كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

الباحث في التراث الشعبي نزيه عبد الحميد يتحدث عن ذكريات العيد في صافيتا بطرطوس

 فادية مجد- صافيتا- خاص فينكس: 

لاتخلو سهراتنا من أحاديث الماضي الجميل رغم قسوة الحياة وقتئذ، ولكنها كما يقول لنا آباؤنا كانت أياما مفعمة بالمحبة والتعاون والبهجة .

وذكريات التحضير للعيد أيام زمان في ريف صافيتا من الأحاديث الشيقة والتي  كانت محور حديث "فينكس" مع الباحث في التراث الشعبي "نزيه عبد الحميد"، الذي حدثنا عن يوم وقفة العيد والتحضيرات التي تجري في هذا اليوم  في زمان مضى، يقول  الباحث عبد الحميد: يبدأ التحضير  للعيد قبل أيام من قدومه، فمن ينوي شراء شيء جديد لمنزله يحرص أن يشتريه قبل العيد، إن أمكن، كحصيرة أو بساط جديد أو كراسٍ وغيرها، كذلك من يريد أن يطين بيته بطينة جديدة أو تبيضه (بالحوّارة) التراب الأبيض، ومن أراد شراء كسوة صيفية أو شتوية أو طال شعره، فإنه ينتظر الى ماقبل العيد ليقوم بعملية الشراء وقص الشعر .

وعن يوم وقفة العيد يقول عبد الحميد : وقفة العيد كان يسمونها يوم الغسلة، حيث كان الكل يغتسل على رامة القرية (المستنقع) إن كان بها ماء، أو على النهر إن كان الطقس مناسباً، أو داخل البيت بعد أن يتم نقل الماء أو تجميعه من الميزاب الذي يوصله الى قدر كبير عن السطح،  ثم يأتي غسيل الثياب ونشرها على كومات الحطب اليابس حتى تجف، هذه الكومات من الحطب كان يقال لها مكادس والتي تنتظر دورها في الاشعال في عملية الطبخ .

ويتابع الباحث في التراث الشعبي كلامه عن يوم الوقفة قائلاً: وفي يوم وقفة العيد أيضا يبدأ نحر الذبائح منذ الفجر، وكان كل واحد من رجال القرية يوصي على مايريد من الذبيحة، ويسجل هذا على ورقة، فمن يريد ربع العظام أو نصف القرعة أو الكرش او كذا كيلو من اللحم، فعليه أن يبين ذلك لصاحب الذبيحة قبل أيام، أما صاحب الذبيحة (الذبيحة تكون ثوراً على الأغلب) فيقوم بذبحه في ظل شجرة سنديان

وبعد أن ينتهي من سلخه بمساعدة بعض الزبائن ويبقيه ممدداً على جلده، فيأتي كل زبون وقد أحضر سكيناً يقتطع بها من المكان الذي يريد من الذبيحة، وصاحبها يجلس بالقرب من الميزان حيث يزن، ويقبض الثمن، أو يسجل بدفتر أسماء الزبائن التي تشتري بالدين، ولا ينسى مشتري اللحم أن يحضر عوداً من السنديان طويلا ينتهي بشعبتين من الأغصان

تمنع اللحم الذي يشكه فيه من السقوط أثناء حملهم لقطع اللحم الكبيرة إلى البيت بطريقة عمودية،.

أما قطع اللحم الصغيرة فكانت توضع في اوراق مقصوصة من الأكياس التي كان يباع فيها الاسمنت.

ولأن أغلب الناس كانوا لايذوقون اللحم إلا في العيد أو الصدقات التي تقام عن أرواح المتوفين، فإن أحدا لم يكن يحرم عائلته من تناول اللحم في يوم العيد حتى ولو اشترى أرخص قسم من الذبيحة كالكرش الذي كان يتم تنظيفه وغسله جيداً ثم يحشى بالبرغل المتوفر عند الجميع، وكان اللحم غالباً مايتم شيّه أو تحويله إلى كبّة بعد هرسه بالجرن الحجري، أما البرغل فيتم فركه جيداً بعد نقعه بالماء الساخن، وكان ذلك قبل استعمال طاحون الكبة اليدوية التي كان يتم تثبيتها على طاولة ويحرك ذراعها دائريا فيخرج النوع مفروماً، وتحشى بالبصل واللحم ويضيف الأغنياء الجوز عليها وتقلى بالزيت حتى تحّمر، وكانوا يسمونها (عرايق)، وصواني الكبة يتم شيّها باشعال النار حتى تصبح جمراً وتوضع الصينية عليه، حيث يوضع قسم من الجمر على قطعة من حديد (غطاء برميل ) مثلا ويوضع فوق الصينية.

وبخصوص حلويات العيد فكانت أغلب البيوت تصنع في العيد الرز بالحليب ويسمونه (رخاميّة)، وكذلك أقراص الكعك بالمحلب وكانوا يسمونها (أقراص مبسبسة).