كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

صُخور "تل دبة بريكة" شاهِدة على أطلال أميرة "دوبو"

 مُعين حمد العماطوري- فينكس- السويداء:

 تشهدُ صخور "تل دبة بريكة" العديدَ من الأحداثِ والوقائع التي كتبَ عنها الكثيرُ من باحثي الآثار أثناءَ عملهم فيها، لاكتشافِ المخزونِ البرونزيّ الدفين من خلال اللُّقى الأثريّة والفخّاريّة لإطلالِ مدينة أميرة "دوبو" التي حملت مِئاتِ المشاهد الأثريّة والأبحاث والدراسات.

وعن أهميّةِ الموقع وجغرافيّته وما يختزنهُ من آثار، قالَ رئيس دائرة الآثار والمتاحف في السويداء "وليد ابو رايد" لموقع "فينكس" بتاريخ 23 كانون الثاني /2022/: "يحتوي "تل دبة" الواقع ضمنَ مناطق "جبل العرب" على مخزونٍ أثريّ يحتاجُ دراساتٍ مُعمَّقة لمعرفةِ تفاصيلِ العُصورِ التي مرّت عليه، مُبيّناً أنَّ وراءَ كلِّ اكتشافٍ جديد هناكَ اكتشافٌ أهمّ، وهذا ما يدفعُ الباحثينَ وأصحابَ المعرفة العلميّة في علمِ الآثار أن يَصبُّوا جُلَّ اهتمامهم للبحثِ في وليد أبو رايد-مدير \\\\\آثار السويداءهذا التلّ الحامل لكثيرٍ من الكنوزِ الأثريّة المُهمّة.

 ويُعدُّ "تلّ الدبّة" وفقَ "أبو رايد" أحدَ أكبرِ التلال الأثريّة في مُحافظة السويداء، ويتميّز بموقعهِ الجغرافيّ، إذ يتوسّط عدداً منَ القُرى والسُّهول الزراعيّة، ويأخذ شكلاً بيضاويّاً تقريباً، رأساه في الشمالِ الشرقيّ، والجنوب الغربيّ، وتبلغ مساحتهُ حوالي /4/ هكتارات، يُحيطُ به سورٌ كبير مشيد من حجارةٍ ضخمة غير منحوتة، يقطعهُ المدخل القائم في الجهة الشماليّة الشرقيّة، أشارَ إليه الأمريكي "بتلر" عندَ زيارته للمنطقة في مطلع القرن الماضي، ولكن من دونِ ذكر تفاصيل، وقد اعتقدَ حينها أنَّ أطلالَ التلّ ترجِع إلى عُصورِ ما قبل التاريخ.

من جهتهِ بيّنَ باحث الآثار "حسن حاطوم" لِ "فينكس" أنَّ التلّ حظيَ باهتمامٍ كبير مِن قِبَلِ الباحث الفرنسيّ "بريمر"، فقد تحدّثَ عنهُ بإسهاب في منشوراتهِ التي تضمّنت نتائجَ أعمالِ بعثتهِ الاستكشافيّة للمِنطقة، وذلكَ خلالَ ثمانينيّات وتسعينيّات القرن الماضي، كما أشارَ إلى وجودِ تنوّعٍ في الكسر الفخاريّة السطحيّة التي تعودُ لفتراتٍ مختلفة، (برونز وسيط فخّار تل اليهوديّة، برونز حديث من نوعِ الفخّار القبرصي المعروف باسم "باس رينغ"، وكسر من الفخّار الأحمر المطبع والعائدة إلى العصرَين الهلينستي والروماني).

بدورهِ قالَ باحث الآثار "أشرف أبو ترابة": "إنَّ المُكتشفات في العصرِ البرونزيّ الوسيط كانت عبارة عن هياكلَ عظمية وأوانٍ فخّاريّة مميّزة، إضافةً إلى طبقة من عصرِ الحديد العائد إلى /700 -900/ ق.م من العصر الآراميّ، لافتاً إلى أنَّ التلّ يحتوي على مُنشآتٍ خدميّة تضمّ مُستودعاتٍ للحبوب، وصومعةٍ مركزيّة كبيرة الحجم، بالإضافة لقالبِ سكبِ الحديد، وهوَ الثالث في سورية بعدَ أن وُجِدَ القالب الأول في "أوغاريت" والثاني في "تلّ باز".

وأكّدَ "أبو ترابة" أنَّ ضخامةَ المكان، والقيمة العلميّة والأثريّة الذي يتميّز بها يحتاجُ لسنواتٍ كثيرة للبحثِ والدراسة لمعرفتهِ أكثر.

وفيما يخصّ الأعمال الأثريّة التي قامت بها البعثة الوطنيّة، أشارَ الراحل الدكتور "علي أبو عسّاف" في كتابه "الآثار في جبل حوران- محافظة السويداء" إلى أنَّ أعمالَ التنقيب بدأت في التلّ عام /2003/ من قِبَلِ بعثةٍ وطنيّة ضمّت آثاريّينَ ومُهندسين من دائرةِ آثارِ السّويداء، وذلكَ تحت إشرافٍ علميّ، إذ إنَّ التلّ يمثّلُ أطلالَ مدينة "دوبو" التي جاءَ ذكرُها في دارِ محفوظات "تلّ العمارنة" ضمنَ رسالةٍ وُجِّهَت من قِبَلِ أمير "دوبو تل الدبّة" يُعلن فيها مُرسلُها وقوفهُ إلى جانبِ الفرعون "أخناتون أمنوفس الرابع"، والذي يعودُ لعام /1364-1347/ ق.م. في نزاعهِ معَ أمراءِ الممالك الكنعانيّة في أواسطِ بلاد الشام، وقد تمَّ الكشفُ عنه من خلالِ أعمالِ التنقيب التي لازالت تل بريكة- السويداء 2مُستمرّة.

أخيراً، لعلَّ العديدَ منَ العناصرِ المعماريّة واللقى الأثرية المُهمّة بمُختلفِ أنواعها من فخّاريّة، وحجريّة، وعاجيّة، ومعدنيّة، وغيرها منَ التُّحَفِ والتماثيل تدلُّ على عصورٍ تاريخيّة غابرة، وتحملُ الكثيرَ منَ المعلوماتِ التي نجهلُها، لذلكَ تتطلّبُ العملَ الدؤوب والمُستمرّ حتى يتمكّنَ المُختصّونَ من كتابةِ تاريخِ هذهِ المدينة المُهمّة التي ما نعلمهُ عنها ربّما أقلُّ بكثير ممّا نجهلهُ عن هُويَّتها، واستمرار العمل في الموقع يساعدُ في تأهيلهِ مُستقبلاً، ليُصبحَ مُتحَفاً في الهواءِ الطلقِ ومركزاً للجذبِ السياحيّ لمُحافظة السويداء.