتتاحية موسيقية من تأليف الموسيقي مهدي المهدي، وشحتها آهات الكورال، ورافقتها صور تذكارية اختزلت أهم العروض التي قدمت على مسارحها وأعظم الإنجازات الفنية من أوركسترا ومسرحيات وعروض الأوبرا.قد تكون صورة ‏حشد‏
وأدى الكورال بعدها أغنية “في الروض أنا شفت الجميل” من ألحان عمر البطش لتعتلي المطربة ليندا بيطار المسرح، وتقدم توليفة ممتعة لأجمل أغاني فيروز التي لحنها فيلمون وهبة.
وقدم بعدها المؤلف الموسيقي وعازف العود كنان أدناوي للمرة الأولى عملاً بعنوان “افتتاحية” وأعادت المطربة سيلفي سليمان الحضور إلى الزمن الجميل بأدائها أغنية “أنا في انتظارك” لأم كلثوم.
وبصوته الرخيم الذي حمله من حلب ونثره على مسرح الأوبرا قدم المغني محمود فارس وصلة من القدود الحلبية التي أضفت أجواءً حماسية على الحفل الذي تضمن كذلك موشحاً من التراث السوري، وتجارب أوركسترالية إبداعية لمؤلفين سوريين تقدم للمرة الأولى على المسرح، وعملين من تأليف المايسترو فتح الله اختتم بإحداهما الحفل بعنوان “رقصة منتصف الشهر”.
وزيرة الثقافة الدكتورة لبانة مشوح أشارت إلى أن هذا الاحتفال بذكرى تأسيس دار الأسد للثقافة والفنون تزامن مع الاحتفال بالعديد من المناسبات أهمها الانتصار السياسي لسورية وصمود الشعب السوري وعودة العرب إلى حضن سورية العروبة.
وقالت مشوح: إن جمال الفن ينبع من جمال الإنسان السوري وقيمه والنفس التي تأبى أن تهزم وتنكسر، وهناك مشاريع ثقافية كثيرة تصبو إلى بناء الإنسان وحماية الهوية، وترميم الأوابد الأثرية المتضررة بفعل الزلزال وإعادة توثيق التراث اللا مادي، وترميم ما خلفته الحرب الظالمة والحصار الجائر في نفوس الشعب السوري.
مدير عام دار الأسد للثقافة والفنون المايسترو أندريه معلولي استذكر خلال حديثه أهم المحطات التي مرت بها الدار منذ انطلاقتها عام 2004 والخطوات الواضحة والثابتة من العمل على إحياء التراث، وتنمية المواهب واستضافة فرق عربية وعالمية فكانت المحفز والحاضن للإبداع، وعكست ثقافة الحب والوجه الحضاري والتاريخي لسورية ولا سيما أنها لم تغلق أبوابها رغم كل الظروف الصعبة التي مرت بها وبقيت منارة في وجه الموت والإرهاب.
وقال المايسترو معلولي: إن هذه الدار بيت كل المبدعين والموسيقيين في سورية وعلى امتداد الوطن العربي والعالم، فهذا الصرح الثقافي يشكل فخراً لكل السوريين والمكان الذي صدروا من خلاله رسائل من المحبة والإخلاص والانتماء مزجوها بألحانهم وتراثهم وعاداتهم وتقاليدهم، فكانت سفيرة سورية إلى العالم ومكاناً يرقى ليحمل اسم البلد الذي يملك أقدم حضارة وأبجدية في التاريخ وأول نوطة موسيقية في العالم.
ولفت المايسترو عدنان فتح الله إلى أن هذا المكان احتضن المشاريع الموسيقية التي يقدمها قادة الأوركسترات والمؤلفون الموسيقيون والعازفون متمنياً أن يقدم على مسارحها كل ما يليق بعراقة وأصالة هذا الصرح ليبقى شعاعاً سورياً للثقافة والموسيقا نحو العالم مشيراً إلى أن برنامج الحفل يصب في أهداف الفرقة في صون التراث السوري والعربي.
المغنية ليندا بيطار عبرت عن سعادتها بهذه المشاركة وقالت إن هذه الأمسية لها وقع مميز بالنسبة لها لكونها في ذكرى تأسيس هذا الصرح العظيم الذي احتضن صوتها منذ افتتاحه، وبات الأم الحنون لجميع الموسيقيين السوريين والموهوبين.
وعملت دار الأسد للثقافة والفنون على احتضان المواهب الشابة وفق ما أكدته المغنية سيلفي سليمان قائلة: “هذا المكان حلم لكل الموسيقيين منذ الصغر للوقوف على خشبات مسارحه، وأثر بي شخصياً بعدما كان انطلاقتي الأولى نحو الحياة المهنية الفنية بعد تخرجي في المعهد العالي للموسيقا”.
بينما قال المغني محمود فارس: إنه لشرف كبير لنا أن نغني القدود الحلبية في الأوبرا وهي تحتفل بعيدها الأمر الذي يحملنا جل المسؤولية في تقديم ما يليق بهذا المكان الذي علق صورة حضارية جميلة عن الموسيقا التراثية في ذاكرة السوريين.
ولفت عازف العود كنان أدناوي إلى أنه شارك في حفلات افتتاح دار الأوبرا عندما كان صغيراً إلى جانب كوكبة من الطلاب والفنانين والموسيقيين ليعود اليوم ويحيي حفل الذكرى التاسعة عشرة كمؤلف موسيقي وعازف مشيراً إلى أن دار الأسد للثقافة والفنون ساهمت بإنشاء حالة ثقافية موسيقية وخرجت فرقاً وتجارب موسيقية جديدة وشكلت نقطة التقاء للكثير من الموسيقيين العرب والعالميين.

أماني فروج