الراحل الأستاذ والمربي الفاضل سليمان علي عبد الكريم
2025.09.06
نبيل عجمية
الراحل الاستاذ والمربي الفاضل سليمان علي عبد الكريم
الذي رحل مع الضوء...
ليل الخميس الجمعة ٢٠٢٥/٩/٥
في بشراغي"بيت الضوء" وبإطلالتها المميزة على المناطق المجاورة. كـ"جيبول" والحمام وبسنديانا ودوير بسنديانا وقرى بيت ياشوط.
هنا حيث تتوسط بشراغي أعالي الجبال الساحلية بريف جبلة المكسوة بحراج خضراء موشحة بضباب يعانق السحاب.
هنا في بشراغي التي تأسر بجمالها كل من يمر بها ويتفيأ بظلال أشجار سنديانها ويروي ظمأه بمياهها العذبة ويتنفس عطر خوابي ترابها المندى بمسك معتق من السنديان والطيون والأزاهير البرية والأشجار الجبلية المثمرة والحراجية.
هنا تعانق النجوم وتسهر مع القمر وتطل على البحر المتوسط
مرسلا التحيات إلى جبل صافون حيث يقيم بعل، إلى بحر طيطس والساحل الاخضر والقرى المتناثرة وقلوب سكانها الطيبين.
بشراغي بينابيعها ووديانها وغاباتها الحراجية مزنرة بأزاهير برية وطيورها تشدو على أنغام قصائد مفتونة تعشش في جنبات الذاكرة تنسكب شعراً دافئاً مؤثراً في الفكر والوجدان.
هنا ولد الراحل الكريم سليمان علي عبد الكريم في أيام الربيع الاولى من العام "١٩٤٣"م وقضى طفولته الاولى، تتلمذ علي يدي والده الراحل علي عبد الكريم وحفظ القرآن الحكيم والسيرة النبويه الشريفة وبقي على سيرته الحميدة حتى اخر العمر، تعتني به ام فاضلة تتمتع بذاكرة قوية تروي له ولاخيه ابو حسان اطال الله في عمره، احاديث الأولين وحكايا الغابرين وتردد على مسامعهم أعذب الشعر وأغناه، انتقل في المرحلة الإعدادية إلى قرية جيبول ومدرسة بيت الخطيب وأتمها بنجاح ملفت ثم إلى مدرسة بنين جبلة "عز الدين القسام".
ثم انتسب إلى دار المعلمين، وتنقّل بعد تخرجه منها في مدن الشمال السوري في قرى وبلدات تجاور الحدود العراقية والتركية، ليعود بعدها موجهاً في ثانوية الشهيد عبد الوهاب حسن في الحي الجنوبي لبلدة بيت ياشوط في بداية سبعينيات القرن المنصرم، البلدة التي أحبها وعشق هواءها وماءها وأحبه طلابها واهلها، هنا في بيت ياشوط تعرف على رفيقة العمر أم أولاده ابنة المربي الفاضل علي عيد حكيم رحمه الله.
كان يجول القاعات المكتظة بالطلاب الوافدين من متور والمنيزلة وحلبكو وريحانة متور وبشراغي ودرميني وبسمالخ وبشيلي وحلة عارا وعين الشرقية وفلسقو وغيرها من القرى ناصحا ومؤدبا، قلما يبتسم أثناء الدوام له وقار العلماء والأدباء في صمته الناطق هيبة وجلال.
ليس هناك أشرف أو أجلّ من المعلّم، يبني ويُنشِئُ أنفساً وعقولا، رسول الحياة علماً ومعرفة وتربية، الأب الروحيّ والفكريّ والذهنيّ والأخلاقيّ.
ودعناك اليوم إلى مثواك الاخير في ثرى بشراغي الطاهر في هذا اليوم من شهر أولولو (أيلول) الشهر الحزين.
رحمك الله وأسكنك جنان النعيم وحفظ الأبناء والاحفاد، وقد رأيتهم يزرفون دموع الفراق على رحيلك كما بكتك الجموع الغفيرة، الذين توافدوا من كل حدب وصوب.. لروحك السلام والطمأنينة ولسيرتك ومسيرتك الخلود ورحم الله من قال:
ماذا أقول في مدح المعلم يا ترى ... فهل بـَقـَى للمدح أحرفٍ وكتابُ
كلُّ الذي قيل في مدحك ناقصٌ ... فأنت العـُلا وكل الباقيات سرابُ
يا أيـها المعلم نجمك ساطعٌ ... لولاك لكان للعلم طلسمٌ وحجاب
إنَّ المعلم شمعة ٌ وهاجة ٌ ... يضيء في قلبِ الظلام شـِهابُ
يا ربُّ هَـبْ لمعلمي منكَ رحمة ً ... إنك أنت الكريم الوهابُ
نبيل عجمية- بيت ياشوط.. وكنت واحداً من طلابك.