كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

من مذكرات عبد الله الرشواني: هكذا تم اضطهاد أجدادي

عبد الله الرشواني- فينكس:

هرب جدي الأكبر برفقة أثنين من أخوته من جنوب الأناضول، و التجأوا إلى حماة السورية حوالي العام 1820 ميلادي.
في حماة أضاع جدي و أخوه أخاهما الثالث، و بعد بحث و فشل اجتماعهما بأخيهما، لجأ إلى قرية في جنوب غرب حماة هي قرية عقرب.
كانت عقرب كاستراحة طريق للقوافل (خانات)، سكانها من التركمان حيث عمل جدي و أخوه و تزوجا، إلى أن تملكا أرضاً وزراعة.
في العام 1920 وبعد أن طردت الجيوش الفرنسية الملك فيصل، عملت فرنسا على جباية ضريبة الأراضي المملوكة لأصحابها.
كان جدي ملتزماً بدفع ما ترتب عليه، ما سمح له بالاحتفاظ بأرضه، خلاف الغالبية من أهالي القرية الذين عجزوا عن دفع الضريبة، و دفعها بدلا منهم شخص من عائلة الكيلاني من حماة إضافة لآخر من آل البرازي.
كان القانون الفرنسي يملّك الأرض بعد عشرة سنوات لمن دفع ضرائبها، ما جعل من أراضي القرية ملكاً لآل الكيلاني والبرازي و صاروا من أظلم العوائل الإقطاعية في المنطقة. رغم أن جدي و خمسة آخرون قد احتفظوا بملكية أراضيهم إلا أنهم لم يسلموا من أذى آل الكيلاني و البرازي.قرية عقرب قديما في حماة
في أيلول 1951 دعا المحامي الحموي أكرم الحوراني رئيس الحزب العربي الإشتراكي آن ذاك، دعا لمؤتمر للفلاحين عقد في حلب، و كان أول مؤتمر من نوعه دعا لإنهاء الإقطاع الذي صنعته فرنسا، و طالب بتوزيع الأرض على الفلاحين المخامسين (البواطلية). حضر جدي ووالدي المؤتمر.
بعد عوتهما من المؤتمر، ثارت القرية ضد آل الكيلاني و البرازي، وتم الإستيلاء على ممتلكاتهم من أبقار و خيول حيث بقروا بطونها و قتلو الطيور، كما تم تخليع كروم العنب و حرقها، و إحراق محاصيلهم من الحبوب و التبن، و مباشرتهم بهدم قناق الأفندي. حدث ذلك خلافاً لإرادة جدي الذي كان يدعو للاستفادة من أملاك الإقطاعي و تعويض الفلاحين المحرومين منها. لكن الأمر تم بفورة من الغضب، و تيمناً بقدوم الفرج على إثر المؤتمر.
في العام 1949 كان أديب الشيشكلي قد استولى على السلطة (عام 1949 لم يستلم الشيشكلي السلطة، بل قام انقلاب حسني الزعيم 30 آذار ذلك العام واستمر 137 يوماً، ثم عقبه انقلاب سامي الحناوي، في آب 1949، الذي استمر من 14 آب 1949 حتى 30 تشرين الأول 1950، ثم كان الانقلاب الأول للشيشكلي- ملاحظة من فينكس) و صار في العام 1953 رئيسا لسوريا، فأصدر قراراً بحل الحزب العربي الإشتراكي، و اعتقال بعض من شاركوا في مؤتمر الفلاحين.
اعتقل جدي وأبي وتم تحميلهم مسؤولية ثورة القرية، و قررت المحكمة العسكرية مصادرة أملاكهما، و ترحيلهما قسراً خارج حماه و ريفها، فلجأ جدي و أبي إلى حمص.
في حمص استدانا من معارفهما، و اشتريا أرضاً زراعية في قرية قريبة من حمص اسمها قزحل. أمضت العائلة عقداً من السنين العجاف، و عانينا الفقر، والحرمان إضافة لحالة اللاجئ المتعرّض لاعتداء زعران القرية.
في العام 1965 اشترى جدي و صديق له أرضاً غير قابلة للزراعة، هي أرض الوعر القديم، والتي زاحمهما عليها تاجر من آل كالو، فتراجع البائع و آلت الأرض إلى آل كالو، ولم ينل منها والدي وجدي إلا قطعتي أرض صغيرتين بعد أن حولها آل كالو لأرض معدة للبناء.
انتقلت العائلة إلى السكن النهائي في الوعر عام 1971.