كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

المناضل الشيوعي والقومي فؤاد نصار (أبو خالد)

لواء ركن/ عرابي كلوب (1914 – 1977)
المناضل/ فؤاد نعمه نصار (أبو خالد) الأمين الأول للحزب الشيوعي الاردني الرجل المناضل الثوري الفذ، وابن الشعب الفلسطيني البار، ابن الناصرة التي كانت بالنسبة اليه حنيناً مجسماً في نضاله، حيث شكل فيها أولى الخلايا السرية المسلحة، ونقطة البدء في مشواره الثوري الطويل، ظل يتابع مسيرتها المجيدة بحماس واهتمام، ويتلقف انتصاراتها بفرح طفولي، وافته المنية دون أن تتكحل عيناه برؤية المدينة التي أحبها.
عشرات السنين من الكفاح والنضال بكافة اشكاله العسكري والسياسي والنقابي والجماهيري والوطني، قضاها القائد المناضل الرفيق/ فؤاد نعمة نصار متنقلاً بين السجون والمنافي والمطاردة والتشريد مكرساً حياته دفاعاً عن القضايا الوطنية والاجتماعية وعن العمال والفلاحين والفقراء عامة، قاتل بالسيف والقلم على حد سواء، قاوم الاستعمار البريطاني والعصابات الصهيونية بكل ما أوتى من قوة وعزيمة.
ولد/ فؤاد نعمة نصار بتاريخ 28 تشرين الثاني من عام 1914م في بلدة بلودان في سوريا من أبوين فلسطينيين من الناصرة، حيث كانا يعملان في التعليم، عاد برفقه ابويه وإخوانه في عام 1920م الى مدينة الناصرة مسقط راس والديه وعائلته، التحق بالمدرسة الابتدائية لمدة اربع سنوات ثم غادرها ليشتغل عاملاً في صناعة الأحذية للمعاونة في نفقات الاسرة الى جنب والدته المدرسة.
اشترك في عام 1929م في العمل الوطني منذ ثورة البراق ولأول مرة في المظاهرات الشعبية ضد الاستعمار البريطاني وضد الغزوة الصهيونية، واحتجاجاً على اعدام الوطنيين الثلاثة (حجازي، وجمجوم، والزير). في عام 1936 وعندما وصلت المقاومة الفلسطينية لأوجها، قام فؤاد نصار بتشكيل مجموعة أنصار صغيرة كانت تصنع المتفجرات وتخفيها ثم تهاجم المواقع والآليات البريطانية بقيادته.
اعتقل فؤاد نصار في نفس العام وقدم بتهمه تشكيل منظمة سرية معادية للانتداب البريطاني والقيام بنشاط شيوعي. حيث حكمت عليه المحكمة الإدارية البريطانية بالسجن لمدة عام يليه عام آخر أبعاد، ولكن نتيجة الإضراب العام في فلسطين، اطلق سراح فؤاد نصار، مع غيره من المعتقلين السياسيين بعد سته اشهر من سجنه، وفرضت عليه بعد ذلك الاقامة الجبرية في الخليل.
واصل فؤاد نصار نشاطه السياسي في منفاه في الخليل فعادت السلطات البريطانية لنفية اربعة اشهر لبلده يطا، غير ان ذلك لم يمنعه من مواصلة نضاله الوطني، فتقوم سلطات الانتداب البريطاني بتقديمة مرة آخرى للمحكمة، ويحكم عليه بالسجن سنة أخرى، فيقضي شهراً في سجن القدس ثم ينتقل الى سجن عكا حيث يلتقي هناك بالعديد من رجالات فلسطين الوطنيين.
خرج الرفيق/ فؤاد نصار من السجن ولكن سلطات الانتداب فرضت عليه الاقامة الجبرية واثبات الوجود في مدينة الناصرة، لكنه لم يتقيد بذلك وفر هارباً الى الخليل ليلتحق بالثورة الفلسطينية من جديد، حيث استدعته قيادة الثورة في أواخر عام 1938م الى لبنان ليعود في اوائل عام 1939 الى فلسطين قائداً للثورة المسلحة في منطقة القدس والخليل، حيث كان قائد هذه المنطقة القائد/ عبد القادر الحسيني.
قاد فؤاد نصار عدة معارك ضارية ضد وحدات من جيش الانتداب البريطاني بينها معارك (كسلا، وعرطوف، وام الرواس، ومار الياس وغيرها) حيث كبد العدو خسائر فادحة بالرجال والعتاد، وتجلت في هذه المعارك شجاعته الفائقة وحنكته العسكرية وإخلاصه المتناهي للقضية الوطنية ووفاءه التام ومحبته وصلاته الوثيقة بالجماهير الشعبية التي التفت حوله وأحبته وحافظت على حياته عندما أصيب أثناء القتال بجروح بالغة في اكتوبر عام 1939م.
استمر فؤاد نصار في قيادة الثورة لهذه المنطقة حتى اواخر عام 1939م حيث بدأت الحرب العالمية الثانية، وآخذت السلطات الفرنسية في سوريا ولبنان تضيق الخنادق على الثوار. في منتصف اكتوبر عام 1939م انسحب بناء على توجيهات القيادة العامة للثورة مع مجموعة من رجاله الى بغداد.
التحق/ فؤاد نعمة نصار بالكلية الحربية في بغداد وتخرج منها بعد تسعة اشهر، وفي آذار عام 1941م قامت ثورة الضباط الوطنية في بغداد(حركة رشيد عالي الكيلاني) ضد الانجليز وشارك فيها، لكنها فشلت فانتقلوا الى ايران حيث طردتهم السلطات وعادوا مرة ثانية الى العراق وطردوا مرة أخرى الى كردستان بلدة(زاخو).
وفي صيف عام 1941 شن الفاشست هجومهم الغادر على الاتحاد السوفيتي واكفهر الجو السياسي في العراق، وطلبت السلطات البريطانية اعتقال فؤاد نصار وعدد من رفاقه، وهكذا زح به في السجن.
وفي أواخر عام 1942م اصدرت حكومة الانتداب البريطاني في فلسطين عفواً عاماً فعاد فؤاد نصار الى فلسطين بتاريخ 1/1/1943م، وفرضت عليه السلطات البريطانية الاقامة الجبرية في مدينة الناصرة وهناك عاد الى اتصالاته النضالية النقابية والنضالية.
وفي أواخر ايلول عام 1943م انقسم الحزب الشيوعي الفلسطيني الى قسمين: عربي ويهودي، واجتمع الشيوعيون العرب وشكلوا (عصبة التحرر الوطني في فلسطين) وقد انتخب فؤاد نصار (أبو خالد)عضواً في اللجنة المركزية بينما كان غائباً.
في أواخر عام 1944م، انعقد المؤتمر الأول للعصبة وانتخب لجنتها المركزية وكان أبو خالد احد اربعة امناء للجنة المركزية للعصبة. وفي شباط 1948م، انعقد في الناصرة الكونغرس الأول للعصبة وانتخب فؤاد نصار اميناً عاماً لها. أعلن عن تشكيل الحزب الشيوعي الأردني عام 1951م، واصبح فؤاد نصار اميناً عاماً للحزب.
سجن فؤاد نصار في الاردن نهاية العام 1951م في سجن الجفر الصحراوي مدة ست سنوات، واطلق سراحه عام 1956م بعد ان جاءت الحكومة الوطنية في الاردن برئاسة سليمان النابلسي وعاد لممارسة عمله الحزبي. ساهم الرفيق/ أبو خالد في تشكيل تنظيم الأنصار في الأردن عام 1969 – 1970م.
اختير الرفيق/ فؤاد نعيمة نصار (أبو خالد) في ربيع 1971م عضواً في المجلس الوطني الفلسطيني. في تشرين الثاني عام 1974 منحت هيئة مجلس السوفيات الأعلى الوسام الرفيع(وسام الصداقة بين الشعوب) لأبو خالد بمناسبة بلوغه الستين، وتقديراً لدورة البارز في الحركة الوطنية للشعبين الفلسطيني والأردني، وكانت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي البلغاري قد منحته قبل ذلك وساماً رفيعاً هو وسام (ديميتروف).
توفي الرفيق/ أبو خالد في الساعة الواحدة والخمسين دقيقة فجر يوم الخميس الموافق 30/9/1976 عن عمر ناهز الثانية والستين عاماً.
يعتبر الرفيق/ فؤاد نصار (أبو خالد) قائداً ورمزاً للشيوعيين الأردنيين والفلسطينيين، وكان أحد المؤسسين الأوائل في الحركة الشيوعية الفلسطينية والأردنية والعربية. ترك الرفيق/ فؤاد نصار وراءه مسيرة نضالية، وتراثاً غنياً بالفكر والإبداع والرؤية الثاقبة.
كان للرفيق/ ابو خالد نشاط فكري واسع وكان كاتباً لامعاً ومثقف ثوري، كرس قلمه لكتابة مئات المقالات في الصحف المحلية والعربية والعالمية والتي لعبت دوراً كبيراً في تعريف الرأي العام العالمي على قضية ونضال شعبنا الفلسطيني.
من أبرز مؤلفاته (القضية الفلسطينية وموقف الزمرة المنشقة منها) (المهام المطروحة أمام الحزب في الظرف الراهن).
منقول (عن صفحة المثقف الفلسطيني)