كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

هويّتي.. من اكون؟

نُشرت هذه المادة في "البيان" الاماراتية بتاريخ 11 نيسان 2009, للصحفي فاروق حجي مصطفى.
 

يبحث أبي حسن في كتابه هذا« هويّتي.. من أكون؟ في الطائفية والإثنية السوريتين» عن الهوّية الراقية للإنسان بعيدا عن التقوقعات العرقية والطائفية، موظّفاً الصراع الذي احتدى (ويحتد) بين المكونات العرقية والطائفية في الشرق الأوسط لخدمة الوصول إلى ما ينال إليه، مبيناً في الوقت ذاته المظالم التي ألحقت بكل الأقليات في الشرق الأوسط بشكل عام وسوريا بشكل خاص بدءا من الأكراد، والأرمن، والعلويين، والدروز، وانتهاء بالطوائف الأكثرية ذاتها.

يحاول أبي حسن من خلال غزارة الأفكار والمشاكل التي كانت مادة غنية للكتاب ان يبيّن بان النظام العلماني هو الحل لكل الأمراض المجتمعية وهو النظام الذي يفسح المجال للـ «أنا» ولل»الآخر» يجب أن تكون صحية منعشة لا أن تكون المتقاتلة والغير مستقرة، وهذا النظام عدا انه المنعش لكيانات وأوضاع القلقة انه النظام الذي يخلص المجتمع من أمراض الفتاوى.

ويبيّن أبي حسن هنا بان كثرة الفتاوى بحق النساء أوأنها بمثابة دروس للمجتمع فبدلا ان يكون مفيدا للمجتمع صار أمرا محرضا، ولعل حال المسلمين في الغرب وكذلك حالات الشعوبية التي أصبحت لغة الخطاب السياسي للنظام العربي سببها فتوات الشيوخ الذين يعيشون هم أنفسهم بتناقضات فكرية ودينية.

ويتساءل كيف أن عالما(أو إماما) دينيا يقود منظمة لحوار الحضارات و في الوقت نفسه يحرض مجتمعا إسلاميا في المغترب على عدم الاستقرار مثل الشيخ عدنان إبراهيم(وهو نمساوي من أصل فلسطيني) وهو الشيخ الذي أفتى للمسلمين في النمسا لعدم النكاح « الكتابيات» مما آثار غضبا واستياء في الشارع النمساوي.

وبحسب أبي حسن ان سوء حالة العرب والمسلمين المقيمين في الغرب(الأوربي) يتحمل وزرها الطرفان، المهاجر والمضيف لا المضيف فحسب، ويقول: «..بدليل أننا لا نسمع عن اضطهاد مماثل للعرب والمسلمين في أي بلد من بلدان أميركيا الجنوبية»، ويعزو السبب إلى أن اندماجهم بتلك المجتمعات عن الرضا والقناعة.

وقبل أن ينتقل أبي حسن ليتحدث عن ازدواجية الانتماء لدى النخبة السوري أو المثقف السوري يقول: «اكتشفت من خلال مخالطتي ومعاشرتي للناس في دمشق بمختلف ألوانهم وأجناسهم وانتماءاتهم الدينية والعرقية، سواء أكانوا من النخبة أم العوام، أنه لا يكفي أن اعتقد وأؤمن في أعماقي إني إنسان مجرد عن أي انتماء آخر حتى يؤمن الآخر أني فعلا، فيعاملني على هذا الأساس ووفق هذا المنطوق».

يتابع «فكما أثبتت التجربة(الشخصية على الأقل) لا بد لهذا الآخر أن يصفني بانتماء ثان وربما ثالث، محددا لي بذلك هويتي الخاصة بي وبمن يشبهني(بمعنى يماثلني طائفيا بالدرجة الأولى، وهي من وجهة نظره تحمل دلالات الاختلاف الكلي او الجزئي عنه».

والمفارقة تكمن في ان أيا من تلك الانتماءات التي لا يؤطره الآخر بها قد لا يكون مهما بالنسبة له!أما عن المثقف السوري يقول الكاتب انه كان يلاحظ في الجلسات الخاصة مع كبار المثقفين وإنصافهم كيفية انحسار الحديث عن الانتماء الحزبي أو السياسي أو الثقافي لزيد أو عمرو من الناس لصالح الحديث عن انتمائه أو انحداره الطائفي مهما كان الموقع السياسي او الحزبي وحتى الثقافي الذي يتبوأه ذاك الزيد أو العمرو من الناس!

ويتعجب الكاتب من إلصاق الانتماء الجزئي له، ويقول: «حقيقة حتى الآن لا اعرف لماذا كان يصر هذا الآخر (أيا كان الآخر) على إلصاق الانتماء الجزئي لي أو لسواي على حساب الانتماء شبه الكلي- ويقصد به الانتماء الوطني وليس الانتماء الإنساني».

ويشكك الكاتب انتماءه العربي إذ يتساءل،...لماذا لا أكون فرعونيا باعتبار أن احد أجدادي أتى هربا من مصر إبان حملات التكفير الديني؟ ومن ثم هل قمت بفحص(وغيري كذلك) للجينات الوراثية الخاصة بي حتى أؤكد جازماً إني عربي ولأردد مع محمود درويش: سجل أنا عربي؟

ويعود الكاتب أبي حسن ويطرح سؤالا محددا: هل يكفي اللغة والدين والعرق والتاريخ والجغرافية لتكوين هويّة مجتمع ما ؟ وبالتالي هل ستكون هويّة هذا المجتمع أو ذاك متجانسة بنسبة معقولة ومقبولة بحيث يتماهى أو يذوب فيها الجزئي بالكلي عن رضا وقناعة أو بكلمة أدق يتنازل فيها الجميع للجميع بما يخدم الصالح العام والهويّة الجامعة المانعة التي نطمح إليها؟ أم ان ثمة تباينات وتنافرات لا يمكن طمسها ومحوها أو إذابتها؟

ويرى الكاتب بان الهويّة لا تتشكل مرة واحدة والى الأبد اللهم إلا إذا كانت هويّة ميتة أو هويّة ضد الطبيعة.

وبهذا المعنى فان الهويّة الطبيعية والنابضة بالحياة هي سيرورة وليست صيرورة، وهنا تكمن مأساة الوعي الناقص الذي يعتقد ان كل شيء تكون مرة واحدة والى الأبد ومنه بالطبع الهوّية!، من غير إدراك منه أنه يعمل على إعادة إنتاج هويّة تعيش فواتا تاريخياً!

فاروق حجي مصطفى

الكتاب: هويّتي.. من أكون؟ في الطائفية والإثنية السوريتين

تأليف: أبي حسن

الناشر: دار بيسان بيروت 2009

الصفحات: 230 صفحة

القطع: المتوسط

هيثم المالح وشيخوخة الكبار التي لم تراع
موسى أبو مرزوق: "السلطة الفلسطينية تعني «فتح» و«حماس»"
دبي: أعجوبة أم مشهد عابر؟
سورية المبتدأ والخبر
أُُبي حسن في ((سورية المبتدأ والخبر)).. جرأة الطرح وخلخلة المسلمات
جريدة فينكس الالكترونية: منبر إعلامي سوري جديد مستقل موضوعي وعادل
حفل إطلاق جريدة فينكس الإلكترونية بحلتها الجديدة بحضور رسمي واعلامي
حفل اطلاق جريدة فينكس الالكترونية بحلتها الجديدة
شعارها ”سورية وطن يسكننا” الاحتفال بإطلاق جريدة (فينكس) الألكترونية بحلتها الجديدة
انطلاق (فينكس) بحلته الجديدة..
د. خالد حدادة أمين عام الحزب الشيوعي اللبناني (في حوار قديم معه)
حركة الإصلاح الديني مجدداً ودور المثقف الوطني
صادق جلال العظم: حزب الله انتصر في حربه مع إسرائيل, لكنه نصر غير مظفر
زياد جيوسي: همسات الروح لفينكس في العيد العاشر
كتب إحسان عبيد: فينكس.. فنار بحري.. (بمناسبة دخوله عامه العاشر)