كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

القهوة المرة.. أساس مضافة أهل "حوران"

هيثم علي – درعا - فينكس

تُعَدُّ القهوة العربيّة من أساسيّاتِ المَضافاتِ الحورانيّة ومن أهمِّ مُرتكزاتِ التُّراث الشّعبيّ الحورانيّ التي مازالت مستمرةً حتى وإن تغيّرَ الزمن، القهوة تكريمٌ للضَّيف ومِفتاحٌ للخير، كما تُستعمَل في "جاهاتِ الأجاويد"، وهُناكَ مُسمَّياتٌ عِدّة ومُتنوّعة خاصّة بطبخِ وتجهيز القهوةِ العربيّةِ المُرّة.

منصة "فينكس" التقت بتاريخ 3/ 1/ 2022 "مريم الخطيب" التي ما تزال تواظب على تجهيزِ القهوةِ العربيّة في مضافةِ العائلة، وقد تحدثت عن أهميّةِ القهوةِ المُرّة ودورِها الأساس في المَضافة الحورانيّة قائلة: تُعَدُّ القهوة العربيّة المُرّة من أساسيّاتِ المضافاتِ الحورانيّة، التي مازالت مستمرةً حتى وقتنا الراهن، ولطبخِ القهوة لدى عائلاتِ "حوران" مُسمَّيات عِدّة ومتنوّعة منها: "الثّنوة" و"التشريبة" و"التنخيرة"، و"البجر".

وتُحضَّرُ القهوة في الدّلالِ التي توضَع في مُنتصفِ المَضافة على "المِنقَل"، ومن أنواعِ طبخاتِ إعداد القهوة "البجر"، وهيَ القهوة التي تُضاف ويتمُّ طبخُها وزلُّها ووضعُها في بَرّاد القهوة لتقديمِها للشُّرب، وتُعدُّ أهمَّ أنواعِ القهوة والأعلى في مُسمَّياتِ طبخِ القهوة، وتُجهَّز من "الثّنوة"، يُرافقُها أهميّة "الدلال" التي تُجهَّز من خلالِها الطبَخات. هُناكَ مَن يَصنع القهوة في أربعِ دِلال والتي تُسمّى "المِصفاة"، وهيَ أكبرُ الدِّلالِ التي تُوضَع بالقُرب منَ النار وتُصفَّى فيها تشريبةُ القهوة بعدَ الانتهاء من صبِّها.

ويقول الشَّيخ "سليمان الخطيب": "لا تزالُ القهوة الشُّغلَ الشاغل للكثيرِ منَ العائلاتِ الحورانيّة وخُصوصاً كِبار السنِ الذينَ تعوّدوا أن تكونَ القهوةُ حاضِرةً يوميّاً في مَضافاتهِم. ومنَ العادات في هذا الشأن أنّ الضّيفَ عادةً ما يتناول ثلاثةَ فناجين كحدٍّ أدنى، ومنهُم مَن يرى أنٍها خمسةُ فناجين، ومَن يتجاوز ذلك يكونُ عيباً لديهم، وأنَّ شاربَها لم يشربها على أنّها كَيف.

وقد ربطَ أبناءُ حوران القهوة وفناجينَها بـالطّيبِ والنُّبلِ والنّخوةِ والشّهامةِ والكرمِ والشّجاعة. 259768308 451331843303434 2062490888372958570 n

والقهوة في حوران لها دورٌ مُهِمّ في الحياةِ الاجتماعيّة، وفي حلِّ النزاعاتِ والخلافات كما تحدّثَ "عبد الرحمن الأبازيد" لمنصة "فينكس"، وعلى حدّ تعبيره "يرتبط حملُ فُنجانِ القهوة لدى أبناءِ حوران بالكثيرِ منِ المعاني التي ترتبطُ ارتباطاً وثيقاً بالقِيَمِ والعاداِت العربيّة، وتُستعملُ القهوة في جاهاتِ الصّلح وحلِّ الخِلافات، ويُقالُ هُنا "الجاهة الفالحة فنجانها ما يبرَد".

ومن أساسيّاتِ تجهيزِ القهوة "المطباخة" وهيَ أقلُّ حجماً منَ المِصفاة، وسُمّيَت بذلك لأنَّ القهوة تُطبَخ فيها حتى تغلي وتكون صالحة لوضع البهارات عليها، و"المِبهارة" وهي أقلّ حجماً من المِطباخة، وهذهِ الدلّة تُوضع بها البهارات وتُصَبّ عليها القهوة من "المِطباخة" ثمَّ تُقرَّب منَ النار، و"البكرج" هوَ أصغرُ الدِّلال وتُصبُّ فيها القهوة منَ "المِبهارة" التي وُضِعَت على النار لتُقدَّم للحاضرين، وذلكَ لخِفّةِ حملِها وسهولتِه.

ويؤكّد "الأبازيد" على أمرٍ مُهمّ بأنَّ الفنجان في حوران يُحجَب عن الجبان والخائن والنَّذل وعديمِ المُروءة، فأولئكَ يُحرَمون من تناولِ القهوة مع الرجال. ويُعدُّ حجبُ الفنجان عن أيّ شخص سواداً في الوجه، وهناك أمثال شائعة ومُتداولة بينَ الناس تقول: "فُلان معقب الفنجال".

وتبقى صناعة القهوة المرة حاضرةً في "درعا" ومتوارثة عن الآباء والأجداد، وهي الشراب المفضل الذي يقدم في المجالس والمضافات للضيف عند قدومه وقبل تناول الطعام وبعده، وقد يستغني الحوراني عن بعض أنواع الأطعمة والمشروبات، لكنه لا يستغني عن شرب القهوة المرة يومياً.