كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

مريم خير بك تتذكّر جامع بهلول

مريم خير بك

جامع بهلول اسمٌ طرق مسامعي في بداية الثمانينيات، قبل أن ألتقي به بعد أكثر من عامين، حيث كان في بداية دخوله عالم نشر الكتب..
حينها كان بعض الشباب العائدين إلى الوطن، وقد أنهوا دراستهم خارجه، ويريدون أن يستفيدوا من تعلمهم لغة ثانية بالترجمة لرفد حياتهم المعيشية، والمساهمة بنشر ثقافة الآخر، يأتون إلى وزارة الإعلام لإتمام بعض الإجراءات.
ولعلاقتي بهذا العمل وظيفياً كانوا يأتون إليِّ، وكم أسَرُّوا لي بأنَّ الأستاذ جامع بهلول، صاحب دار الحصاد، الذي كان محامياً، ثم اختار أن يكون ناشراً، وافق على أخذ مخطوطاتهم، وأعطاهم مقابلها المادي بلا إنتظار نشرها وبيعها لإحساسه بحاجتهم المادية.
ولم يكن ينطوي على الكثيرين منهم هذا الهدف حتى لو كان الموضوع خارج مخطط عمله، هذا العمل الذي تميز خلال أكثر من أربعين عاماً كمَّاً ونوعاً على المستوى العربي والمحلي، مع تميز هذا الإنسان أيضاً بسمعته.
إن لعملية النشر المرتبطه بالثقافة ارتباطاً وثيقاً علاقة كبيرة بالعمل التجاري وبالتالي بالمال، المحك الهام للإنسان في مدى مقاومة المغريات التي تحرف الإنسان عن الهدف النبيل لاسيما في الثقافة، لذلك كانت قلة من الناشرين هم من يحققون نبل المقصد، والنزاهة والحالة الفكرية والوطنية الإيجابية..
ولعلَّ اسم جامع بهلول كان من بين هذه القلة، حيث كان مثقفاً محترماً، ووطنياً بامتياز على مدى سنوات الحرب وقبلها، وتاجراً نبيلاً يذَكِّرنا وأمثاله كصاحب دار البشائر الأستاذ عادل عسَّاف بالتجار الدمشقيين الوطنيين، الذين يضعون المبدأ والسمعة والأثر الطيب على رأس أولويات عملهم.
لذا كان جامع بهلول -رحمه الله- ناشراً مهماً نوعاً وكمَّاً، وأهم من هذا صديقاً وفياً، وإنساناً راقياً نبيلاً عاش حياته بهدوء ورحل بهدوء، تاركاً عند من يعرفه غصَّة الفَقد، التي يخفف ألمها السيرةُ العطرة التي خلَّفها الراحل وكمّاً هاماً من المنشورات.