الشيخ موسى الأعور
2025.10.05
علي سليمان يونس
وجد شخص غريب الاطوار والهيئة في حي الاشرفية بدايه القرن العشرين الميلادي وكان مقيما في غرفة من الغرف المجاوره لجامع (ارسلان باشا المطرجي) القديم ويظهر على هيئة درويش متصوف يلبس الثياب المرقعة, وربما وجدت في ثيابه كافة الالوان والاشكال, وكان يحمل سُبحة طويلة ويضع في عنقه عدة سُبحات ولحيته كثيفة جدا وكان يخفي احدى عينيه برقعة يزعم من خلالها انه اعور ولا يعرف باسم او كنيه سوى باسم الشيخ" موسى الاعور". كان هذا الشخص مكرما من قبل اهالي الحي لاعتقادهم بصلاحه و زهده وتقواه وانه "بركة" ومجاب الدعاء ويُتمسح بثيابه وسبحته جريا على تقاليد الناس وقتئذ التي ما زالت بعض رواسبها مشاهدة الى وقتنا الحاضر. ظن البعض ان اصله من بلاد الهند ولكن ليس الامر بذي اهمية طالما انه يرتدي ثياب المتصوفة ويحمل رموزهم وينادى بلقب المشيخة ,ولذا كان اهل الحي يقدمون له انواع الاطعمة والحلويات المختلفة في الايام العادية اما في شهر رمضان والعيدين فيكرمونه اكراما زائدا.
فجأة وبعد ان اقام الشيخ المزعوم مدة عشر سنوات في اللاذقية اختفى وعبثا تم البحث عنه هنا وهناك وفي غرف باقي الجوامع لقد اصبح اثرا بعد عين. تمضي الايام وينطلق شخصان من اهالي حي الاشرفية الى مدينة حيفا الفلسطينية لاجل اتمام بعض الاعمال التجارية وكانت قد خضعت للاحتلال الانجليزي في عام 1918 "خضع الساحل السوري للاحتلال الفرنسي في عام 1918" وبعد ان القى المركب مرساته في مينائها ,وقف الاثنان على رصيف فيه ينتظران قدوم بعض التجار, واذا برجل ينظر اليهما من بعيد ويضحك ,لم يقف الامر عند هذا الحد بل اقترب الرجل منهما وقد بدت عليه الملامح الاوروبية وكان يرتدي بدلة عسكرية انجليزية ويبدو انه من الضباط الذين يحملون رتبة رفيعة, و بادرهم السلام باللغة العربية فاعترت الرجلان دهشة شديدة وسألاه: هل تعرفنا؟ فانفجر ضاحكا واجابهما بما زاد دهشتهما: (ما تذكرتو الشيخ موسى الاعور في حارتكم من اكثر من عشر سنين؟).
بعد مدة عاد الرجلان الى مدينتهما ليقصا الخبر على اعيان الحي واهله.
اقام هذا الجاسوس الانجليزي في مدينة اللاذقية تحت ستار الدين وعباءته واتقن اللغة العربية وربما اتقن اللهجة المحلية ايضا درس خلال اقامته اوضاع احياء المدينة وعائلاتها وعادات اهلها وتقاليدهم واستطاع ان يخدع الجميع في المدينه. لكن السؤال هنا: ما هي المهام الرئيسية التي كان الجاسوس مكلفا بها وما الذي استطاع ان يصل اليه وماذا كتب لسلطات بلاده؟). الامر في ذمة التاريخ، والله اعلم...
القصه مأخوذة من تاريخ سوريا المعاصر.