كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

سورية المبتدأ والخبر

خطيب بدلة

يضم كتاب «سورية المبتدأ والخبر»، للكاتب السوري أُبَيّ حسن، الصادر عن دار نون4 بحلب، 2010، مجموعة مقالات تنتمي إلى جنس الكتابة والرؤى النقدية المنصبة على مختلف المجالات والشؤون الحياتية، إذ بدأت تتسلل إلى الصحافة السورية مع بداية القرن الحادي والعشرين، بالتزامن مع تخلصها من سطوة الرقيب.

يتألف الكتاب من ثماني عشرة مقالة، ويشير «أُبَي حسن» في إحداها إلى أنه، وعلى الرغم من جرأته في تناول القضايا الحساسة والشائكة في المجتمع السوري، لم يتعرض لأية مساءلة أمنية، وهذا الأمر دفع بعض الناس إلى القول انه يسوّق للنظام! وزعم آخرون أنه «عميل للأمن»! الكاتب في حقيقة الأمر، لم يترك القضايا الشائكة بعيدة عن النقاش الموضوعي المعمق، إذ ينتقد في موضوعات مقالاته جملة منها، وعلى رأسها التعليمَ في سورية، مبيناً أنه قائمَ على الفصل الصارم بين الجنسين، وحشو أدمغة التلاميذ بالتعصب، والانطواء، ومعاداة الآخر..، وثمة بحث آخر يعالج فيه أبي حسن تاريخَ حركات الإصلاح الديني وعلاقة المجتمع السوري بها، بدءاً من كتاب حاجي خليفة «دستور العمل لإصلاح الخلل/ 1635»، ووصولاً إلى كتاب محمد كامل الخطيب «آخر أخبار المسألة الشرقية.. لا يزال الرجل مريضاً».

ولا يقصر الكاتب تناوله للقضايا المجتمعية على محور موضوعاتها وعناوينها، لنجده يسلط الضوء على شخصيات سورية رائدة، فيفرد فصلاً للحديث عن المفكر أنطون مقدسي الملقب «سقراط سورية»، يعرض فيه لفكره، مستشهداً بأحد آرائه التي أكد خلالها على أن الفكر يأتي، حينما تصبح الأمة العربية قوة سياسية وفكرية، تلقائياً، دون أن نستثيره أو نستجديه، والفكر فكرٌ، لا شرق ولا غرب. ويخلص أُبَي حسن في هذا الموضع، إلى أننا ربما سننتظر طويلاً كي نشهد في سورية مثقفين كباراً في فكرهم، مثل مقدسي.

وفي المقالة المعنونة «بمناسبة تجديد البيعة للرئيس الفيصل» (رئيس الحزب الشيوعي السوري)، يلفت الكاتب إلى أن الحركة الشيوعية تعاني من فوات تاريخي، شأنها شأن غيرها من الحركات السياسية، ومع ذلك لم يتعلم أعضاؤها الدرس.

وجددوا البيعة للفيصل في سنة 2008، ويعتقد الكاتب أن كتاب يوسف الفيصل «ذكريات ومواقف»، الصادرة عن دار التكوين سنة 2007، يتضمن كشفاً ومعلومة مهمين، نستشفها في رسالة سالم (الاسم المستعار لفرج الله الحلو). ومن خلال مناقشة الرسالة، يتوصل أبي حسن إلى أن خالد بكداش، هو المؤسس الفعلي لعبادة الفرد في سورية.

ويتناول الكاتب في واحدة من أطرف مقالاته، عبارة كتبها الصحافي نبيل صالح في كتابه «شغب» يقول فيها: إن من يحب سورية يجب عليه أن يحب سبعة عشر مليون سوري!، فيتساءل الكاتب: ما المقصود بسورية؟، أهي سورية الحالية حسب خريطة سايكس بيكو؟، أم سورية الطبيعية التي تضم لبنان وفلسطين والأردن واللواء السليب، ويزيد عدد سكانها على أربعين مليون نسمة؟

ويدلي أبي حسن بوجهة نظر خاصة، تعقيباً على ذلك: «إن العبثيين والناصريين السوريين، والحالة هذه، سيطالبوننا أن نحب ثلاثمائة مليون عربي، باعتبار سورية قلب العروبة النابض، وأن المسلمين يمكن أن يقولوا ان من يحب سورية يجب أن يحب مليار مسلم!»، ويوضح هنا، أن نبيل صالح لم يستثن من دعوته إلى محبة السوريين، ولا حتى مائتي شخص، لم يستثن المجرمين والمهربين ولا حتى المتاجرين بالوطن والإنسان.

وتبدو محطات جرأة الكاتب خارج نطاق المألوف مع مقالته المعنونة ب«سورية المبتدأ والخبر»، إذ يتحدث عن الفكر القومي (العروبي)، الذي تربى عليه السوريون في العصر الحديث، إلى درجة أننا، كسوريين، نعرف كل شيء، من خلال مناهجنا المدرسية، حول ما حدث في الجزيرة العربية، وبالتفصيل الممل، في حين لا نعرف الشيء الكثير عن فيليب السوري (حاكم روما).

أو عن الفينيقيين، وأوغاريت وإبداعها للحرف الأول، ويشرح هنا أن قلة من السوريين يعرفون أن اسم سورية هو تحوير لكلمة أسيريا (أشوريا)، ويعرفون، مثلاً، أن أجدادهم الفينيقيين هم من نقلوا الثقافة السورية إلى اليونان، وينتهز أبي حسن فرصة تفصيله في هذا الخصوص ليعكس واحداً من التساؤلات لدى المواطن السوري في هذا السياق:

هل يعقل أن يكون العربي الموريتاني أقرب إليّ من الكردي السوري؟ ويسارع مع هذا التساؤل ليشدد على أن سورية، في نهاية المطاف، بعربها وكردها وسريانها وآشورييها وأرمنها وشركسها، وبمسلميها ومسيحييها، يجب أن تكون مبتدأنا وخبرنا.

وفي المقالة المعنونة «دبي.. أعجوبة.. أم مشهد عابر؟».

يصفُ الكاتب مدينة دبي وصفاً يكاد يكون شاعرياً، يخبرنا فيه أنه وهو يشاهد «مول الإمارات»، شعر أن «المولات» التي شاهدها في دمشق تبدو، بالمقارنة معه، مجرد حارات صغيرة!

ولم يفته في هذا الصدد، الحديث عن النخلة، وبرج العرب، والفنادق الضخمة، والزهور التي تزدهي بها الشوارع، ويستعرض مع موضوعة هذه المقالة الكثير من المقولات والأفكار المتعلقة بالحضارة والمدن والعراقة.

المؤلف في سطور

أبي حسن، مواليد طرطوس 1974، مجاز في الصحافة. له عدة برامج تلفزيونية، ومجموعة مسرحيات بعنوان «أحداث إجازة جنرال»، وكتاب فكري بعنوان «حوارات في النهضة والتراث والواقع»، وكتاب «هويتي من أكون؟». ينشر كتاباته النقدية في العديد من الصحف والمواقع الالكترونية العربية.

الكتاب: سورية المبتدأ والخبر

تأليف : أُبَيّ حسن

الناشر: دار نون 4حلب 2010

الصفحات: 124 صفحة

القطع: المتوسط

خطيب بدلة
البيان (الاماراتية) 10 نيسان 2010 
هيثم المالح وشيخوخة الكبار التي لم تراع
موسى أبو مرزوق: "السلطة الفلسطينية تعني «فتح» و«حماس»"
دبي: أعجوبة أم مشهد عابر؟
سورية المبتدأ والخبر
أُُبي حسن في ((سورية المبتدأ والخبر)).. جرأة الطرح وخلخلة المسلمات
جريدة فينكس الالكترونية: منبر إعلامي سوري جديد مستقل موضوعي وعادل
حفل إطلاق جريدة فينكس الإلكترونية بحلتها الجديدة بحضور رسمي واعلامي
حفل اطلاق جريدة فينكس الالكترونية بحلتها الجديدة
شعارها ”سورية وطن يسكننا” الاحتفال بإطلاق جريدة (فينكس) الألكترونية بحلتها الجديدة
انطلاق (فينكس) بحلته الجديدة..
د. خالد حدادة أمين عام الحزب الشيوعي اللبناني (في حوار قديم معه)
حركة الإصلاح الديني مجدداً ودور المثقف الوطني
صادق جلال العظم: حزب الله انتصر في حربه مع إسرائيل, لكنه نصر غير مظفر
زياد جيوسي: همسات الروح لفينكس في العيد العاشر
كتب إحسان عبيد: فينكس.. فنار بحري.. (بمناسبة دخوله عامه العاشر)