كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

يقينُ العشق..

محمد سعيد حسين- فينكس

 تربكُني جدّاً فكرةُ الكتابةِ إليكِ
وتربكني أكثر الكتابةُ عنكِ
أنا شخصٌ عصابيّ جداً،
وعاجزٌ عن ضبطِ انفعالاتي في الحبّ أو في الكرهِ أو في الحنين
عندما أحبّ أبكي
وعندما أكرهُ أبكي
والحنينُ موتي المؤكدُ.. فلا تنتظري مني أن أبسطَ لك موائدَ الفرح..
حزينٌ أنا.. وأحبّك
مضى عليّ قرنان من الزمن، لم أُحسن خلالها أن أفعلَ شيئاً سوى أن أحبّكِ وأوغلَ في الحزن.
هل تدركين معنى أن يكونَ المرءُ حزيناً حين يحبّ؟!
أجزمُ أنّك مثلي حزينةٌ، ومثلي تبحثينَ عن تعويذةٍ تقيكِ شرّ الفقد..
لم أسعَ يوماً أن أسجّلَ عليكِ نقاطاً في سباقِ الحبّ..
ولم أنوِ أن أبدأ معركةً بين طفولتي وجمالك..
كنتُ دائمَ الانتظارِ لكلمةٍ تفرّ من شفتيكِ، كي ألتهمَها قبل أن تبلغَ غايتَها،
وغايتُها، قبلةٌ تفرُّ من شفتيّ لتُصيبَ كلّكِ، كي لا تحرنَ القصيدةُ وينغلقَ بابُ الوحي، بانتظارِ ضحكتِك التي تفتحُ الأبوابَ الموصدةَ على كنوزِك المخفيّة..
اليومَ..
نُميَ إليّ أنّ إلهَ الطّفولةِ يوزّع الحلوى على الشّعراءِ المارقين، فرجوتُهُ أن يخصَّني بضوءِ ابتسامتِكِ الّذي سينفرجُ عن كنزي الأغلى،
قصيدتي الّتي لن أهديها إليكِ، ولن أعلنَ عنها قبل أن ترقصَ حروفُها على رنينِ ضحكتِك..
لديّ اقتراحٌ بسيطٌ يا صديقتي..
كأن نملأَ كأسينا، ونلجَ ليلاً بكاملِ ضيائِنا، ونفردَ على موائدِهِ كلَّ ما لدينا من عتبٍ، على زمنٍ لم يستطعْ تجنيبَنا الخوضَ في حسابات الرّبح والخسارة..
زمنٍ لم يُنصفْ كِلَينا، ولم يعطِنا الأملَ بارتكابِ مائدتِنا السنويّة الشّهيّة..
لماذا كلّ هذا الجحود يا بنيّتي
ألأنّني أورثتُك علاماتي الفارقةِ في فنّ الحزن، تريدينَ الانتقامِ من رفاتي؟!!
أنا لم أكن يوماً سوى كائنٍ باذخِ الوجع، حمّالِ حبٍّ كاد يهتك روحَه و يكوي قلبَه بسؤالٍ لم يهتدِ أحدٌ لجوابه من قبل، ولن يفعلَها أحدٌ من بعد:
لماذا كلّما عبرَ طيفُك مخيّلتي أعود ذلك الولد الشقيّ الذي لم يعش يوماً إلّا على حلمٍ أوّلُه أنتِ، وآخرُه أنتِ، وكلٌه أنتِ..
لماذا استطالَ بيَ العمرُ ؛ إلى زمنٍ أنتِ فيه الألوهةُ التي لم أعِش قبلها، ولم تمهلْني لحظةً واحدةً، أن أحاولَ اجتنابَها إلى ما بعد موتي بوردتينِ وقبر؟!
أُصدقُكِ القولَ يا بنيّتي، أنّ أحلامي لم تحظَ يوماً بجرأة التوهّمِ أنّك ستكونين لي، وأنّني سأكونُ الثّقبَ الأبيضَ الذي ستعبرينَ خلالَه منّي إليّ..
وسأكونُ حينها ظلّكِ الحارسُ، ومهرّجك الأبكم، وهو ينشجُ على أوتار عودِهِ:
عربدي فوق جراحي عربدي
واسحبي لوحة فكري من يدي
بعثري قلبي على كفّ الهوى
وانثري أشلاءهُ في موقدي
واقتليني، كلّ يومٍ مرّةّ
إنّ موتي فيك يعني مولدي
بعد عينيك أنا، قدّيستي..
هل تُرى أعرف أمسي من غدي؟!