القرآن الكريم والتنقيط
2024.05.12
غزوان أحمد علي
سؤال من أحد الإخوة فيما جاء في صفحة عامة حول: [التنقيط في القرآن الكريم]، وهل عرف العرب النقطة في عصور ما قبل الإسلام؟ وهل أول نسخة للقرآن الكريم كانت منقطة؟ وسؤال من أخ كريم عن معنى:
[العلم نقطة كثرها الجاهلون].
جاء في صفحة عامة:
[ﻗﺮﺃ ﺍﻟﻨّﺎﺱ ﻓﻲ ﻣﺼﺤﻒ ﻋﺜﻤﺎﻥ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺃﺭﺑﻌﻴﻦ ﺳﻨﺔ ﺛﻢ ﺟﺎﺀ ﺯﻣﻦ ﺻﺎﺭ ﺍﻟﻘﺎﺭﺉ ﻻ ﻳﻌﻠﻢ ﻫﻞ ﺍﻟﻘﺮﺍﺀﺓ ﺻﺤﻴﺤﺔ؟ ﻭﻫﻞ ﻧﻘﻮﻝ ﻓﻲ ﺍﻵﻳﺔ 259 ﻣﻦ ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﺒﻘﺮﺓ (ﺗُﻨْﺸِﺰُﻫَﺎ) ﺑﺎﻟﺰﺍﻱ ﺍﻟﻤُﻌﺠﻤﺔ ﺃﻭ (ﻧﻨﺸﺮﻫﺎ) ﺑﺎﻟﺮﺍﺀ ﺍﻟﻤُﻬﻤﻠﺔ؟ ﻭﻫﻞ ﻧﻘﻮﻝ ﻓﻲ ﺍﻵﻳﺔ 92 ﻣﻦ ﺳﻮﺭﺓ ﻳﻮﻧﺲ "ﻟﺘﻜﻮﻥ ﺁﻳﺔً ﻟﻤﻦ ﺧَﻠْﻔَﻚَ" ﺑﺎﻟﻔﺎﺀ، ﺃﻭ "ﻟﻤﻦ ﺧﻠﻘﻚ" ﺑﺎﻟﻘﺎﻑ؟ ﻓﻴﻨﺘﺒﻪ ﺍﻟﺤﺠّﺎﺝ ﺑﻦ ﻳﻮﺳﻒ ﺍﻟﺜّﻘﻔﻲ ﺇﻟﻰ ﺫﻟﻚ ﻓﻴﺘﻮﺟّﺲ ﺧﻴﻔﺔً ﻣﻦ ﺍﻟﻠّﻐﻂ ﻭﺍﻟﻐﻠﻂ، ﻓﻴﺄﻣﺮ ﻛﺘّﺎﺑﻪ ﻓﻲ ﺯﻣﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻤﻠﻚ ﺃﻥ ﻳﻀﻌﻮﺍ ﻋﻼﻣﺎﺕٍ ﻟﺘﻤﻴﻴﺰ ﺍﻟﺤﺮﻭﻑ ﺍﻟﻤُﺘﺸﺎﺑﻬﺔ، ﻓﻴﺪﻋﻮ ﻧﺼﺮ ﺑﻦَ ﻋﺎﺻﻢ ﺍﻟﻠّﻴﺜﻲ ﻭﻳَﺤﻴﻰ ﺑﻦ ﻳﻌﻤُﺮ ﺍﻟﻌﺪﻭﺍﻧﻲ, ﻭﻫﻤﺎ ﺗﻠﻤﻴﺬﺍ ﺃﺑﻲ ﺍﻷﺳﻮﺩ ﺍﻟﺪّﺅﻟﻲ -ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻗﺪ ﻗﺎﻡ ﺑﺎﻟﺘّﺸﻜﻴﻞ ﻭﺫﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﺍﻟﻨّﻘﻂ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﺗُﻌﺘﻤﺪ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﺍﻟﺨﻠﻴﻞ ﺍﻟﻔﺮﺍﻫﻴﺪﻱ ﺑﺎﻟﺘّﺸﻜﻴﻞ ﺑﺤﺴْﺐِ ﺍﻟﺴّﺎﺋﺪ ﺣﺎﻟﻴّﺎً- ﻭﺑﻌﺪ ﺗﺮﺩّﺩ ﻳﻘﺒﻞ ﻛﻞّ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﺩﻋﻮﺓَ ﺍﻟﺤﺠّﺎﺝ ﺛﻢ ﻳﻘﻮﻣﺎﻥ ﺑﻮﺿﻊ نقط ﻓﺮﺍﺩﻯ ﻭﻣﺰﺩﻭﺟﺔ ﻟﺘﻤﻴﻴﺰ ﺍﻟﺤﺮﻭﻑ ﺍﻟﻤُﺘﺸﺎﺑﻬﺔ، ﻭﺗﻢّ ﺗﻤﻴﻴﺰ ﻧﻘﻂ ﺍﻟﺘّﺸﻜﻴﻞ ﻋﻦ ﻧﻘﻂ ﺍﻟﺤﺮﻭﻑ ﺑﺎﺳﺘﺨﺪﺍﻡ ﺍﻟﻠّﻮﻧﻴﻦ ﺍﻷﺣﻤﺮ ﻭﺍﻷﺧﻀﺮ].
انتهى الاقتباس
...........................
أصدقائي:
ﻫﻨﺎﻙ ﺳﺬﺍﺟﺔ ﻭﺍﺿﺤﺔ ﻓﻲ تلك ﺍﻟﺮّﻭﺍﻳﺔ ﺍﻟﺘّﺎﺭﻳﺨﻴّﺔ!
طبعاً مهما كان من أمر فإنّه:
(ﻟَﺎ ﻣُﺒَﺪِّﻝَ ﻟِﻜَﻠِﻤَﺎﺕِ ﺍﻟﻠَّﻪِ) 34 ﺍﻷﻧﻌﺎﻡ
(ﻟَﺎ ﺗَﺒْﺪِﻳﻞَ ﻟِﻜَﻠِﻤَﺎﺕِ ﺍﻟﻠَّﻪِ) 64 ﻳﻮﻧﺲ
والمُتابع لكتب التّاريخ الموثّقة يجد أنّ التنقيط كان موجوداً ومنذ عصور ما قبل [الإسلام ]، وفي بداية عصر [الإسلام ] تمّت كتابة المُصحف مُنقّطاً، ولكنّ خليفة المُسلمين عثمان بن عفان جعل المُصحف غير منقّط، ووزّعه على الأمصار يظنّ في ذلك سهولة في القراءة بما يناسب القراءات كافّة، إلّا أنّ التّاريخ يذكر بعدها قَصَصاً خلافيّة كثيرة نتيجة نسخة القرآن المُعتَمدة من غير نقط، وهناك من كَتَبَ أنّ بعض الإشكالات في زمن الخليفة عثمان كانت بسبب ذلك، الأمر الذي كان سبباً في عودة النّقط على الحروف كما كانت.
وللمزيد يمكن الاطلاه على: -كتاب المحرر في علوم القرآن
-السنن الكبرى للنسائي
-لسان العرب ابن المنظور ج3 ص 117
-شرح مقدمة التسهيل لعلوم التنزيل
-المفردات في غريب القرآن دار القلم
مجلد 1 ص 187 كتاب الجيم
أمّا الشواهد على وجود النّقط عند العرب -ومنذ عصور ما قبل الإسلام- فهي كثيرة ومنها:
.............................................
1- رواية ﺗﺤﻜﻲ ﺃﻥّ ﺛﻼﺛﺔ ﺃﺷﺨﺎﺹ ﻣﻦ ﻃﻲ ﺑﻦ ﺑﻮﻻﻥ ﻫﻢ ﻣﺮﺍﺭ ﺑﻦ ﻣﺮﺓ ﻭﺃﺳﻠﻢ ﺑﻦ ﺳﺪﺭﺓ ﻭﻋﺎﻣﺮ ﺑﻦ ﺟﺪﺭﺓ ﺍﺟﺘﻤﻌﻮﺍ ﻓﻲ ﺍﻷﻧﺒﺎﺭ: (ﺯﻣﻦ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻉ ﺑﺤﺴْﺐِ ﺍﻟﺮّﻭﺍﻳﺔ ﻛﺎﻥ ﻗﺒﻞ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺑﻘﻠﻴﻞ)، ﻓﻘﺎﻡ ﺃﺣﺪﻫﻢ ﺑﺎﻟﺠﺰﻡ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺴﻨﺪ ﻭﻗﺎﻡ ﺍﻵﺧﺮ ﺑﻌﻤﻠﻴﺔ ﺍﻟﻔﺼﻞ ﻭﺍﻟﻮﺻﻞ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺤﺮﻭﻑ، ﺃﻣﺎ ﺁﺧﺮﻫﻢ ﻓﻘﺪ ﻗﺎﻡ ﺑﻮﺿﻊ ﺍﻟﻨﻘﻂ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﺮﻭﻑ ﺍﻟﻤُﺘﺸﺎﺑﻬﺔ ﻟﻜﻲ ﺗﺘﻤﺎﻳﺰَ ﻭتسهُلَ ﻗﺮﺍﺀﺗُﻬﺎ, والرواية ﻓﻲ ﻋﺸﺮﺍﺕ ﺍﻟﻤﺼﺎﺩﺭ ﻣﻨﻬﺎ:
- ﻓﺘﻮﺡ ﺍﻟﺒﻠﺪﺍﻥ ﺝ1 ﺹ737
- ﻭﻓﻴﺎﺕ ﺍﻷﻋﻴﺎﻥ ج3 ﺹ314
- ﺍﻟﺒﺪﺍﻳﺔ ﻭﺍﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﺝ12ﺹ15
2- ﺭﻭﺍﻳﺔ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮﺩ والتي يقول فيها:
[جردﻭﺍ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻟﻴﺮﺑﻮﺍ ﻓﻴﻪ ﺻﻐﻴﺮﻛﻢ ﻭﻻ ﻳﻨﺄﻯ ﻋﻨﻪ ﻛﺒﻴﺮﻛﻢ]، ﻭﻗﺪ ﺷﺮﺡ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺰﻣﺨﺸﺮﻱ ﺑﻘﻮﻟﻪ: "ﺃﺭﺍﺩ ﺗﺠﺮﻳﺪ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻘﻂ ﻭﺍﻟﻔﻮﺍﺗﺢ"، وﻟﻨﻨﺘﺒﻪ ﺇﻟﻰ ﻣﻘﻮﻟﺔ ﺍﻟﺰﻣﺨﺸﺮﻱ ﺟﻴﺪﺍً، ﺍﻟﺰﻣﺨﺸﺮﻱ ﻳﺸﺮﺡ ﻣﻘﻮﻟﺔ ﺍﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮﺩ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻣﻌﺎﺻﺮﺍً ﻟﻤُﺼﺤﻒ ﻋﺜﻤﺎﻥ ﺍﻟﺨﺎﻟﻲ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻘﻂ! ﻓﻬﻞ ﻳﺪﻋﻮ ﺍﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮﺩ ﺇﻟﻰ ﺗﺠﺮﻳﺪ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻘﻂ ﻭﻟﻢ ﻳُﻜﺘﺸﻒ ﺍﻟﺘﻨﻘﻴﻂ ﺑﻌﺪ؟ وﻻﻓﺖ ﻣﺎ ﺟﺎﺀ ﺑﻪ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ ﺟﻮﺍﺩ ﻋﻠﻲ ﺗﻌﻘﻴﺒﺎً ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﻓﻘﺪ ﻋﻠّﻖ ﻋﻠﻰ ﺗﻔﺴﻴﺮ ﺍﻟﺰﻣﺨﺸﺮﻱ ﺑﺄﻥّ: "ﺍﻟﻜَﺘَﺒﺔ ﻓﻲ ﻋﻬﺪ ﺍﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮﺩ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﻌﺮﻓﻮﻥ ﺍﻟﺘﻨﻘﻴﻂ ﻭﺃﻥّ ﺍﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮﺩ ﺭﺃﻯ ﺃﻥّ ﺗﺠﺮﻳﺪ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻨﻘﻴﻂ ﻳﺤﺚّ ﻣﻦ ﻳﺘﻌﻠّﻢ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻋﻠﻰ ﺑﺬﻝ ﺍﻟﺠﻬﺪ ﻓﻲ ﻓﻬﻢ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻭﺣﻔﻈﻪ"، ﺃﻱ ﺇﻥّ ﺍﻟﺘﺠﺮﻳﺪ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﻣﻦ ﻃﺮﺍﺋﻖ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﻓﺤﺴﺐ، ﻭﻟﻜﻦ ﺍﻟﻼﻓﺖ ﺟﺪﺍً ﻫﻨﺎ:
ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮﺩ ﺗﻮﻓﻲ 32 ﻟﻠﻬﺠﺮﺓ ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺳﺎﺑﻖ للرواية ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺨﻴﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺍﻟﻤﻌﺘﻤﺪﺓ أنّ التنقيط في زمن الحجاج! ﻓﻜﻴﻒ ﻳﻘﻮﻝ ﺍﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮﺩ: ﺍﻛﺘﺒﻮﺍ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻣﻦ ﺩﻭﻥ ﺗﻨﻘﻴﻂ ﻭﻟﻤّﺎ ﻳُﻌﺮﻑ ﺍﻟﺘﻨﻘﻴﻂ ﺑﻌﺪ ﻓﻲ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ؟
3 - ﺃﺷﺎﺭ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻤﺆﺭﺧﻴﻦ ﺃﻥّ ﺍﻟﺨﻂ ﺩﺧﻞ ﺇﻟﻰ ﻣﻜﺔ ﺑﻮﺳﺎﻃﺔ ﺣﺮﺏ ﺑﻦ ﺃﻣﻴﺔ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺷﻤﺲ، ﻭﻛﺎﻥ ﻗﺪ ﺃﺧﺬﻩ ﻣﻦ ﺑﺸﺮ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻤﻠﻚ (ﺃﺧﻮ ﺍﻷﻛﻴﺪﺭ ﺍﻟﻜﻨﺪﻱ ) ﺻﺎﺣﺐ ﺩﻭﻣﺔ ﺍﻟﺠﻨﺪﻝ، ﻭﻗﺪ ﺣﻀﺮ ﺑﺸﺮ ﺇﻟﻰ ﻣﻜﺔ ﻣﻊ ﺣﺮﺏ ﺑﻦ ﺃﻣﻴﺔ ﻭﺗﺰﻭّﺝ ﺍﺑﻨﺘﻪ ﺍﻟﺼّﻬﺒﺎﺀ، ﻭﻋﻠّﻢ ﺟﻤﺎﻋﺔ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﻣﻜﺔ ﺛﻢ ﺍﺭﺗﺤﻞ، ﻭﻓﻴﻪ ﻳﻘﻮﻝ ﺷﺎﻋﺮ ﻣﻦ ﻛﻨﺪﺓ ﻳَﻤُﻦّ ﻋﻠﻰ ﻗﺮﻳﺶ:
ﻭَﻟَﺎ ﺗَﺠْﺤَﺪُﻭﺍ ﻧِﻌْﻤَﺎﺀَ ﺑٍﺸْﺮٍ ﻋَﻠَﻴﻜُﻤﻮ
..................... ﻓَﻘَﺪْ ﻛَﺎﻥَ ﻣَﻴْﻤُﻮﻥَ ﺍﻟﻨَّﻘِﻴﺒﺔِ ﺃَﺯﻫُﺮَﺍ
ﺃَﺗَﺎﻛُﻢ ﺑٍﺨَﻂِّ ﺍﻟﺠَﺰْﻡِ ﺣَﺘّﻰ ﺣَﻔِﻈْﺘُﻤﻮﺍ
................. ﻣِﻦَ ﺍﻟﻤَﺎﻝِ ﻣَﺎ ﻗَﺪْ ﻛَﺎﻥَ ﺷَﺘّﻰ ﻣُﺒَﻌْﺜَﺮﺍ
ﻭَﺃَﻏْﻨَﻴْﺘُﻤُﻮﺍ ﻋَﻦْ ﻣﺴْﻨَﺪِ ﺍﻟﻘَﻮﻡِ ﺣِﻤْﻴَﺮَﺍ
................ ﻭَﻣَﺎ ﺯَﺑَﺮَﺕْ ﻓﻲ ﺍﻟﻜُﺘْﺐِ ﺃَﻗﻴَﺎﻝُ ﺣِﻤْﻴَﺮَﺍ
[ﺍﻷﺑﻴﺎﺕ ﻣﻦ ﻛﺘﺎﺏ (ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ )ﻟﻠﺰﻧﺠﺎﻧﻲ ﺹ75
ﺗﺤﻘﻴﻖ ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ, ﺗﻘﺪﻳﻢ ﻣﺤﻤﺪ ﻛﺮﺩ ﻋﻠﻲ
ﺩﺍﺭ ﺍﻟﺤﻜﻤﺔ ﺩﻣﺸﻖ. ﻁ1 1990 ﻣﻴﻼﺩﻱ 1410ﻫﺠﺮﻱ ]
ﻭﺟﺎﺀ ﻓﻲ ﺳﻴﺮ ﺃﻋﻼﻡ ﺍﻟﻨﺒﻼﺀ ﺣﻮﻝ ﺫﻟﻚ:
" ﻗﻴﻞ ﻷﺑﻲ ﺳﻔﻴﺎﻥ ﻣﻤﻦ ﺃﺧﺬ ﺃﺑﻮﻙ ﺍﻟﻜﺘﺎﺑﺔ؟ ﻗﺎﻝ ﻣﻦ ﺍﺑﻦ ﺳﺪﺭﺓ، ﻭﺃﺧﺒﺮﻩ ﺃﻧﻪ ﺃﺧﺬﻫﺎ ﻣﻦ ﻭﺍﺿﻌﻬﺎ ﻣﺮﺍﻣﺮ ﺑﻦ ﻣﺮﺓ"
[ﺳِﻴَﺮ ﺃﻋﻼﻡ ﺍﻟﻨﺒﻼﺀ] ﺝ17 ﺹ319
4 - ﻭﻣﻦ ﻳﺮﺟِﻊ ﺇﻟﻰ ﻣﺎ ﻛﺘﺐ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﻓﺴﻴﺠﺪ ﺃﻧﻪ ﺃﺟﺎﺯ ﻛﺘﺎﺑﺔ ﺍﻟﻤُﺼﺤﻒ ﻣﻦ ﺩﻭﻥ ﺗﻨﻘﻴﻂ ﻭﻣﻦ ﺩﻭﻥ ﺗﺸﻜﻴﻞ ﻳﻘﻮﻝ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ:
"ﻭﺇﺫﺍ ﻛﺘﺐ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻮﻥ ﻣﺼﺤﻔﺎً ﻓﺈﻥ ﺃﺣﺒﻮﺍ ﺃﻻ ﻳﻨﻘﻄﻮﻩ ﻭﻻ ﻳﺸﻜﻠﻮﻩ ﺟﺎﺯ ﺫﻟﻚ ﻛﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﻳﻜﺘﺒﻮﻥ ﺍﻟﻤﺼﺎﺣﻒ ﻣﻦ ﻏﻴﺮ ﺗﻨﻘﻴﻂ ﻭﻻ ﺗﺸﻜﻴﻞ ﺍﻗﺘﺪﺍﺀ ﺑﺎﻟﻤﺼﺎﺣﻒ ﺍﻟﺘﻲ ﺑﻌﺚ ﺑﻬﺎ ﻋﺜﻤﺎﻥ ﺇﻟﻰ ﺍﻷﻣﺼﺎﺭ ﻓﻲ ﺯﻣﻦ ﺍﻟﺘّﺎﺑﻌﻴﻦ"
5 - وفي الشّعر الجاهلي قول الأخنس بن شهاب الثعلبي لابنة حطّان بن عوف:
"منازلُ كما رقّش العنوان في الرقّ كاتب"
[موسوعة الشّعر العربيّ 140-3 ]
وكذلك: [المفضليات-المفضلية رقم 41 - ص 203]
ومعنى كلمة [رقش], بحسب الأصمعي: [الرقش]: هو تنقيط الخطوط والكتاب.
6- قول طرفة بن العبد:
"كَسُطورِ الرِقِّ رَقَّشَهُ
بِالضُحى مُرَقِّشٌ يَشِمُهْ"
وجاء في لسان العرب للمنظور الأفريقي في شرح ذلك:
[الرقش: تنقيط الخطوط والكتاب ] لسان العرب: 305-6
7 - معظم من نفى وجود التنقيط استشهد بأنّ الخط العربي مأخوذ عن النبطي، وأنّ الخط النبطي يكتب التاء المربوطة كما التاء المبسوطة في نهاية الكلمة كما في بعض الكلمات في القرآن الكريم، وقد سبق الرد أكثر من مرة على ذلك.
8 - جاء في كتاب [ﺍﻟﻤﻔﺼّﻞ ﻓﻲ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﻗﺒﻞ ﺍﻹﺳﻼﻡ] 8/187 أنّه ﻋﺜﺮ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻮﺛﺎﺋﻖ ﺍﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻓﻴﻬﺎ ﺣﺮﻭﻑ ﻣﻌﺠﻤﺔ، ﻣﻨﻬﺎ ﻭﺛﻴﻘﺔ ﺫﻛﺮﻫﺎ د. Adolf Grohmann ﻳﻌﻮﺩ ﺗﺎﺭﻳﺨﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﺳﻨﺔ 22 هجرية، واضحة التنقيط في حروفها، ومنها وثيقة ذكرها ﺍﻟﺮﺣﺎﻟﺔ Samuel Barrett Miles في كتابه [رسم المُصحف دراسة لغويّة تفسيريّة ص 757] ﺗﻌﻮﺩ ﺇﻟﻰ ﺳﻨﺔ 58 هجريّة، وهي ﻋﺒﺎﺭﺓ ﻋﻦ ﻛﺘﺎﺏ من ﻣﻌﺎﻭﻳﺔ ﻟﺒﻨﺎﺀ ﺳﺪ ﺍﻟﻄّﺎﺋﻒ..
9 - ﻗﺎﻡ ﺍﻟﺨﻠﻴﻞ ﺑﻦ ﺃﺣﻤﺪ ﺍﻟﻔﺮﺍﻫﻴﺪﻱ ﺑﺤﻠﻮﻝ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣﻦ ﺍﻟﻬﺠﺮﺓ -أي بعد 200 سنة من القرآن- ﺑﻮﺿﻊ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﻟﺘﻨﻘﻴﻂ ﺍﻟﺤﺮﻭﻑ، ﺣﻴﺚ ﻛﺎﻧﺖ ﻃﺮﻳﻘﺘﻪ ﺑﺠﻌﻞ ﺃﻟﻒ ﺻﻐﻴﺮﺓ ﻓﻮﻕ ﺍﻟﺤﺮﻑ ﻟﻠﺪّﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﺘﺤﺔ، وﻭﺿﻊ ﺃﻟﻒ ﺻﻐﻴﺮﺓ ﺗﺤﺖ ﺍﻟﺤﺮﻑ ﻟﻠﺪﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻜﺴﺮﺓ، ﻭﺗﻮﺿﻊ ﺍﻟﻮﺍﻭ ﺍﻟﺼﻐﻴﺮﺓ ﻓﻮﻕ ﺍﻟﺤﺮﻑ ﻟﺘﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻀﻤﺔ، ﺃﻣّﺎ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺍﻟﺘﻨﻮﻳﻦ ﻓﻴﺘﻢّ ﺗَﻜﺮﺍﺭ ﺍﻟﺤﺮﻑ ﺍﻟﺼﻐﻴﺮ، ﻛﻤﺎ ﺟﻌﻞ ﺍﻟﺴﻜﻮﻥ ﺩﺍﺋﺮﺓ ﺻﻐﻴﺮﺓ، ﻭﺟﻌﻞ ﺍﻟﻬﻤﺰﺓ ﺭﺃﺱ ﻋﻴﻦ [ﺀ]، ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻡ بوضع ﺍﻟﺸﺪّﺓ على شكل ﺭﺃﺱ ﺍﻟﺸﻴﻦ، وغير ذلك.
10 - أمّا التنقيط في دلالة أخرى في زمن الدّؤلي فكان يعني ما نسميه حالياً [الشكل]، فجعل ﻧﻘﻄﺔ ﺣﻤﺮﺍﺀ ﻓﻮﻕ ﺍﻟﺤﺮﻑ تدلّ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﺘﺤﺔ، ﻭﻧﻘﻄﺔ ﺗﺤﺖ ﺍﻟﺤﺮﻑ ﻟﺘﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻜﺴﺮﺓ، ﻛﻤﺎ ﻭﺿﻊ ﻧﻘﻄﺔ ﻋﻠﻰ ﻳﺴﺎﺭ ﺍﻟﺤﺮﻑ ﻟﻠﺪﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻀﻤﺔ، ﻭﻧﻘﻄﺘﻴﻦ ﻓﻮﻕ ﺍﻟﺤﺮﻑ ﺃﻭ ﺗﺤﺘﻪ ﺃﻭ ﻋﻠﻰ ﻳﺴﺎﺭﻩ ﻟﻠﺪّﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻨﻮﻳﻦ، ﻭﻛﺎﻥ ﻳﺘﺮﻙ ﺍﻟﺤﺮﻑ ﺍﻟﺴﺎﻛﻦ ﺧﺎﻟﻴﺎً ﻣﻦ النقط، ﻭجعل ذلك الضبط في المُصحف.
11 - وهناك ﻓﻲ ﺍﻟﻤُﺘﺤﻒ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﺑﺎﻟﻘﺎﻫﺮﺓ ﻭﺭﻗﺔ ﺑﺮﺩﻱ ﺗﻌﻮﺩ ﺇﻟﻰ 22 هجرية، ﻭﻫﻲ ﻋﺒﺎﺭﺓ ﻋﻦ ﻭﺻﻞ ﺍﺳﺘﻼﻡ ﺃﻏﻨﺎﻡ ﻣﻦ ﻋﺎﻣﻞ ﻓﻲ ﺻﻌﻴﺪ ﻣﺼﺮ ﺃﺭﺳﻠﻬﺎ ﻟﻌﻤﺮﻭ ﺑﻦ ﺍﻟﻌﺎﺹ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﺴﻄﺎﻁ ﻣﻜﺘﻮﺑﺔ ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻭﺑﺤﺮﻭﻑ ﻣﻨﻘﻄﺔ، ﻭﻫﻮ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺳﺎﺑﻖ ﻟﻠﺤﺠﺎﺝ ﻭﺯﻣﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻤﻠﻚ ﺑﻦ ﻣﺮﻭﺍﻥ، ﻭﻫﻨﺎﻙ ﺃﻳﻀﺎً ﻧﻘﺶ ﺣﺠﺮﻱ ﻣﻜﺘﻮﺏ ﻓﻲ 50 هجرية أي في زمن ﻣﻌﺎﻭﻳﺔ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﺳﻔﻴﺎﻥ ﺑﺤﺮﻭﻑ ﻣﻨﻘﻄﺔ.
12 - ﺇﻥ ﻣﻔﻬﻮﻡ [ﺍﻟﻨﻘﻂ] ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻘﺪﻣﺎﺀ ﻫﻮ ﺣﺮﻛﺎﺕ ﺍﻹﻋﺮﺍﺏ ﻣﻦ ﻓﺘﺢ ﻭﺿﻢ ﻭﻛﺴﺮ ﻭﺳﻜﻮﻥ ﻛﻤﺎ ﻧﺴﺘﻌﻤﻠﻬﺎ ﺍﻟﻴﻮﻡ، ﻭﺃﻣﺎ [ﺍﻹﻋﺠﺎﻡ] ﻓﻬﻮ ﺍﻟﻨﻘﻂ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻤﻴﺰ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺤﺮﻭﻑ ﺍﻟﺘﻲ ﻟﻬﺎ ﺻﻮﺭﺓ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺮﺳﻢ, ﻓﺘﻨﻘﻂ ﻣﻦ ﻓﻮﻕ ﺃﻭ ﻣﻦ ﺗﺤﺖ، ﻭﻫﻮ ﻣﺎ ﻧﻌﺮﻓﻪ ﻧﺤﻦ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺑﺎﺳﻢ ﺍﻟﻨﻘﻂ.
13 - قال ابن الجزري الحافظ ت 833 هجريّة: "ثم إنّ الصّحابة لمّا كتبوا المصاحف جرّدوها من النقط والشّكل ليحتمله من لا يحتمله..."
.....الخ والموضوع يطول