كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

فينكس والحراك العربي

أوّل افتتاحية لفينكس.. نُشرت بتاريخ 2 تموز 2011

لأسباب نحن بغنى عن ذكرها هاهنا, تأخر هذا الموقع عن موعد إقلاعه قرابة العام. عندما فكرنا بإطلاق مشروعنا المتواضع هذا كانت الحال العربية, ومن ضمنها السوريّة, كما نعرفها جميعاً من مراوحة في المكان وذلك حتى خريف العام الماضي, إذ لاحراك ولاحركات احتجاجية ولاحتى "ثورات" عربية, والسمة الغالبة للراهن العربي كانت الثبات في الزمان والمكان في خضم عالم يتغيّر على مدار الساعة!

لاحاجة بنا لتقريظ أو مديح أو نقد ماجرى في تونس ومن ثمّ في مصر (وإن كانت تينك التجربتين تحتاجان إلى دراسة معمقة), ولافائدة من البكاء على التعتيم الذي تخصّ به الفضائيات الناطقة بالعربية (بالإضافة إلى صمت السيد عمرو موسى) مايجري في البحرين من ذبح لشعب ثائر في وجه حكم جائر, ولاجدوى من الحديث عن عرقنة ليبيا بمساع من "معارضتها" و"ثوراها", ولاضرورة للحديث عن التقسيم المرتقب لليمن الأرجح أن تسبقه حرب أهلية طويلة الأمد (هذا على الصعيد العربي), أما بخصوص الداخل السوري لانعتقد أن الاندفاع مع رعونة المعارضات وممالأة الطفولة السياسية لمعظمها يفيدنا بالنهوض من حيث كبونا, عدا أن الكثير من أقطاب المعارضات السوريّة باتت تحركها تارة غرائزها الوضيعة وطوراً أحقادها الشخصية, وهذا مالم يعد يخفى على ذي بصيرة, فضلاً عن أن لامشروع إصلاحي لديها بالمقدار الذي يكتنف مواقفها أمرين, أولهما: الثأر من النظام ولو كانت النتيجة تدمير الوطن والإنسان, وثانيهما: خيبة أملها المريرة كون الواقع السوري ليس شبيهاً بالواقع المصري, مالزم تعويض ذلك النقص بارتفاع نسبة الحقد ومنطق الثأر لدى بعض المعارضين, وهذا ما يُترجم عملياً في تصريحات كاذبة على بعض الفضائيات, أو في تلفيق أخبار ما أنزل الله بها من سلطان, وحيناً في تضخيم الأحداث, وأحياناً بالتواطؤ الضمني مع التيارات الدينية المتشددة والمتطرفة التي تعمل على بث الفتنة في الداخل السوري, ناهيكم عن مشاركة بعض من نعني في مابات يعرف بشهود الزور (شاهد العيان).

من نافل القول إن وجود المعارضة أمر ضروري, ولو لم تكن موجودة لوجب علينا إيجادها, وإننا إذ ننتقدها (دون النظام غالباً) فكي نساهم في نهوضها من حالة التخبط التي تعيشها؛ ففي اعتقادنا أن أزمة سوريا راهناً لم تعد كائنة في نظامها ولا في وجود العصابات المسلحة ولاحتى في الاحتجاجات السلمية المُحقة التي تنشط في هذه البقعة أو تلك من أرض الوطن, بل أزمتها الحقيقية راهناً هي في عدم وجود معارضة ناضجة, وهذا مالمسناه في البيان الختامي للقاء الذي جمع بعض المعارضين في فندق سميراميس الأسبوع الفائت, وكذلك نلمسه في المواقف المترددة لأحزاب التجمع الوطني الديمقراطي, وكذلك عايشنا عدم النضج ذاك من خلال مسؤولية هذه المعارضات (مباشرة أو مداورة) عن حالات الاستقطاب الطائفي التي تمت في البلاد.

لاخلاف ولا اختلاف مع أحد حول حقوق الشعب السوري في الحرية والعدالة الاجتماعية والحياة الحرة الكريمة في ظل قانون عادل يقف منه الجميع على مسافة واحدة, ونعتقد أن إشارة الرئيس بشار الأسد في خطابه الأخير إلى إمكانية تغيير الدستور كلياً تنطوي على ما ذهبنا إليه, بيد أن الخلاف كل الخلاف مع طريقة تعاطي المعارضات السوريّة مع الأزمة السوريّة, وهي طرق يبدو أنها لاتريد للوطن خيراً, فالذي يطلب سحب الجيش من المدن التي تشهد عصابات مسلحة تقوم بترويع المواطنين وعمليات تخريب للمنشآت العامة من دون أن يشير إلى تلك العصابات هو شريك معنوي وفعلي لتلك العصابات في قتل الإنسان السوري وتدمير المنشآت العامة؛ وحقيقة إن موقف المعارضات السوريّة, أو بعضها وهو الأصح, من وجود بعض الجيش في المدن والبلدات التي نعني صعقنا فعلاً! كما سبق أن أذهلنا موقفهم من بعض حالات القتل على الهويّة والتمثيل بالجثث.. الخ, لا بل ونكرانهم لهذا! لسنا بحاجة للتأكيد أنه ليس بتلك العقلية التي نخشى أن تكون مريضة, بمقدور المعارضات السوريّة المساهمة في الخروج من الأزمة, والمشاركة في بناء الوطن الذي نصبو إليه.
عيوب النظام السوري ونواقصه نعرفها جيداً ولامبرر إلى تكرارها, غير أن المهم في الموضوع إن النظام أثبت خلال الأزمة الكثير من نوايا حسن النيّة, وكان يفترض بالقوى السياسية المعارضة والناشطين (المتفرغ أغلبهم لنسج الأكاذيب وتعبئة فراغ الفضائيات الناطقة بالعربية) ملاقاة النظام في منتصف الطريق, هذا ما كان يجب أن يبدر عنهم عقب صدور مسودة قانون الأحزاب التي حتى الآن لم نسمع أن حزباً معارضاً أبدى اهتمامه بمناقشتها وإبداء ملاحظاته عليها! ترى هل تراهم مازالوا يعيشون "حلمهم" الوردي في إسقاط النظام "سلمياً" في الشارع؟! وألا يدركون إن إسقاطه في الشارع يعني أن حرباً أهلية ستنشب في البلد وهذا مايريده الغرب والمعارضات السوريّة المحسوبة عليه؟ ليس هذا مهماً!
بالعودة إلى ماجرى في تونس ومصر, ومع بالغ الاحترام لتجربة ذينك البلدين وماقدماه من تضحيات وانجازات تكللت بخروج ديكتاتورين عربيين, إلا أن مخاوف عدة تسكننا بخصوص من نعني, ولعلنا لسنا وحدنا من تسكنه هذه المخاوف, فتونس باتت قاب قوسين أو أدنى من حكم إسلامي متشدد ومتطرف, وطبيعي أن يسرّ الشيخ يوسف القرضاوي لذلك, وهذا ماتعبر عنه مقالات نخبة من كتّاب ذلك البلد الرائع (راجع في هذا الخصوص مقالة الكاتب مختار الخلفاوي- الشروق التونسيّة 28 حزيران 2011), عدا عن قيام بعض المتطرفين الإسلاميين مؤخراً بضرب قرابة المائة محامي في القصر العدلي في تونس.

وثمة تقارير تفيد أن أقباط مصر ضاقوا ذرعاً من هيمنة الخطاب الإسلامي الإخواني فضلاً عن تصرفات غوغائية يقوم بها بعض المتشددين الإسلاميين والتي عادة مايذهب جراءها ضحايا أقباط وبالآتي مسلمين غالباً مايكونون أبرياء؛ ويبدو أن صوت الإسلام المعتدل المتمثّل بالأزهر عاجز عن فعل شيء سوى إصدار البيانات, فكان أن أصدر بياناً أشبه بالفتوى في الأسابيع الأخيرة يفيد فيه أن لادولة دينية في الإسلام بل مدنية, في إشارة صريحة منه إلى طمأنة أقباط مصر الذين توجد نخب منهم تسعى لدى الأمم المتحدة والكونغرس الأمريكي ومحافل دولية أخرى لأجل توفير الحماية للأقباط في مصر! والأرجح أن هذا الأمر سيتم إن عاجلاً أم آجلاً, فمن مصلحة الغرب التدخل المباشر في مصر وتقسيمها إلى أكثر من دولة بحيث يلتغي كلياً دور مصر في المستقبل من خلال إلغائها ككيان بشكلها الحالي, والأغلب أنها ستصبح ثلاث دول, وهذا ماكانت تسعى إليه الولايات المتحدة وأوربا في سوريا –بشكل أو بآخر- وفشل بفضل وعي الشعب السوري لأبعاد المؤامرة المغطاة باستحقاقات غير قابلة للنقاش للشعب السوري.

إذاً, والحال هذه, نجد من واجبنا, في فينكس, أن نسلط الضوء على أبعد قدر ممكن مما يتربص بنا, وأن لاننساق خلف مشاعرنا وعواطفنا, ونحن نؤمن أشد الإيمان أن مأساة منطقتنا العربية والناطقين بالضاد هي ثقافيّة قبل أن تكون سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية.. الخ من دون أن ننكر أهمية الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية, إلا أننا نصرّ على أن الأهم (وليس الأُولى) هو لإصلاح منظومتنا الثقافية التي اهترأت بفعل عوامل عدة, وهذا ماسنسعى إليه قدر الإمكان.

انطلاقاً مما سبق نعلن, أننا لانؤمن بالمقدسات الثقافية ولايوجد في عرفنا تابوهات محرمة خاصة الثقافية, وسنبذل وسع جهدنا بغية هدم تلك المقدسات وبالطريقة التي نعتقد أنها تخدم وطننا ومجتمعنا ومشروعنا ذلك من خلال سعينا في هدم تلك المنظومة الثقافية بمختلف أشكالها ومسمياتها الزائفة والتي تتقنّع بأكثر من قناع في آن واحد!
إداً, فينكس, هو محاولة متواضعة لإيجاد صوت جديد ومغاير على ساحة العمل الإعلامي السوري, عسى نوفّق في مسعانا.


رئيس التحرير

هيثم المالح وشيخوخة الكبار التي لم تراع
موسى أبو مرزوق: "السلطة الفلسطينية تعني «فتح» و«حماس»"
دبي: أعجوبة أم مشهد عابر؟
سورية المبتدأ والخبر
أُُبي حسن في ((سورية المبتدأ والخبر)).. جرأة الطرح وخلخلة المسلمات
جريدة فينكس الالكترونية: منبر إعلامي سوري جديد مستقل موضوعي وعادل
حفل إطلاق جريدة فينكس الإلكترونية بحلتها الجديدة بحضور رسمي واعلامي
حفل اطلاق جريدة فينكس الالكترونية بحلتها الجديدة
شعارها ”سورية وطن يسكننا” الاحتفال بإطلاق جريدة (فينكس) الألكترونية بحلتها الجديدة
انطلاق (فينكس) بحلته الجديدة..
د. خالد حدادة أمين عام الحزب الشيوعي اللبناني (في حوار قديم معه)
حركة الإصلاح الديني مجدداً ودور المثقف الوطني
صادق جلال العظم: حزب الله انتصر في حربه مع إسرائيل, لكنه نصر غير مظفر
زياد جيوسي: همسات الروح لفينكس في العيد العاشر
كتب إحسان عبيد: فينكس.. فنار بحري.. (بمناسبة دخوله عامه العاشر)