كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

من الذاكرة والذات.. عن ممدوح عدوان في ذكرى رحيله الأولى

أُبيّ حسن- النور- العدد 227- تاريخ 21/12/2005

 مضى عام على رحيل ممدوح عدوان (19/12/2004) وما زلت أشعر بالندم، وربما سيبقى ذلك الشعور يلازمني إلى أن ينقضي أمر كان مفعولاً، لأني لم أهاتفه في الساعة السابعة من مساء يوم الأحد (يوم رحيله الأخير)، بغية الاطمئنان إلى صحته وإخباره بقدومي من القرية على أمل أن أراه ثاني أو ثالث يوم على أبعد تقدير, محضراً له معي بعضاً مما تجود به الضيعة. ‏
تعود معرفتي بممدوح إلى أيلول 1997، إذ كنت قد أنهيت، في ليلة واحدة، قراءة مسرحيته (سفر برلك / أيام الجوع) وحالما انتهيت منها انتظرت الصباح كي أهاتفه من غير أن أعرفه شخصياً لأعرب له عن إعجابي بما قرأت. ذاك الصباح سألني عما إذا كنتُ قرأتُ (الغول) الجزء الثاني من سفر برلك، فأجبته بالنفي، فطلب مني عنواني كي يرسل لي ذلك الجزء مع مجموعة من مؤلفاته بإحدى شركات النقل التي لم توصلها (بعدُ). في المقابل أفصحت له عن رغبتي في لقائه عندما آتي إلى دمشق، وكان ذلك. ما لفت نظري منذ أول لقاء أن ممدوحاً لم يكن يحمل ساعة في يده، ومع ذلك أتى على الموعد بدقة استرعت انتباهي.. علمت في ما بعد, و في وقت مبكر نسبياً، أنه نادراً ما كان يحمل ساعة تقيده بوقت, وعلى الرغم من هذا كان شديد الحرص على الموعد, إلى أن عرفت من خلال المعايشة و علاقتي به أن مثل ذلك الحرص هو من أهم مكونات شخصيته أديباً وإنساناً وكان هذا أول درس تعلمته من الأستاذ الراحل. ‏
لم أحتج إلى الكثير من الوقت كي يزداد إعجابي به وبالتالي تعلقي، الأمر الذي جعلني نهماً لقراءة كل ما يكتبه من مقالة ورواية ونثر ومسرح و ما تبقى من صنوف الكتابة التي صال وجال فيها فأجاد. عندما بدأت أشعر أن ذائقتي في طريقة تناول المواضيع الأدبية والفكرية تتطور. صرت أقرأه قراءة نقدية، وأناقشه في نتاجه. حينذاك كان يسيطر عليَّ هاجس أن ممدوحاً ظلم نفسه، أو لكي أكون أكثر دقة، ظلمته غزارته وتنوع إنتاجه، على الأقل في البدايات، كمبدع طالما شكا من تقصير النقد لمنجزه الإبداعي. وقد أعربت له عن رأيي هذا أكثر من مرة قائلاً له: (إن ما تشكو منه يعود إليك لا إلى النقّاد و لا إلى القارئ) الذي احتاج إلى فسحة لا بأس بها من الزمن كي يألف ممدوحاً مسرحياً وشاعراً وصحفياً وكاتباً درامياً.. إلخ، في زمن التخصصات,تماماً كما احتجت أيضاً إلى فضاء معرفي آخر كي أدرك أن ما كان يكتبه وينجزه هو الفن، بغض النظر عن ماهية الاسم والجنس. وفي إحدى جلساتي القصيرة معه في منزله, أثناء مرضه, أثرت هذه النقطة تحديداً عقب قراءتي لكتابه (جنون آخر) الذي يعدّ من حيث هو منجز نثري، امتداداً لكتابه (دفاعاً عن الجنون) الذي وضعه قبل أكثر من عشرين عاماً. أقول هذا مع إدراكي أن ما أنجزه على مدى أربعين عاماً لم يكن على سوية واحدة من حيث المستوى، وهذا أمر طبيعي بحكم الزمن والخبرة والنضج والمثابرة.
بدا ممدوح في فترة مرضه ميالاً إلى الهدوء على غير عادته. ربما كان للعمر أثره، ورغم أنه أنتج في مرحلة مرضه،القصيرة نسبياً, أربعة كتب وأكثر من مسلسل تلفزيوني ما زالت طي أدراج شركات الإنتاج حتى الآن, إلا أنه بدا لمن يعرفه عن كثب كمن يعيد ترتيب أوراقه، فبدأ من دهاليز الذات وتشعباتها... ومن (وعليك تتكئ الحياة)، وهي قصيدة من أجمل قصائد ديوان يحمل العنوان نفسه.. عندما ألقى هذه القصيدة في عمان صيف 2004 لم يكن يخاطب أباه,بل كان يخاطب ولديه زياداً و مروان، وهذا ما دفع بإلهام (زوجه) إلى أن تقاطعه مراراً، راجية إياه أن يكف عن قراءة الموت (مت واقفاً يا أبي). وفعلاً هكذا رحل ممدوح، كرحيل والده الذي سبقه بعام وشهر وبضعة أيام.
وعلى سيرة الأب,من اللافت أن ممدوحاً طالما خجل أن يعبر عن مدى حبه لأبيه وتعلقه به إلى درجة كتم معها عنه ما به من مرض بقي الثاني يجهله,وإن كان قلبه قد أخبره أن الابن يشكو من علة، فتمنى الغياب لنفسه قبل أن يرى نجله يسبقه إلى حيث يرقد الجد عدوان في الأرض التي تبرع بها لتكون مقبرة تخصّ القرية (قيرون). وهي الأرض ذاتها التي تبرع ممدوح بإصلاحها على نفقته الخاصة عن روح والده، إذ كانت تشكو الوعورة من كثرة الصخور، وهي الأرض ذاتها التي يحضن ترابها ممدوحاً الآن. ‏
أشياء كثيرة يقف عندها من يعرف عن كثب ممدوحاً الإنسان والمبدع، فقد كان يدرّس الطلاب في المعهد العالي للفنون المسرحية، وفي الاستراحة تجده بينهم صديقاً ومعيناً. وكثيراً ما كان يأخذ نصوص طلابه وغير طلابه (كاتب هذه السطور أحدهم) إلى منزله ليضخ في اليوم الثاني بعضاً من خبرته وتجربته في عقل من طرق بابه؛ وإن أحدنا ليستغرب حقاً كم كان عدد ساعات اليوم لديه كي لا يقول لطالب علم لا؟ هذا من غير أن ننسى أنه أنتج ما يزيد على الثمانين كتاباً تأليفاً وترجمة.. ولا أدري كم هو عدد مقالاته الصحفية، فعلاً إن اليوم لديه كان (سبعين ساعة) كما ذكر في إحدى مقالاته. إذاً لم يكن مصادفة أن يكون إهداؤه لرواية (أعدائي) ما يشبه الاعتذار من إلهام وزياد ومروان.

هيثم المالح وشيخوخة الكبار التي لم تراع
موسى أبو مرزوق: "السلطة الفلسطينية تعني «فتح» و«حماس»"
دبي: أعجوبة أم مشهد عابر؟
سورية المبتدأ والخبر
أُُبي حسن في ((سورية المبتدأ والخبر)).. جرأة الطرح وخلخلة المسلمات
جريدة فينكس الالكترونية: منبر إعلامي سوري جديد مستقل موضوعي وعادل
حفل إطلاق جريدة فينكس الإلكترونية بحلتها الجديدة بحضور رسمي واعلامي
حفل اطلاق جريدة فينكس الالكترونية بحلتها الجديدة
شعارها ”سورية وطن يسكننا” الاحتفال بإطلاق جريدة (فينكس) الألكترونية بحلتها الجديدة
انطلاق (فينكس) بحلته الجديدة..
د. خالد حدادة أمين عام الحزب الشيوعي اللبناني (في حوار قديم معه)
حركة الإصلاح الديني مجدداً ودور المثقف الوطني
صادق جلال العظم: حزب الله انتصر في حربه مع إسرائيل, لكنه نصر غير مظفر
زياد جيوسي: همسات الروح لفينكس في العيد العاشر
كتب إحسان عبيد: فينكس.. فنار بحري.. (بمناسبة دخوله عامه العاشر)