كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

بين الأحد والواحد

محسن سلامة- فينكس

1- الأحد هو الذي تفرّد بكلّ كمالٍ ومجدٍ وجلالٍ وحمدٍ وحكمةٍ ورحمة.. ليس له مثيل ولا نظير، ولا كمثله شيء، لاتُقال إلّا للّه سبحانه وتعالى.
الأحد صفة مشبّهة بالأحديّة منفرد بها وحده، وقد بُني لنفي ذكر العدد معه، الهمزة في أحد واو، الأصل وحد من الوحدانيّة.
وردت عبارة أحد في القرآن الكريم مرّة واحدة فقط في سورة الإخلاص:
قُلْ هُوَ اللَّهّ أَحَدُ
جاء في الحديث أنّها تعدل ثلث القرآن، مَنْ قرأها كأنّه قرأ ثلث القرآن.
الأحد لا أجزاء معه منفرد بالذات والمعنى، من هنا يُقال: اللَّهّ الواحد الأحد الذي لا ثانيَ له.
2- الواحد هو اسم لمفتتح الأعداد.. واحد اثنان ثلاثة.. بينما مع الأحد ينقطع العدد ولا يصحّ ذلك، فلو قلنا: ما في الدار أحد، فقد نفينا وجود الجنس بأسره.
الواحد لفظ يمكن جعله وصفاً لأيّ شيء، كأن نقول: رجل واحد، قلم واحد مع وجود رجال وأقلام في مكان آخر، بينما لا يصحّ كلّ ذلك على لفظة أحد.
إذا كان آدم أوّل البشر على هذه الأرض، فهو العدد واحد وكان معه أجزاء من الخلق حوّاء وهابيل وقابيل.. ومع ذلك نقول آدم هو العدد واحد وهو أوّل الأعداد البشريّة.
الواحد له أجزاء، كأن نقول: العرب شعب واحد أي كلّ أجزاء الوطن العربيّ، وهكذا لو قلنا: نسير يوميّاً على لون واحد من الحياة، نستيقظ صباحاً، نفطر، نذهب إلى العمل، نعود متعبين..
قال تعالى: وإذْ قُلْتُم ياموسى لن نصبرَ على طعامٍ واحدٍ
أي يتكرّر الطعام نفسه يوميّاً بأجزائه المتعدّدة، المنّ والسلوى، يُقال هو طعام مركّب من مادّة المنّ الخام (مادّة دبقة) تُجمع من على الأشجار ثمّ تُذاب في الماء المغليّ، ويُصفّى للحصول على هذه الحلوى، الواحد هنا مؤلّف من أجزاء المادّة الخام والماء، وجاءت في القرآن بمعنى طعام واحد، فهم لن يطيقوا حبس أنفسهم على طعام واحد: المنّ والسلوى.