كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

تدمرية وحيدة في ممر

ابتسام بدر نصرة

في الشهر الماضي قمت بزيارة لمتحف فريير الموجود في واشنطن - الولايات المتحدة الأمريكية، ومن البحث مسبقا كنت أعلم ان لدى هذا المتحف قطعاً زجاجية صنعت في سوريا معروضة في قسم الحقبة الاسلامية، ولديهم أيضاً بعض القطع من آثار تدمر (لم أكن متأكدة من أن قطع تدمر معروضة للزوار أم لا!).
دخلت المتحف وهو ليس كبيراً، تجولت في جميع أقسامه حيث صورت القطع الزجاجية المصنوعة في سوريا. بحثت عن قطع من تدمر ولم أجد شيئاً.
كنت في آخر قسم وعلى وشك مغادرة المتحف، حين وجدتها في نهاية الممر الواصل بين قاعة العرض ودرج الخروج. وحيدة تقبع في صندوقها الزجاجي بكامل حليها وأناقتها، على وجهها ملامح الهدوء وإشارة تفكير عمرها فوق الألفي عام. نظرت اليها بفرح وقلت بصوت مسموع: أنت هنا وأنا أبحث عنك منذ الصباح؟
كنت منهمكه في تصويرها من جميع الاتجاهات، عندما اقتربت مني حارسة القسم في المتحف مبتسمة، وقالت إنها تعمل في هذا الطابق منذ سنتين ولم تر من قبل شخص يقف هنا أو يصور هذا التمثال كما أفعل أنا، فقلت لها: لأن هذا المكان غير مناسب لها وإن وجودها في هذه الزاوية لا يلفت النظر. فقالت الحارسة، ولكنها لفتت نظرك فكيف هذا؟ فقلت: أنا هنا من أجلها، وكنت أبحث عنها، ولست فقط زائرة كبقية زوار هذا المتحف، هي تعني لي الكثير، إنها سيدة من تدمر ومن بلدي سوريا، وأنا هنا لأوثّق وجودها في هذا المتحف، وأعرّف بها الناس قدر المستطاع.
تركتني الحارسه وهي تقول: سوريا نعم، نعم بلد عريق.
ملاحظة: الكتابة على التمثال هي كتابة ارامية وتبين اسم السيده الثلاثي ومتى توفيت، ترجمتها من الإنكليزي: هاليفات بنت اوغالتا ابن هاريماي، توفت عام 231 ميلادي.