كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

مروان حبش: حرب حزيران 1967- ح6

بداية العدوان
قبل أسبوعين من بدء العدوان، بدأت مخابرات القوى الجوية "الإسرائيلية" تراقب عن كثب حركات الطيارين في المتحدة، وأفادت التقارير: (أنهم يقلعون عند الفجر للاستطلاع ويبقون في الجو نحو ساعة، ثم يعودون إلى قواعدهم ويذهبون لتناول طعام الصباح، فبين الساعة 7 و 8 صباحاً لا شيء يتحرك على مهابطهم، لذا فان الساعة 7 و45 د. هي بالنسبة لنا الساعة المثالية). وكانت إستراتيجية القوى الجوية "الإسرائيلية" هي:
ـ قصف المطارات ومدارجها، ثم الطائرات الجاثمة عل الأرض، وأخيراً الرادارات ومنشآت الطيران.
ـ التنسيق الدقيق بين القوات البرية والجوية سيتيح إلحاق هزيمة سريعة بالعدو.
ـ يجب أن تدور المعارك على أرض العدو وتدمير قواته بأسرع ما يمكن.
ـ تركيز الهجوم على جبهة واحدة، وموقف دفاعي على الجبهتين الأخريين مع شن هجمات صغيرة محلية من شأنها منع العدو من دخول "أراضينا".
بدأ العدوان الصهيوني صباح 5 حزيران 1967، بقصف المطارات في الـ ج.ع.م ولمدة ثلاث ساعات تقريباً وعلى ثلاث هجمات.
لقد سمعت القيادة السورية هذا النبأ من أجهزة الإعلام، و أذيع البلاغ الأول الذي يعلن بدء القتال في الساعة 8 و 50 د. من راديو القاهرة، ونصه: (لقد أغارت الطائرات "الإسرائيلية" على القاهرة وعلى مطارات أخرى، ولقد مضت القوات المصرية إلى لقاء العدو وصده).
وفي إذاعة عبرية أخرى هاجم راديو القاهرة وزير الدفاع "الإسرائيلي": (أين أنت يا موشي دايان؟ في عام 1956 سمّوك قائد النصر، أما اليوم فأنت وزير الهزيمة، لقد فقأ شعبنا السوري الشجاع إحدى عينيك ونحن سنفقأ لك الأخرى).
وفي الساعة 9 و 25د. أذاعت دمشق: (نحن معكم يا رفاق السلاح في القاهرة، نحن معكم يا رفاق السلاح في غزة وسيناء وشرم الشيخ، نحن معك يا شعب الأردن وأنت تتقدم بشرف نحو تل أبيب، أضربوا دون رحمة ونحن معكم).
وفي الساعة 9 و 40د. أعلن راديو عمان: (أيها العرب في كل مكان، لقد دقت ساعة التحرير واستعادة حقوقنا المهدورة، ونحن في المعركة الحاسمة التي نخوضها حالياً ضد قوى الشر والعدوان الصهيوني وسنهدم الحدود المصطنعة ونستعيد ما سرق منا، إلى الأمام، إنها الحرب المقدسة من أجل النصر).
إن المفاجأة كانت مذهلة، واستغرقت القيادة العسكرية في المتحدة وقتاً دام أكثر من ساعة حتى أدركت ما حدث، وأصبحت حسب قول الرئيس ناصر: (مثل واحد حصل له انفجار في المخ وأصاب بالشلل جسمه كله)، ووقتاً أطول حتى اطّلع الرئيس عبد الناصر على بعض ما حدث، ومن نتائج هذا الذهول لم يكن هناك في المتحدة، من يبلغ القيادتين السياسية والعسكرية في سورية عما يحدث، كما لم يكن هناك من يجيب على نداء القيادة العسكرية في سورية التي حاولت الاتصال بقائد الأركان المشتركة في الـ ج.ع.م بواسطة جهاز اللاسلكي الذي كان مفتوحاً باستمرار بين القيادتين منذ بدء التحضير لمواجهة العدوان، و لم تتمكن من تحقيق الاتصال إلا حوالي الظهر، وفي هذه الفترة كان الطيران الصهيوني قد ركّز غاراته على المطارات السورية ودمر الأكثرية الكبيرة من سلاح الجو السوري والطائرات العراقية العسكرية في مطار إتش 3، وتتالت الاتصالات بين القيادتين العسكريتين، ومع الفريق عبد المنعم رياض قائد الجبهة الأردنية الذي اتخذ من الأردن مقراً له.
وفي المساء، وجه راديو "إسرائيل" باللغة العربية إلى جنود جيش المتحدة نداءً: (إن زعماءكم يقودونكم نحو الكارثة، لقد بدأت المعارك، لقد دقت ساعتكم، انهضوا وأسقطوا نظام ناصر الديكتاتوري، لقد دقت ساعتكم، قفوا ضد جمال عبد الناصر).
وتتالت الأخبار بسرعة، عما يحدث في جبهات الـ ج.ع.م والأردن، وعن تقدم قوات العدو الصهيوني السريع في سيناء وفي الضفة الغربية وغزة، مستغلاً تفوقه الجوي، وعدم وجود أي تغطية للقوات العربية.
اجتمع مجلس الأمن فور بدء العدوان، وتوصل يوم 6 / 6 إلى قرار يطلب فيه من القوات المتحاربة وقف إطلاق النار، وهو وقف غير مقترن بشرط.
بدأ العدوان الصهيوني، كما ذكرت، في الساعة السابعة و 45د. من صباح 5 حزيران، ودمّر خلال أقل من ثلاثة أيام الأكثرية الساحقة من أسلحة الجو في المتحدة وسورية وما أبقاه الأردن على مدارجه وسربين من سلاح الطيران العراقي وبلغ عدد الطائرات المصابة والمدمرة في اليوم الأول للعدوان 410 طائرات، وفي اليوميين التاليين 31 طائرة.
استغل العدو تفوقه الجوي وعدم وجود أي تغطية للقوات العربية و وفّر لجيشه حرية الحركة والعمل، وتقدمت قواته بسرعة في سيناء، متبعة تكتيك التوغل المفاجئ في العمق لإحباط قدرة جيش المتحدة القتالية.
لقد قاتل جيش المتحدة ببسالة في مواقعه الدفاعية، ولكن أداءه لم يكن جيداً حين انتقل إلى الهجوم دون غطاء جوي، وبعد 36 ساعة من بدء الحرب، أي في مساء 6 حزيران، وبعد قرار مجلس الأمن، أصدر المشير عبد الحكيم أوامره بالانسحاب الشامل غير المنظم لقوات المتحدة إلى غرب القناة، على أن ينجز صباح يوم 7 حزيران، أي خلال 12ساعة، باستثناء الفرقة الرابعة التي يجب أن تبقى في حالة دفاع بمحاذاة الأطراف الشرقية للمرات، وكانت النتيجة الأولى لهذا الأمر إخلاء شرم الشيخ ليلة 6 - 7 حزيران.
بدأت القوات "الإسرائيلية" صباح يوم 5/6 بقصف مدفعي على القوات الأردنية التي ردت عليها بقصف مماثل واستغلت قوات العدو تحرك قطعة من الجيش الأردني نحو موقع تسيطر عليه قوات المراقبة الدولية يعرف باسم "بيت الحكومة" متاخم للمنطقة الغربية من القدس، وتحركت القوات المعادية في منتصف النهار نحو بوابة "ماندلبو" وحدث قتال بين المهاجمين والفصائل الأردنية المرابطة في بعض المواقع، وبعد معارك قاسية وبمساعدة الطيران والمدفعية والمدرعات تمكن العدو في حوالى الساعة العاشرة من صباح يوم 6/6 من دخول القسم العربي من مدينة القدس واحتُلت مدينة رام الله مساء هذا اليوم، وبعدها نابلس واللطرون ومحور قلقيلية ـ طولكرم وتابعت قوات العدو سيرها باتجاه الأغوار.
تجاه هذا الوضع الحرج، طلب الفريق عبد المنعم رياض من قيادة الجيش السوري نجدة الأردن عسكرياً وبسرعة، مما اضطرها إلى سحب تشكيل عسكري مع حماية بمدافع م/ط بقيادة الضابط الكفوء المقدم صلاح نعيسة، من مواقعه في الجبهة، وتحريكه يوم 7/ 6 وفي وضح النهار وتحت رحمة الطيران المعادي، وحين وصل التشكيل إلى الأردن، كان قد بدأ تنفيذ قرار وقف إطلاق النار بين الأردن و "إسرائيل"، وعاد التشكيل، وهو في حالة إنهاك، إلى مواقعه التي تحرك منها، بعد أن فقد بعض آلياته.
وكانت قد تمت سيطرة العدو على كامل الضفة الغربية إضافة إلى مناطق أخرى في الأغوار، وما حدث، أوقع الملك حسين في حاله الذهول، وكان لـ "إسرائيل" بعد أن أعلن الملك دخوله الحرب، حسابها الخاص ومطامعها في الاستيلاء على الضفة والقدس لتحقق أسطورة أرض الميعاد، ووجدت أن فرصتها قد حانت.
وفي سورية، تشكلت على الفور، بعد سماع نبأ بدء القتال، قيادة ميدانية مكونة من رئيس الأركان أحمد سويداني ونائبه اللواء عواد باغ ومديري إدارات: العمليات العميد عبد الرزاق الدردري والمدفعية العميد عبد الله حبيشي والمدرعات العميد عبد العزيز جركس والإمداد والتموين اللواء محمد مهنا والتنظيم والإدارة العميد علي حماد وقائد الجبهة العقيد أحمد المير محمود ورئيس المخابرات العسكرية العقيد علي ظاظا، وانتقلت فوراً إلى غرفة العمليات في القنيطرة، بينما بقي وزير الدفاع اللواء حافظ الأسد يساعده بعض المعاونين في دمشق لقيادة القوات وإدارة المعارك.
كان من نتيجة التأخير ـ بسبب الشلل والذهول الذي أصاب لعدة ساعات القيادة العسكرية في المتحدة ـ في تحقيق الاتصال مع رئيس هيئة الأركان المشتركة، عدم معرفة أية خطة عسكرية وأي وضع قتالي "دفاع أم هجوم أم تعرض" يجب تنفيذه، كما أدى ذلك إلى اضطراب وتشوش في بنى الخطط، واكتُفي في الساعات الأولى بالقصف المدفعي.
بدأ القصف المدفعي السوري بغزارة عنيفة على المنشآت "الإسرائيلية" على طول الحدود وخاصة على الوحدات العسكرية المعادية في دجانيا وروشبينا رافقه هجوم جوي وعلى دفعتين، فوق خليج حيفا، و جرت في يوم 6/5 عدة محاولات سورية لمهاجمة مستعمرات تل دان وشعار ياشوف بانتظار التنسيق الذي لم يحصل طبعاً.
نتيجة لما حدث، قرر قادة الـ ج.ع.م وملك الأردن و"إسرائيل"، قبول قرار وقف إطلاق النار الذي يجب أن يدخل إلى حيز التنفيذ في الساعة 2 و20 د. من يوم الخميس 7 حزيران، ولكن "إسرائيل"وبدعم من أميركا، استغلت هذا القبول، وواصلت عدوانها في يوم 8/ 6، حتى بلغت أهدافها التي كانت قد حددتها سابقاً على الجبهتين المصرية والأردنية.
أعقب ذلك، إعلان الرئيس عبد الناصر في كلمته إلى الأمة عن استقالته من مناصبه، كما أكد في هذه الكلمة عن تحمله مسؤولية ما حدث بشكل كامل، ثم عودة الرئيس عن الاستقالة تحت ضغط الشعب العربي في مصر، ورؤساء بعض الدول العربية التقدمية. وبعد عودة الرئيس ناصر لتحمل مسؤولياته من جديد، أرسل مساء 8/ 6/1967إلى الرئيس نور الدين الأتاسي، برقية حملها إليه أحمد جبًة سفير الـ.ج .ع.م في سورية، وهذا نصها:
الأخ الرئيس نور الدين الأتاسي:
إنني أعتقد أن "إسرائيل" على وشك حشد كل قواتها ضد سورية من أجل تدمير الجيش السوري، وأنا أرى للأسباب نفسها التي دفعتني إلى ذلك، أن أنصحك بالموافقة على قرار قبول وقف إطلاق النار، وإنهاء كل الأعمال الحربية، وإخطار يوثانت السكرتير العام للأمم المتحدة، على الفور، من أجل الحفاظ على جيش سورية العظيم.
لقد خسرنا هذه المعركة، وعسى الله أن يوفقنا في المستقبل.
أخوك
جمال عبد الناصر
أما النص الذي ذكره هيكل، وإن كان المضمون واحداً، فهو:
"إننا هُزمنا في هذه الجولة، والواجب يحتم علي في هذه الأوقات الحزينة أن أرجوكم في قبول وقف إطلاق النار على الجبهة السورية، فقد قررنا في مصر قبوله بعد الخسائر التي لحقت بنا، وإني أفعل ذلك بحس المسؤولية القومية وبقلب مثقل بالهموم، ودافعي إلى هذا الطلب هو الحرص على سلامة الجيش السوري، وعلينا أن ندخر ما تبقى من قوانا لمرحلة أخرى.
جمال عبد الناصر
و تبين فيما بعد أن المخابرات "الإسرائيلية" التقطت هذه البرقية التي أُرسلت لاسلكياً.
لقد قررت قيادة الحزب ليل 8 - 9 حزيران، و بعد مناقشتها رسالة الرئيس ناصر، وبأغلبية أعضائها - تم الاتصال، هاتفياً مع الأعضاء الموجودين في مراكز المحافظات لمعرفة وجهة نظرهم - موافقتها على قرار مجلس الأمن، كما أبلغت الخارجية السورية هذه الموافقة إلى أوثانت وإلى القيادة السوفييتية بواسطة السفير السوفييتي في دمشق، ولكن "إسرائيل" بالتواطؤ مع الولايات المتحدة لم تلتزم بما كانت قد أبلغت به مجلس الأمن بالموافقة، واستمرت في عدوانها حتى ليل 9- 10 حزيران وأتمت تنفيذ خططها باحتلال جزء من الهضبة.
كان "دايان" يخشى من تدخل سوفييتي لذا منع قائد الجبهة الشمالية دافيد أليعازر من تجاوز الحدود السورية حتى صباح يوم التاسع من حزيران، حيث بدأ الاختراق "الإسرائيلي" للمرتفعات من جنوبي موقعي تل العزيزيات وتل الفخار باتجاه موقع القلع، وكانت معركة تل الفخار من أشد المعارك، وقال عنها أليعازر: (إذا ما زرتم مستشفى رامبام ستسمعون الكثير عن هذه المعركة، لقد نشبت معركة بالأيدي في ذلك المكان، وقتال بالكفوف والسكاكين والأسنان وبكعاب البنادق، وقد استمرت هذه المعركة ثلاث ساعات).
ودارت طوال هذا اليوم معارك ضارية ألحقت بالعدو الذي لاقى عناء في تقدمه، خسائر كبيرة، وتحت غطاء جوي كثيف تابعت قوات العدو تقدمها، ووفق ما أورده رابين في مذكراته: (كان الجيش السوري يقاتل بضراوة، ويلحق بنا خسائر فادحة، وقد استعمل جنودنا كل مهارتهم وكل شجاعتهم كي يشقوا لأنفسهم طريقاً في شبكة الطرق الجبلية التي تصل بين تحصينات السوريين الذين كانوا يبدون غير مبالين بالطوفان الناري الذي كان ينهال عليهم، وقد جرى القتال بالسلاح الأبيض في أماكن عديدة).
أطلع وزير الدفاع مساء 9/6 قيادة الحزب (الأعضاء المتواجدون في دمشق، لأن أغلب أعضاء قيادة الحزب كانوا قد توزعوا على المحافظات) على مجريات المعارك والخرق الذي حصل في القطاع الشمالي، من الجبهة وطلبت القيادة منه القيام بهجوم معاكس في منتصف ليلة 9-10 لطرد القوات المعادية، ولكن هذا الهجوم فشل فشلاً كبيراً، لعدم التمكن من تهيئة بعض القوات المكلفة به، إذ لم يتمكن أحد قادة الألوية من تجهيز لوائه للانتقال من وضعية الدفاع إلى وضعية الهجوم، والكتيبة المدرعة التي تقدمت ليلاً ضلّت طريقها وتوجهت نحو تل أحمر قرب قرية بقعاتا، وظن قائد اللواء المرابط في المنطقة أنها قوات معادية وطلب من قيادة الجيش نقل مقر قيادته إلى خط الدفاع الثاني، وكان من المفروض أن يتأكد من صحة ما شاهده و ما ظنه تشكيلاً معادياً، من مقر القيادة الميدانية لتشكيله الموجودة في موقع تل أحمر غربي قرية بقعاتا، ، ولما أدرك قائد الكتيبة أنه ضلّ الطريق، أمر كتيبته بالعودة ووصل في صباح 10/6 إلى سفوح تل أبو الندى المشرفة على مدينة القنيطرة متوجهاً نحو مقر لوائه قريباً من المدينة، وظنت قوات الاستطلاع أنها قوات معادية وأبلغت قيادة الجيش بمشاهدتها، وعلى ضوء هذه المعلومات أذاع الناطق العسكري باسم قيادة الجيش البلاغ الأول حول سقوط المدينة، وبعد قليل، لما تبين خطأ المعلومات، عادت الإذاعة لتذيع حول المقاومة الباسلة في القنيطرة ضد العدو الصهيوني*.
وفي اجتماع القيادة هذا، تقرر بناء على اقتراح عضو قيادة الحزب، رئيس مكتب القومي عبد الكريم الجندي إطلاق جميع المعتقلين السياسيين من مدنيين وعسكريين.
ورغم إعلان العدو التزامه بوقف إطلاق النار بدءاً من الساعة 8 و 30 د. من صباح يوم السبت 10/ 6، ولكنه استمر في عدوانه و تقدمت قواته على جميع المحاور من التوافيق على الحدود الأردنية إلى بانياس على سفوح جبل الشيخ ، حتى وصل إلى أهدافه ودخل مدينة القنيطرة في الساعة الثانية والنصف ظهراً، وبعدها أذيع البلاغ العسكري 66 تاريخ 10/6 عن سقوط القنيطرة، وعلى أثر هذا التوغل، أصدر وزير الدفاع أوامره بالانسحاب الكيفي للقوات المحتشدة في الجبهة.

توقفت الأعمال القتالية في الساعة 6 و0 3 د. من مساء يوم 10 / 6، ورغم ذلك قام العدو، في يوم 12/ 6 بإرسال وحدة محمولة بطائرات الهليوكبتر للسيطرة على إحدى قمم جبل الشيخ.

من كتاب مروان حبش (البعث وثورة آذار)