كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

سعيد حورانية.. تشيخوف القصة السورية الحديثة

في الذكرى الثلاثين لوفاة سعيد حورانية

عاش القاص الرائد تراجيديا الحياة والإبداع وطور الفن السردي وجدد اللغة

نبيل سليمان

ملخص
يحضر القاص السوري سعيد حورانية في الذكرى الـ 20 لرحيله بوصفه أحد رواد الحركة القصصية الحديثة في سوريا والعالم العربي، وقد سماه بعض النقاد بـ "تشيخوف القصة السورية" نظراً إلى فرادة تجربته ومرافقتها التحولات التي شهدتها سوريا.
ربما كانت اللحظة اللبنانية في حياة الكاتب السوري سعيد حورانية (1927 - 1994)، والتي هي بطول أعوام، لحظة تراجيدية بامتياز، فهذا الشاب الطموح والكاتب الصاعد كانت "خبزته" في سوريا قد انتهت، بعدما قضى في السجن ما قضى كواحد من الشيوعيين الذين عصفت بهم أعوام الوحدة السورية - المصرية في الجمهورية العربية المتحدة (1958 – 1961).
إلى بيروت يمّم سعيد حورانية وجهه، وقد روى أن ضابط المخابرات سامي جمعة، ويسميه حورانية "ملك المخابرات"، تحدث عن مصرع القيادي الشيوعي اللبناني فرج الله الحلو (1906 – 1959) تحت التعذيب، على يد أبو أحمد الجحش، ومن المعلوم أن المخابرات تخلصت من جثة الحلو بتذويبها بالأسيد، وقد كتب حورانية مسرحية "إنسان اسمه فرج الله الحلو".
واصل سعيد حورانية الكتابة في بيروت باسم سهيل صالحاني، وحمل هوية لبنانية باسم نايف بيطار الكاثوليكي من بعلبك، ولم يكن يعرف أحد هذا السر إلا مدير الفرير في بيروت، وقد عمل حورانية في مدارس الفرير في صيدا ثم في بيروت مديراً للدروس العربية، حيث ألف سلسلة كتب للصفوف الخمسة في المرحلة الابتدائية في سائر المواد، من اللغة العربية والتاريخ والجغرافيا والديانة المسيحية، ما عدا الحساب.
مع سعيد حورانية لجأ إلى بيروت أيضاً الشاعر والقاص شوقي بغدادي (1928 – 2023) حيث كتب بالاسم المستعار فؤاد الشامي، وكانت الصداقة الحميمة تجمع الشابين منذ عهد الدراسة الثانوية فالجامعية فالخدمة العسكرية الإلزامية فالسجن زمن الوحدة وزمن الانفصال، وصولاً إلى بيروت.
في الحوار المطول من 62 صفحة الذي أجراه حسن يوسف ومحمود عبدالواحد مع سعيد حورانية، وتصدّر الأعمال الكاملة التي نشرتها وزارة الثقافة عام 2011، يتحدث عن أنه طبع في بيروت على حسابه في دار الفارابي مجموعتيه القصصيتين "شتاء قاس آخر" و "سنتان وتحترق الغابة"، كما كتب مقدمة لرواية حنا مينة "الشراع والعاصفة"، وكان حنا مينة (1924 – 2018) قد أرسل المخطوطة من الصين إلى سعيد ثلاث مرات، ضاعت في الأولى والثانية، ووصلت الثالثة بالبريد البحري مبللة، فوفّر لها سعيد الكوي والنشر، والأهم بالنسبة إليه هنا هو ما وقع لروايته المخطوطة "بنادق تحت القش" التي نشر منها فصلين في مجلة "الثقافة الوطنية"، وكان قد نشر في المجلة نفسها مسرحية "صياح الديكة" التي ستعرضها جمعية أدبية بعلبكية، ودعي نايف بيطار لحضور العرض مع حسين مروة ومحمد دكروب.
إلى السجن
لكن وشاية زميلين في الفرير للأمن العام فضحت سر نايف بيطار، فاعتقل سعيد حورانية وضبطت عنده مخطوطة كتاب لضابط كان زميلاً له في سجن المزة في دمشق، والكتاب رسائل سياسية إلى جمال عبدالناصر، فاعتُبر حورانية مؤلف الكتاب وحكمت عليه المحكمة العسكرية بالسجن ثلاث سنوات جرى تخفيفها إلى سنة، ولم ترأف لسعيد عرائض الكتاب المتضامنة ولا لقاء وفد من "مؤتمر اتحاد كتاب آسيا وأفريقيا" الذي صادف انعقاده وقتها في بيروت مع وزير الداخلية كمال جنبلاط، إذ أكد الوزير أن القضية ليست عنده بل عند من هو أعلى منه.
ويروي سعيد حورانية أن الحكومة اللبنانية كانت تخطط لمقايضته بابن أمين نخلة المعتقل في سوريا كجاسوس إسرائيلي، لكن مأساة حورانية ليست في ما كابد من النظارة إلى سجن الرمل، بل في أن رجال الشرطة صادروا من غرفته مخطوطة روايته "بنادق تحت القش" ومعها 52 قصة قصيرة، وحُكم على المصادرات بالإتلاف حرقاً، وبعد تنفيذ الحكم عاد المحكوم لسوريا بعدما وقّع على التعهد بألا يعود للبنان.
تُرى هل كانت كل هذه الأسباب التراجيدية، إن صح التعبير، إلى التوقف التراجيدي لسعيد حورانية عن الكتابة بعد لحظته اللبنانية (1963 – 1965)؟ سيضيف الكاتب نفسه إلى ذلك صدمته الفاجعة بما رأى عليه موسكو عندما مضى إليها عام 1969 ليعمل خبيراً لغوياً في مجلة "أبناء موسكو"، فإذا بالجنة الشيوعية الموعودة جحيم جعله يكتب "فقدت صوابي"، وعلى العكس من ذلك يكتب شوقي بغدادي أن سعيد حورانية عاش في موسكو حياة مترفة أنسته الكتابة.
قبل اللحظة التراجيدية اللبنانية كانت للكاتب لحظته السورية التي لازمت نشأته فيما يسميه بيئة دينية ثورية، فهو ابن أسرة ميسورة أصلها من بدو حوران وتعمل في تجارة الحبوب في حي الميدان، مثل التجار الذين ينهبون فلاحي حوران، حتى إذا احتكرت الدولة هذه التجارة أفلست الأسرة واضطر الفتى سعيد إلى العمل صيفاً في معمل دياب للكبريت، كما ارتدى البنطلون العسكري المرقع من البالة العسكرية حتى حمل شهادة البكالوريا، بينما درس أخوه من قبل في الـ "لاييك"، أرقى مدارس دمشق.
ومن كتب أخيه قرأ "خزانة الأدب" و "الأغاني"، وعندما كان في الصف السابع كان يلقي الخطب الحماسية، ومثل الحكواتي يقرأ من سيرة شعبية ما على السهارى. وكان مواظباً على الدراسة في جامع الدقاق، حيث ينام أحياناً، على يد الشيخ حسن حبنكة (1908 – 1978)، ولهذا الشيخ سيرة حافلة فقيهاً وخطيباً، وقد كان الشيخ محمد رمضان سعيد البوطي (1929 – 2013) من تلامذته، وهو الذي اشتهر بتأييده للأسد الأب والابن، وقضى اغتيالاً في جامعه عام 2013، وكان قد شارك حبنكة في الثورة السورية عام 1925 تحت لواء الشيخ محمد الأشمر، كما أسس وشارك في تأسيس عدد من الجمعيات الإسلامية، واشتهر بتصديه لحكم حزب البعث، إذ عارض قرارات التأميم عام 1965 فصودرت أملاكه وأغلقت مدرسته واعتقل من ربيع 1967 حتى هزيمة يونيو (حزيران) من العام نفسه.
نشأة مختلفة
وفي المقابل عارض حبنكة كتائب محمد والعنف في مواجهة السلطة، ويبدو أنه كان له تأثير مكين في نشأة سعيد حورانية مثل الشيخ الشي ساعده في درس اللغة والغناء والألحان مع الشيوخ المتعصبين الذين بفضلهم عرف أم كلثوم ومحمد عبدالوهاب، ويروي سعيد حورانية أنه جمع في الجامع في كراس 17 دليلاً على وجود الله من كتب عباس محمود العقاد (1889 – 1964). وعلى إيقاع ما كان يتلاطم في فلسطين دخل حورانية عام 1947 في جمعية إرهابية تنادي بتدمير الممتلكات العامة، لأن الأمة كافرة ولأن الحكام سلموا فلسطين لليهود، وسيكتب سعيد حورانية من بعد قصة "سنتان وتحترق الغابة" عن طفلة فلسطينية تبيع أوراق اليانصيب في المخيم وتعيل والدها المقعد الضرير، وسيقول الكاتب في حوار أجراه معه عز الدين المناصرة عام 1975 ونشرته "فلسطين الثورة" أن "فلسطين لا تخص الفلسطينيين وحدهم وإنما هي قضية عربية".
أما في زمن الجمعية الإرهابية فقد حمل الطالب الجامعي قنبلة إلى "مجمع التراموايات" في حي القابون لكنها لم تنفجر، وعندما هاجم رفاق هذا الطالب الذي كان يخفي تحت ثيابه خنجراً ليتصدى به لمن يهين الدين، مقر الحزب الشيوعي ونهبوه، أعطوا الكتب لزميلهم الشهير بنهمه لها، فانعطف ذلك بحياته أي منعطف، إذ كان بين تلك الكتب ما سيقول فيه حورانية "أنا قرأت كتاباً فحدث انقلاب جذري في داخلي، واسم الكتاب ’أسس اللينينية لستالين‘".
هو ذا الشاب المتدين يتمركس في الجامعة وحوله من اليساريين فؤاد أيوب ونايف بلوز (1931 – 1998) الذي سيغدو المفكر والفيلسوف المرموق، ويروي سعيد حورانية أن بلوز اقترح عليه إلقاء كلمة في تأبين والدة خالد بكداش، فألقى بصحبة فرج الله الحلو ونقولا شاوي، فاعتقل إثر ذلك ونال نصيباً من الضرب فكانت قصته السيرية "جرح في الجبين". وإضافة إلى اليساريين كانت الجامعة تصخب أيضاً بـ "النهلستيين" ومنهم علي الجندي ومحمد حيدر، وإليهم يميل حورانية، بينما كان صديقه الأول شوقي بغدادي قبل أن يميل يساراً، مع نذير العظمة وميشيل أديب ورفاقهما من أعضاء الحزب السوري القومي الاجتماعي، ويحدّث سعيد حورانية أنه وشوقي ورعيلهما لم يدرسوا الماركسية منهجياً، وكان لديهم البيان الشيوعي الذي ترجمه خالد بكداش منذ عام 1973، وكانت أيضاً موجة ما نشرته دار اليقظة العربية في دمشق من الترجمات، وبينها رواية مكسيم غوركي "الأم" التي بيع منها خلال الخمسينيات داخل العراق 5 آلاف نسخة".
في المرحلة الثانوية نشر حورانية المتدين بعض قصصه في جريدة الإخوان المسلمين "المنار"، كما نشر مسرحيتين من بعد في مجلة الجامعة، وفي المرحلة التالية فازت قصته "الصندوق النحاسي" بالجائزة الأولى لمجلة النقاد، وكان قد وقعها باسم تشيخوف. لكن لجنة التحكيم المشكلة من عبدالسلام العجيلي وفؤاد الشايب ونزيه الحكم حجبت الجائزة ظناً منها أن القصة مسروقة، فكتب سعيد/ تشيخوف في مجلة النقاد نفسها مستشهداً بعبد المطلب الأمين الذي شهد على كتابة سعيد للقصة، وسيروي نزيه الحكيم لفؤاد الشايب أن سعيد حورانية هو كاتب القصة حقاً، "ولكن إذا اعترفنا تبهدلنا"، أما شوقي بغدادي فذهب إلى أن هذه القصة انعكاس لعلاقة الكاتب بأمه أو صدى لرواية "عقدة الأفاعي". إثر هجرة سعيد حورانية من الأسلمة إلى الشيوعية طردته الأسرة فعاش أربعة أعوام بعيداً حتى تخرج في الجامعة، وقد رهن لعلاقته مع أسرته وتمرده قصص باكورته "وفي الناس المسرة"، ومنها قصته "مشروع إنسان" عن معاناة إنسان متدين فقير شاهد مظاهرة يقف ضدها، بينما يدعوه إليها رفاقه.
القاص الذي بدأ شاعراً
قبل القصة جرب سعيد حورانية كتابة الشعر متأثراً بشوقي بغدادي، ونشر في مجلة "الأديب" اللبنانية عام 1951، وفي المجلتين السوريتين "الدنيا" و "النقاد"، لكن الشاعر سرعان ما يكتب "كان شعراً رديئاً"، فغادر الشعر وكتب روايات قبل القصة، بلغت أولاها 300 صفحة وفيها نحو 400 قتيل، والثانية "مليئة بالقنابل اللغوية، لا مقامات الحريري ولا طلت طلايلها". ولما انتقل إلى القصة القصيرة وفاز بجائزة مجلة "عصا الجنة" وجائزة مجلة "النقاد" اتصل به حنا مينة الذي كان رئيس تحرير جريدة الإنشاء، لتبدأ بينهما الصداقة التي لا فكاك لها حتى بالموت.
كان حنا مينة يبشر بالرومانسية الثورية كما يكتب سعيد، مضيفاً أنه تأثر ورهطه به، ويؤكد أن حنا مينة هو المؤسس الحقيقي لـ "رابطة الكتاب السوريين" في دمشق عام 1951، حيث دعا المؤسسين إلى بيته، وكان سعيد ممن ينادون بالفن للفن ضد من ينادون بالفن للمجتمع، ومنهم حنا مينة. ويحدثنا أن الواقعية الاشتراكية لم تكن معروفة بعد فيقول "نحن الذين نظّرنا بعد ذلك وتكلمنا عما يسمى بالواقعية الاشتراكية وخبصنا فيها تخبيصاً، أكثر من تخبيص السوفيات أنفسهم".
وبعد عام ونصف العام من تأسيس "رابطة الكتاب السوريين"، اقترح حسين مروة ومحمد دكروب إقامة "رابطة الكتاب العرب" فكان، وحضر إعلانها من العراق غائب طعمة فرمان ومن مصر يوسف إدريس الذي كتب أثناء المؤتمر قصة "الطابور" وألقاها، وبسببها سجن عند عودته لمصر، وقد تولى شوقي بغدادي أمانتها العامة وسعيد حورانية رئاسة الفرع السوري، واستمرت "رابطة الكتاب العرب" حتى عام 1959 عندما اعتقلت السلطات السورية جمهرة الكتاب اليساريين والشيوعيين.
بعد الجامعة والعمل مدرساً تطوح حورانية من السويداء إلى دير الزور إلى الحسكة، وكان التطويح عقاب السلطات للكاتب الشاب المعارض الذي استلهم من تلك الفضاءات قصصاً سرعان ما كرسته صوتاً مميزاً، وفي رأس ما تميزت به قصص الكاتب "السيرِية"، وفي ذلك يقول "ربما كنت أكثر من كتب عن بيته وحيّه من الكتاب السوريين"، فإضافة إلى ما سبق ذكره من وسم قصص المجموعة الأولى "وفي الناس المسرة" بالتمرد والمروق على الأسرة والبيئة، أذكر على سبيل المثال قصة "سريري الذي لا يئن" عن قصة حب عاشها عندما سكن في "زقاق الصخر" جاراً لشوقي بغدادي، وفي القصة يهجر حامد أهله، وفي غرفته في حياته الجديدة يهجس: "أشعر أنني قوي رغم كل شيء، وأنني وجدت ذاتي التي أضعتها منذ وقت طويل".
وعن ذلك الحب كتب الكاتب أيضاً قصة "الريح الشمالية"، ومن عهده بالحسكة جاءت قصة "وأنقذنا هيبة الحكومة" وقصة "حمد ذياب" في مجموعة "شتاء قاس آخر – 1963" التي أهداها إلى حنا مينة، وجاء في الإهداء "يا من فهمت ماهية الضعف البشري والقوة الإنسانية"، وكان يخاطب حنا بقوله "يا حنّاي".
تهجين اللغة
عن السيرِية في قصصه قال سعيد حورانية أيضاً إن "هذه القصص جزء من عمري ومن عمر سوريا"، وفي رأس السمات الفنية القصصية تأتي الجرأة على تهجين اللغة بالمفردات والتعابير الشعبية العامية وتلوين اللغة شعرياً، بحسب المقام كما في عنوان قصة "عريضة استرحام"، وقصته "محطة السبعا وأربعين" وفي قصة "حمد ذياب" التي يعود فيها الثائر المنفي ليعمل آذناً يضرب المثل لما آل إليه أمر الثائر: "شو علمك ع المرّ؟ قال: هللي أمرّ منه" ونقرأ "هسيس الثلج مكتوم أصمّ/ صوتهم يطعن قلب الليل/ دمعتان غبراوان كلون السنديان/ شجرة الليمون أميرة شامية".
وقد لعبت قصة "من يوميات ثائر" لعبة العثور على مخطوطة، إذ يقع الراوي على يوميات أحد الثوار في دفتر مكتوبة باللهجة الشامية، ولم تكن هذه اللعبة معروفة بعد في تقنية القص، وقد وضع الكاتب لهذه القصة عتبة من "أعمدة الحكمة السبعة" للورانس، وهذا ما كان لقصص أخرى في دلالة ساطعة على ثقافة الكاتب.، فعتبة قصة "شتاء قاس آخر" جاءت من شعر هايني: "يا إلهي ما أطول ليل الظلم وما أقسى شتاءه"، ومن "الغثيان" لسارتر جاءت عتبة قصة "ثلج هذا العالم" التي صورت ما عانى المعلم، وهل هو إلا الكاتب؟ جراء نقله من مدرسته بسبب آرائه، أما عتبة قصة "وأنقذنا هيبة الحكومة" فهي لتوكيديس، فيما يقطّر تقطيراً رسالة القصة، "قد تكون مصلحتكم في أن تكونوا أسيادنا، ولكن كيف يمكن أن تكون مصلحتنا في أن نكون عبيدكم؟".
من أسف أن هذا الصوت المتفرد قد توقف عن كتابة القصة 30 عاماً قبل وفاته، قام خلالها بترجمة بعض الأعمال المهمة مثل "السفينة البيضاء" لإيتماتوف، و "فلنمثل سترندبرغ" لدورنمات، ولم يكن سعيد حورانية أول ولا آخر من توقف من المبدعين، فتوفيق يوسف عواد (1911 – 1989) توقف قرابة 20 عاماً (1944 – 1963) لكنه عاد للكتابة، وكذلك فعل سعد الله ونوس (1941 – 1997) إذ توقف من عام 1978 وحتى عام 1990.
لقد جاء سعيد حورانية ورعيله من كتّاب القصة في سوريا بعد ريادة علي خلقي صاحب مجموعة "ربيع وخريف"، ومحمد النجار صاحب مجموعة "في قصور دمشق"، وإذا كان سعيد حورانية قد وقّع متنكراً باسم تشيخوف فثمة من لقبه بـ "تشيخوف القصة السورية" و"تشيخوف القصة العربية"، وإن يكن هو نفسه قد تحدث عن تلقيب حسيب كيالي (1921 – 1993) بتشيخوف، وقد كنت ممن لقب سعيد حورانية بـ "يوسف إدريس سوريا".
ومهما يكن فما لا ينبغي تجاوزه هنا أن أثر سعيد حورانية ورعيله فيمن تلوهم كان محدوداً بعد سبعينيات القرن الماضي، بينما كان تأثير زكريا تامر، وما أكثر ما هاجمه سعيد حورانية، حاسماً في القصة العربية إلى اليوم.
ــــــــــــــ
*اندبندنت عربية. 18 يوليو 2024م