كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

المسيحية واليهودية

الطفي السومي- فينكس:

أعتقد أنه قد آن الآوان لتصحيح الخطأ التاريخي لمجمع نيقيه عام ٣٢٥م، والذي اعتبر العهد القديم (التناخ) جزءاً لا يتجزأ من الديانة المسيحية والذي فرض قراراته الإمبراطور قسطنطين الذي لم يكن مسيحياً والذي لم يجر تعميده إلّا وهو يحتضر ودون وعي منه، وذلك من خلال العرض التالي:
إنني أتساءل، كيف يستطيع مسيحي يبشر بالمحبة والسلام، أن يعتبر ما ورد في التناخ عن صفات الرب يهوه جذراً للديانة المسيحية، و إنني أعرف أن التراكم الزمني لارتباط العهدين القديم والجديد وخاصة بعد المرحلة اللوثرية، يصعب تجاوزه، خاصة و أن من طبيعة الدين أن يكون محافظاً، ولكنني أتطلع إلى الحاضر والمستقبل حيث يقدم لنا علم الآثار والدراسات التوراتية، ما يدفعنا بشكل متواصل بعيداً عن قدسية ترهات العهد القديم.
إن ما يثير التساؤل هو أن اليهودي يقول في صلاته (مبارك أنت إلهنا الذي يحكم الكون والذي لم يجعلن امرأة ولا مسيحي وثني ولا عبد). كما أنه قد ورد في العدد بتاريخ ١٩/ ٩ / ٢٠٢١ في مجلة Biblical Archaeological society تحت عنوان Who was Jesus Biological Father أي (من كان الأب البيولوجي للمسيح)، أي ان المجلة تتساءل سؤالاً ينسف جذور الديانة المسيحية. 
و أعتقد أيضاً أن الكنائس المسيحية التي تعيش في عالم التطور والمعرفة ستجد نفسها أقدر على الخروج من سجن قرارات تاريخية اتخذها أشخاص متأثرون بالمناخ السياسي والمعرفي السائد في تلك المرحلة.
إنني أهيب بالمسيحية المشرقية و التي همش دورها بعد نقل القديس بولص الرسول إلى روما، وتراجع دور القسطنطينية الديني، وقيام حركة الإصلاح الديني التي استعادت أهمية العهد القديم وتراجع الوجود المسيحي في الشرق، ورغم كل ذلك أهيب بهذه المسيحية المشرقية أن تحاول استعادة دورها بصفتها أرض ميلاد المسيح وميلاد الديانة المسيحية، والتي جاء منها جميع الرسل، وتشكل منها معظم أعضاء المجامع المسكونية التي رسخت أسس الديانة المسيحية، و أصبح من حقها أن تلعب دوراً أكبر من أجل إعادة قيم المحبة والسلام في عالمنا الذي اصبح تحت قيادة القوى الشريرة التي تقود العالم باتجاه عالم منفلت من كل القيم الحضارية. 
كما أن على المسيحية المشرقية أن تسقط مقولة اعتبار أن جذور الحضارة الانسانية تعود إلى العهد القديم ثم الحضارتين اليونانية والرومانية، و أن نستبدل هذه المقولة بأن الحضارة المشرقية وخاصة من بابل والإسكندرية وأنطاكيا والرها وعدد من مدن المشرق كانت هي الجذر الحقيقي للحضارة الانسانية و إن شجرة الحضارة الانسانية ذات جذور أعمق من كل ذلك.
تعتبر الميثولوجيا اليونانية بأن الإله الفينيقي قدمس هو الذي أدخل الأبجدية إلى اليونان و أن كيركوبس الآتي من الشرق إلى أتيكة و أن داونس أخو ايجبتوس يستقر في ارجوليس ويعلم الإغريق الزراعة والتعدين كما و أن قارة أوروبا قد أخذت اسمها من الأميرة الفينيقية أوروبا ابنة الملك اجينور بن بو زيدون التي أحبها كبير الالهة اليونانية زيوس و أغراها بالذهاب معه إلى اليونان وذلك حسب الأسطورة اليونانية.
أعرف أن تراجع المشرق وتراجع دور المسيحية فيه قد مكن الآخرين من تجاوز دوره الحضاري، ورغم ذلك فإن حقائق التاريخ وقيم الحضارة يجب أن تظل الممثل الحقيقة للمسيحية والحضارة الانسانية.