كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

كيف يصبح المفعول به في مرتبة الفاعل؟!

محسن سلامة- فينكس

مات الإنسانُ، انكسرَ الزّجاجُ، تمزّق الثوبُ، تحرّكَ الشجرُ
وهكذا كلّ جملة فعلها لازم، أي فعلها يلزم الفاعل ويكتفي به، لا يحتاج إلى مفعول به لإتمام المعنى.
الأفعال السابقة: ماتَ، انكسرَ، تمزّقَ، تحرّكَ أفعال لازمة.
نلاحظ أنّ ما بعدها فاعل مرفوع في النحو فقط، مفعول به في المعنى
الإنسانُ وقع عليه فعل الموت فهو مفعول به في المعنى، الزّجاجُ وقع عليه الكسر، الثوبُ وقع عليه التمزّق، الشجر وقع عليه التحرّك.
لنأخذ (انكسرَ الزجاج)
فاعل نحويّ فقط (لأنّه لا يوافق المعنى الواقعيّ لكلمة فاعل) لأنّ الزجاج لم يقم بفعل الكسر حتّى يكون فاعلاً، إذ لا دخل له في الكسر، كلّ علاقته أنّه استجاب للكسر من دون أن يكون له اختيار.
فأين الفاعل الحقيقيّ الذي أوجد الكسر؟ ليست في الجملة ما يدلّ عليه، أو على شيء ينوب عنه.
أمّا إذا قلنا: كسرَ الرجلُ الزجاجَ
لتغيّر الأمر فظهر الفاعل المنشئ للكسر، وبأن الذي أوقع أثره على المفعول به
وهكذا نقول عن جميع الأمثلة السابقة.
ماتَ الإنسان، أماتَ اللهُ الإنسانَ
تمزّقَ الثوبُ، مزّقَ الرجلُ الثوبَ
تحرّكَ الشجرُ، حرّكَ الهواءُ الشجرَ
أمات، كسر مزّق، حرّك: أفعال متعديّة تحتاج إلى مفعول به لإتمام المعنى،
الآن لماذا العرب جعلت المفعول به هنا في مرتبة الفاعل، ووضعت الضمّة على هذه الأسماء حتّى قبل علم النحو، أي في الجاهليّة.
الجواب: بالفطرة والسليقة رأى العرب أنّ الإنسان استجاب للموت، وتفاعل معه، فقام الموت به، ولابسه
فرفعته بالضمّة تُعلي من شأنه، وجاء علماء النحو في وقت متأخّر فوضعوه في مرتبة الفاعل لأنّه مثّل دور الموت، وقالوا هو الذي مات لا غيره، إذا ما قلنا: مات العجوز، السؤال: من مات؟ الجواب العجوز، وهكذا..