كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

اعلام من مدينة البيرة الفلسطينية.. عبد الله جودة خلف الطويل

د. كمال خلف الطويل

أول رئيس مجلس محلي
1923- 1928، 1942- 1946
وأول رئيس بلدية 1952-1961
الخبرات العملية:
1- عضو مجلس الأعيان (1967) (1963)
2- عضو مجلس النواب 1961
3- رئيس المجلس المحلي البيرة وثم رئيس البلدية 1961
4- مدير شركة النجاح التجارية في البيرة والقدس 1926-1928
ولد كلا الشقيقين عبد الله وعلي جودة خلف الطويل في البيرة حوالي عام 1890.... توفي عبد الله ودفن في البيرة عام 1968.... أما شقيقه علي فقد توفي ودفن في دمشق بعده بثمانية أعوام.
الشقيقان كلاهما كانا ظاهرة استثنائية على صعيد الحياة المحلية، ليس بفضل الثروة الكبيرة التي جمعاها من المهجر فحسب، بل وبفضل مشاركتهما في عمل الصالح العام ونشاطهما السياسي في البيرة والمهجر.
من بين الشقيقين كان تنوّر علي جودة خلف استثنائي بكل المقاييس لرجل على قدر بسيط من التعليم خرج من فلسطين.
استطاع علي بفضل مكانته وعطائه ونشاطه التعرف على و مصادقة مجموعة واسعة من أحرار ومثقفي العالم العربي في المهجر وبلاد الشام كأمين الريحاني وشكيب أرسلان وعبد الرحمن الشهبندر وشكري القوتلي ورشيد طليع وسليمان النابلسي، وعبد الله الريماوي.. الخ.
هاجر الشقيقان اليافعان للولايات المتحدة في وقت مبكر قبيل الحرب العالمية الأولى.
وبعد أن عمل الاثنان كبائعين متجولين (باعة "كـشة"، وهو الاسم الشائع في حينها بين السوريين، أو "بدلرز" وهو الأسم الأمريكي)، قام علي، الأكثر مهارة بين الشقيقين في شؤون الأعمال التجارية، بـتأسيس شركة "البيرة كومباني" لبيع ملابس النساء الداخلية والسجاد والنوفوتيه بالجملة في قلب جزيرة مانهاتن (في 85 شارع واشنطن، وهو الشارع الذي شكل مركز تجمع المهاجرين السوريين الأوائل في نيويورك).
أما عبد الله، الذي ربطه وشقيقه نوع من تقاسم الوظائف، فقد عاد إلى البيرة نهائياً بعد الحرب العالمية الأولى.
علي يوفر المال من خلال "البيرة كومباني"، وعبد الله يشرف على مصالح العائلة في البيرة، وأهمها عمليات شراء آلاف الدونمات باسم الشقيقين في البيرة وفي مناطق مختلفة من فلسطين، ويلعب دورا رئيسا في تزعم الحياة السياسية والاجتماعية في البيرة في القرن الماضي، حيث شغل، ومنذ مطلع العشرينيات، ولعدة مرات، منصب رئيس المجلس المحلي.
وقد نال لقب أفندي، وهو لقب تركي من أصل يوناني ومعناه السيد، وأخذ في استخدامه في أواخر العهد العثماني، وكان مقصورا على طبقة الوجهاء وكبار الملاك في المدن.
كما أصبح أول رئيس لبلدية البيرة عندما تحول وضع البيرة من مجلس محلي إلى مجلس بلدي في مطلع عام 1952.
وقد عُرِفَ عبد الله جودة خلف بالنزاهة المالية ونظافة اليد، إذ لم يعرف عنه استغلال منصبه لأغراض شخصية.
وقد مارس، كما يفترض بأي زعيم محلي، الكرم والإنفاق من ماله لتمكين "زعامته وصيته".... غير أن الأمر لم يخل من أقلية حاسدة.
نعود لعلي جودة خلف، الذي انضم إلي شركته في وقت ما عبد الحميد شومان (مطلع عشرينيات القرن العشرين) الذي أسس لاحقاً "البنك العربي" الشهير. وبدون أدنى شك، فإن جزءاً من رأسمال شومان الذي استثمره في تأسيس هذا البنك جاء من خلال هذه الشركة التي كانت محطة هامة في بناء ثروته.
اقترح شومان على شريكه علي ترك الولايات المتحدة نهائياً والانضمام إليه كأحد المساهمين في مشروع البنك، وهو الاقتراح الذي لقي الرفض.
هو رفض ندم عليه، في ما بعد، علي جودة خلف، الذي لم يؤمن بإمكانية نجاح المشروع، ورأى في عرض شريكه - العصامي والسابق لعصره – مجرد عرضٍ قائم على الأحلام والتمنيات.
في عام 1921 أسس فؤاد شطارة "جمعية النهضة الفلسطينية" في نيويورك، وكان علي جودة خلف، بالإضافة إلى جميل السلطي وإبراهيم حبيب كاتبة وبطرس جورج شحادة والقس إبراهيم رحباني، أبرز أعضائها.
كانت الجمعية بالإضافة لـ"الجمعية الفلسطينية لمقاومة الصهيونية" (تأسست عام 1918) إحدى أهم وأول الجمعيات الفلسطينية في المهجر والتي قاومت النفوذ الصهيوني في الولايات المتحدة.
كما سعت إلى هدف قلما كان في ذهن وأهداف الجمعيات العربية التي تشكلت في المهجر ألا وهو تسهيل العودة النهائية "للذين يودون الرجوع إلى فلسطين من أبنائها المهاجرين".
وفي أيلول 1924 انتخب علي جودة خلف كرئيس للجمعية كخلف لفؤاد شطارة الذي أصبح أمين الصندوق.
سياسياً كان علي كشقيقه عبد الله من أنصار اللجنة التنفيذية العربية برئاسة موسى كاظم الحسيني ورئيس المجلس الإسلامي الأعلى الحاج أمين الحسيني. وسرعان ما أصبح عبد الله أحد أبرز ممثلي منطقة رام الله والبيرة في المؤتمرات والمجالس الوطنية خلال عهد الانتداب.
كما أسس الشقيقان مجموعة من المشاريع والشركات المساهمة الكبيرة في البيرة، ومنها ما يحاكي التجربة الامريكية، مثل "شركة النجاح"، والتي كانت استنساخاً لتجربة (department stores).
غير أن مصيرها كان الفشل، كمصير الشركات التي أسسها مغتربو رام الله في مدينة رام الله.