كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

نظرة في كتاب "مُتْ فارغًا" للكاتب الأميركي "هنري ألفريد تود" بترجمة عمر فايد

جمانة طه- فينكس

عطفًا على مشروع السبورات الذي قامت به المهندسة كاندي شانج، يقول تود هنري في كتابه (مُتْ فارغًا): "لم يصعد نجم مشروع شانج سريعًا كما لم يحظَ بتغطية واسعة من قبل وسائل الإعلام، وذلك يعود إلى أن حائط (قبل أن أموت..) أصبح صدى دواخلنا بما نعرفه ونخشى أن يصبح حقيقة. فلا أحد يريد حقًا أن يفكر بالموت، فكيف إذا كان الهدف تبني هذه الفكرة كمحفز للعمل؟".
ويشير إلى السبب الذي أوحى بالكتاب وعنوانه، فيقول:
"سأل صديقٌ سؤالًا غريبًا وغير متوقع: في اعتقادك ما هي الأرض الأعلى أو الأسمى قيمة في العالم؟
حينها حزر عديد من الأشخاص الإجابة، بقول: منهاتن، حقول النفط في الشرق الأوسط، مناجم الذهب في جنوب أفريقيا، وذلك قبل أن يبين لنا صديقنا أننا مخطئون. "إن أعلى الأراضي قيمة في العالم هي المقابر. ففي المقابر دفنت كل الروايات التي لم تكتب والأعمال التي لم يقدر لها أن تُنفذ والعلاقات التي لم تنته بالمصالحة، وكافة الأمور الأخرى التي فكر الناس أنهم لربما يجدون طريقهم إليها غدًا. ومع ذلك يأتي يوم ما، وقد استنزفوا كلَّ غدهم".
عندها عاد تود هنري إلى مكتبه، وكتب كلمتين في مفكرته وعلى حائط مكتبه: "مت فارغا"، وصارتا بمثابة أخلاقيات العمل الرئيسة".
أما عن غرضه من وضع الكتاب فيقول: " إن غرضي من وضع هذا الكتاب هو إضفاء نوع جديد من وضوح الرؤية، وزرع إحساس في وجود الدافع إلى الكيفية التي تتعامل بها مع عملك يوميًا طيلة حياتك".
كان يسعى تود بقوله هذا إلى منح الأمل للآخر ومساعدته على كسر قيوده للوصول إلى ما يهمه، والتعهد بملاحقته باستمتاع بدلًا من انتظار النهاية.
وكان يريد عندما يأوي ليلته إلى فراشه ولم يستيقظ صباحًا، يكون قد أفرغ ما جعبته من إبداع عالق في داخله. وبأقل قدر ممكن من الندم، على الكيفية التي وضع بها تركيزه ووقته وطاقته.
ويشير إلى أن هناك من "يملؤون حياتهم بنشاط محموم، ويقفزون من مهمة إلى أخرى. ومهما كان مدى نجاحهم في عملهم، يظل لديهم تساؤل مع نهاية اليوم: هل للعمل الذي أديته اليوم، أهمية حقًا؟ وآخرون ناجحون إلى حد غير معقول في عملهم ومخولون لهذا العمل ويتلقون مقابلًا ماديًا كبيرًا، لكنهم مع مرور الوقت وقفوا في حالة من الركود: إنهم يشعرون أن في داخلهم المزيد ليقدموه، لكنهم يعجزون عن تحديد السبب الذي يجعلهم عالقين في تلك المرحلة الأولية من حياتهم. إذ يخالجهم شعور بأنهم قادرون على الإسهام بالمزيد، أو حتى أن يكونوا لامعين حقًا في فعل شيء ما. لكنهم لا يملكون خريطة طريق، لإماطة اللثام عن ماهية هذا الإسهام".
نستطيع أن نتبين مما تقدم أن كتاب تود هنري يدور حول استثمار العقلية والأساليب التي نحتاج إليها، لإطلاق جماح أفضل ما لدينا كل يوم. وأيضًا لزيادة فرص عدم الندم في نهاية مطاف الحياة، حول الكيفية التي أمضينا بها أيامنا. لكن وبالمقابل فإن عبارة "مت فارغًا لا تعني أن نتم كل شيء في اليوم ذاته ولا أن نتجاهل مناحي الحياة الأخرى، وإنما تعني أن نتقدم بثبات وحزم كل يوم في إنجاز المشاريع التي تهمنا. وعلينا أن نتذكر أنه ما شخص آخر غيرنا، يمكنه أن ينوب عنّا بتقديم إسهاماتنا ولا أن يتمم ما أردنا فعله.
شارك تود عنوان الكتاب وفكرته مع آلاف الأشخاص، فوصلته رسائل ألكترونية لا حصر لها من شتى أنحاء العالم، تكشف كيف أن هذا الأمر غيّر من منظورهم للحياة ودفعهم إلى تناول عملهم بإلحاح أكثر,
ومما لا شك فيه أن هناك أمورًا وأشياء كثيرة يود كل شخص فينا أن يقوم بها قبل الوفاة، ومع ذلك يتجاهلها ربما بفعل سرعة وتيرة الحياة أو ربما لكي لا يشعر باقتراب ساعة الغياب. فمعدل الوفيات الكبير الذي يرافقنا على الفيسبوك يجب أن يحفزنا لإنجاز ما لدينا من أعمال، فكم من أصدقائنا الراحلين أمضوا حياتهم وهم يتجنبون هذه الحقيقة.!
الكتاب مهم جدًا على صعيد التنمية البشرية والحياة الإنسانية، ويضم فصولًا عديدة شائقة ومفيدة:
*مت فارغا، إسهامك، الحياة العادية المغرية، حدد معاركك، تحلى بالفضول الشديد، اخرج من منطقة راحتك، اعرف نفسك، ابحث عن صوتك، ابق على اتصال، عش فارغًا، إلى الأمام.
ولهذا أقترح عليكم العودة إليه والإفادة منه، فأنا وبسبب الضعف في عيني لا أستطيع الإحاطة بكل ما جاء فيه.