كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

أدونيس.. يجب أن يعود وتتصالح معه سوريا وأن يدفن بقريته قصابين

د. إليان مسعد- فينكس

أدونيس قيمة أدبية ابن سوريا رغم ما له وما عليه، وينبغي أن يتصالح مع بلده الذي أحب، وأن يدفن في سوريا رغم أنف قناة أورينت واتحاد الكتاب العرب الذي طرده ذات مرة بغزوة قومجية عربجية مطعونة الخاصرة بذريعة لا معنى لها، فهؤلاء جميعاً ستسقطهم ذاكرتنا الجمعية وستبقي على اسم وفكر ومواقف أدونيس و"مهيار الدمشقي"، وهو الذي كُرّم في عقر تركيا رغم أنه هاجمها مراراً كحكم وحكومة، ورغم وصمه لها بنعوت بشعة وفي قنوات محسوبة عليها غير هيّاب ولا وجل.
كما كرمته القاهرة أيام الرئيس الإخواني محمد مرسي، وكان الأجرأ من قلب القاهرة وهو يهاجم فكر ديني سياسي يهدد الأوطان ويمزق النسيج الاجتماعي، وكرمته السعودية والإمارات والعراق سابقاً.
انتقدوا أدونيس كما انتقدته قبلكم حين حذف قصبدته الخالدة "قالت الأرض" من ديوانه إرضاء للسعودية التي طبعت أعماله الكاملة، وسأنشر هذه القصيدة، واختلفوا معه كيفما شئتم كما اختلفنا معه عندما ذهب لإيران ليمجد مشايخ الثورة فيها بدل تمجيد الشعب الايراني الذي قام بالثورة.
ولكن حذار أن تجحدوا هذه القيمة الأدبية والشعرية والفكرية العملاقة، واختلفوا مع علي أحمد سعيد اسبر الملقب بأدونيس ابن التراث الأوغاريتي، ولكن لاتنكروا جرأته بنقد التراث العربي، بنقد الابداع والاتباع في الأدب العربي، ويوم صاح بحين كان لا صوت للعقل وكان الدمار والدم مسيطراً وكان هو صوتاً متفرداً لم يظهر معه إلا صوت معارضة الداخل وصوتنا وصوته الذي أدان وعرّى وأكد مثلنا إن التمرد لا يحوي برنامجاً للحرية والمواطنة المتساوية وحقوق الانسان بفترة بدء الانشقاق الوطني الكبير..
نعم، كان معارضاً، ولكن سلمياً، وهذه تحسب له لا عليه..
هؤلاء، وأمثالهم مثل عادل محمود و حيدر حيدر ونديم محمد وسعد الله ونوس وممدوح عدوان وبدوي الجبل وزكريا تامر وحنا مينة وهاني الراهب وفاتح المدرس وعمر أبو ريشة وعلي عبد الله سعيد وتامر سلوم وفايز خضور وإلياس غالي و سعيد مخلوف ومحمد الماغوط.. الخ، إنهم قواتنا السلمية وقوتنا الناعمة التي تؤكد عراقة وعظمة وأزلية سوريا وديمومتها.
فهل سمعتم فرنسياً ينكر فيكتور هوغو؟ أو روسياً يتبرأ من مكسيم غوركي؟ أو إيطالياً يجحد دانتي؟ أو أمريكياً يقطع صلته بإرنست همنغواي؟ أو أسبانياً يشتم لوركا؟ أو هندياً لايعتز بطاغور؟
توقفوا عن جلد الذات والانتحار الذاتي وثقافة الموت، وعودوا لثقافة الحياة، وأوقفوا سنة نبذ العباقرة ونفيهم ودفنهم بغربة المنافي، ولولا تنبيهنا الشخصي لأحدهم -ذهب الآن لدار الحق- أن السلفي الشيخ محمد بكري فستق قد رمى نعش نزار القباني أمام جامع لندن وحرّم الصلاة عليه ودفنه لأنه ملحد فتنوي وشعره متخلع، فقام من أخبرته بوضع الراحل حافظ الأسد بالصورة فسمح فوراً بعودة ونقل جثمان نزار القباني لمدينته التي أحبها وسارت جنازته حتى مقبرة الباب الصغير ورافقنا جثمانه سيراً على الأقدام.
فلتتوقف ثقافة الموت والعزل والنفي، ولا يحق لاتحاد الكتاب العرب الذي نفى أدونيس من جنته أن يمنعه عن مثواه في قريته قصابين قرب أوغاريت تحت أي ذريعة أنه سوري وكفى بها نعمة للمغفرة.